بوتفليقة يدعو إلى التحرر من التبعية المفرطة للنفط

دعا إلى الاستلهام من رؤى رائد النهضة الجزائرية بن باديس

عبد العزيز بوتفليقة
عبد العزيز بوتفليقة
TT

بوتفليقة يدعو إلى التحرر من التبعية المفرطة للنفط

عبد العزيز بوتفليقة
عبد العزيز بوتفليقة

دعا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى «الاستلهام من رؤية الشيخ عبد الحميد بن باديس»، رائد نهضة البلاد في فترة الاستعمار الفرنسي، «لنتحرر من تبعيتنا المفرطة للمحروقات، حتى وإن كانت نعمة على الجزائر».
يأتي ذلك في وقت يحتدم فيه جدل حاد بين سياسيين ومهتمين بالتراث الإسلامي حول «المواقف الحقيقية للشيخ بن باديس حول التحرر من الاستعمار»، وذلك بمناسبة مرور 77 سنة على وفاته (16 أبريل/نيسان 1940).
وقال بوتفليقة في خطاب بالمناسبة، نشرته أمس وكالة الأنباء الحكومية، إن البلاد «تعيش في ظروف مالية صعبة جراء تضارب أسعار النفط في الأسواق الدولية، لذا يجب علينا أن نستلهم من رؤية شيخنا الفاضل عبد الحميد ابن باديس.. رؤية سمحت للأسلاف بتحرير الجزائر، لكي نحشد عزائمنا لنتحرر من تبعيتنا المفرطة للمحروقات». لكن الرئيس لم يذكر بأي طريقة يمكن التغلب بها على الأزمة المالية، عبر العودة إلى الماضي. إلا أن كلامه يعكس حقيقة الورطة التي تتخبط فيها الحكومة، بسبب عجزها عن إيجاد حل لمعضلة شح الموارد المالية.
ومما جاء في خطاب الرئيس «لقد كان ابن باديس، رحمه الله، يدرك بعمق أن أخطر آفة تهدد الأمة بالقضاء على كيانها، إنما هي في زرع الفرقة والفتنة بين أبناء الشعب الواحد. وبهذا الوعي الوطني الرفيع، ومن خلال منهجه الإصلاحي، تمكن ابن باديس ورفاقه وطلبته وبقية أبناء الجزائر المخلصين من إحباط مؤامرة المستعمر التغريبية، التي استهدفت ضرب الوحدة الوطنية أرضا وشعبا ومصيرا، وإلغاء هوية الأمة ودينها وثقافتها ولغتها، حيث ركز هؤلاء الخيرون جهودهم في حقل التربية والتعليم، وفي حقل الصحافة والإعلام، وفي نطاق الحياة العامة والشؤون الاجتماعية».
ويتم حاليا في وسائل الإعلام والأوساط الثقافية استحضار مواقف بن باديس و«جمعية العلماء المسلمين الجزائريين»، التي أسسها وقادها في ثلاثينات القرن الماضي. ويقول فريق من المهتمين بمسيرة الشيخ إنه «قاوم الاستعمار بأسلوبه الخاص» عن طريق حربه، التي عرف بها ضد التصوف والشعوذة والجدل والجهل الذي كان منتشرا، فيما يقول فريق آخر إنه وقف ضد تفجير الثورة، لما دقت ساعتها في 1 نوفمبر (تشرين الثاني) 1954، وكانت حجته آنذاك أن المجتمع الجزائري «لم يتهيأ لا نفسيا ولا ماديا لطرد المستعمر الفرنسي»، وظلت تهمة «خذلان الثورة» تلاحق «جمعية العلماء» إلى يومنا.
وفي هذا السياق اعتبر خطاب بوتفليقة بمثابة دفاع عن الشيخ والداعية الكبير ضد منتقديه.
وقال الرئيس «إن الخوض في حياة الإمام الشيخ، وفي تعدد مناقبه ومآثره وأفضاله على أبناء وطنه وتحليل أفكاره، هو شأن متروك للعلماء والباحثين المختصين. ولكن ما أرغب في تأكيده اليوم هو إلمامه الواسع بأمور الدين والدنيا، وتفتحه على ثقافة العصر، ومساواته بين أبناء الوطن من بنين وبنات، ودفاعه القوي عن الهوية الوطنية... ولكل الآفات الاجتماعية، وهي فضائل جعلت منه إنسانا عالميا ومصلحا بامتياز».
يشار إلى أن بوتفليقة لم يخاطب الجزائريين بشكل مباشر منذ نحو 5 سنوات بسبب تعرضه لجلطة دماغية أفقدته التحكم في حواسه، ويحدثهم في المناسبات والأعياد عن طريق رسائل يقرأها أحد وزرائه.أما المؤتمرات في الخارج فيحضرها بدلا عنه إما رئيس الوزراء عبد المالك سلال، أو وزير الخارجية رمضان لعمامرة، أو رئيس «مجلس الأمة» (الغرفة الثانية بالبرلمان) عبد القادر بن صالح، الذي هو الرجل الثاني في الدولة بحسب الدستور.
وأضاف الرئيس في خطابه أن «ترسيم الأمازيغية لغة وطنية ورسمية للشعب الجزائري بعد 5 عقود من الاستقلال، ينحصر كذلك في التحليل العلمي والمتبصر لشيخنا العلامة الفاضل، عندما قال إن الشعب الجزائري أمازيغي عربه الإسلام». ومن أكثر ما اشتهر به الشيخ بن باديس قوله «شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب».
وتابع بوتفليقة موضحا «لقد حرصت الجزائر على تعميم التدريس والعلم في سياق مجهودات الشيخ عبد الحميد ابن باديس ورفقائه، الذين نشروا شبكة من المدارس الوطنية رغم طغيان الاستعمار. كما أن هذا الحرص للجزائر المستقلة على تعميم التعليم، لهو أيضا ثأر على عهد الحرمان والظلامية والتهميش الذي رافق فقدان حريتنا. بالفعل، يحق للجزائر اليوم أن تفخر بوجود ربع شعبها في مدرجات المدارس والثانويات والجامعات ومراكز التكوين. ويحق للشعب الجزائري كذلك أن يفخر بتعميم وجود جميع مرافق العلم والمعرفة، بما ذلك الجامعة في كل ربوع الوطن، وجميع ولايات بلادنا. ويحق لشعبنا أن يسجل باعتزاز اقتراب بلادنا من نسبة 100 في المائة بخصوص تعليم بناتنا وبنينا».



وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
TT

وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)

ناقشت اللجنة الوزارية الخماسية بشأن غزة، الأربعاء، مع ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، خطة إعادة إعمار القطاع التي أقرتها القمة العربية الطارئة في القاهرة بتاريخ 4 مارس (آذار) الحالي.

جاء ذلك خلال اجتماع استضافته الدوحة، بمشاركة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، والشيخ محمد بن عبد الرحمن رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، والدكتور أيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، والدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، وخليفة المرر وزير الدولة بوزارة الخارجية الإماراتية، وحسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وبحث المشاركون تطورات الأوضاع في غزة، واتفقوا على مواصلة التشاور والتنسيق بشأن الخطة كأساس لجهود إعادة إعمار القطاع، بحسب بيان صادر عن الاجتماع.

بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)

وأكد الوزراء العرب أهمية تثبيت وقف إطلاق النار في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددين على ضرورة إطلاق جهد حقيقي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، بما يضمن تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

وجدَّدوا تأكيد الحرص على استمرار الحوار لتعزيز التهدئة، والعمل المشترك من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، عبر تكثيف الجهود الدبلوماسية، والتنسيق مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.

وسبق الاجتماع لقاء للوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني، في الدوحة، بحثوا خلاله «سبل الترويج وحشد التمويل للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، لا سيما في ظل استضافة مصر للمؤتمر الدولي لإعادة الإعمار بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة الفلسطينية، وبحضور الدول والجهات المانحة»، بحسب الخارجية المصرية.

من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)

كان الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة (غرب السعودية)، الجمعة الماضي، قد أكد دعم الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، مع التمسُّك بحق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه.

ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في تصريحات أعقبت «اجتماع جدة»، إن الخطة أصبحت عربية - إسلامية، بعد تبنّي واعتماد «الوزاري الإسلامي» جميع مخرجات «قمة القاهرة»، مؤكداً السعي في الخطوة المقبلة لدعمها دولياً، عبر تبنيها من قِبل الاتحاد الأوروبي والأطراف الدولية؛ كاليابان وروسيا والصين وغيرها، للعمل على تنفيذها.

بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)

وأشار الوزير المصري إلى تواصله مع الأطراف الدولية بما فيها الجانب الأميركي، وقال إنه تحدّث «بشكل مسهب» مع مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط عن الخطة بمراحلها وجداولها الزمنية وتكاليفها المالية. وأضاف أن ويتكوف تحدث عن عناصر جاذبة حولها، وحسن نية وراءها.

إلى ذلك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، في بداية اجتماع بالبيت الأبيض مع رئيس الوزراء الآيرلندي مايكل مارتن: «لن يطرد أحد أحداً من غزة».

من جهته، دعا رئيس الوزراء الآيرلندي خلال لقائه ترمب، إلى وقف إطلاق النار في غزة، وقال: «نريد السلام، نريد إطلاق سراح الرهائن»، مضيفاً: «يجب إطلاق سراح جميع الرهائن، ويجب إدخال المساعدات إلى غزة».