في عيون سوريتين نازحتين تفجير الحافلات نهاية مأساوية

في عيون سوريتين نازحتين تفجير الحافلات نهاية مأساوية
TT

في عيون سوريتين نازحتين تفجير الحافلات نهاية مأساوية

في عيون سوريتين نازحتين تفجير الحافلات نهاية مأساوية

عانت أم سورية شيعية اسمها نهى وأخرى سنية تدعى سميرة الحصار لقرابة عامين في خضم الحرب الأهلية إلى أن انتهى أخيرا في مطلع الأسبوع الحصار الخانق بموجب اتفاق للإجلاء.. لكن محنتهما لم تنته.
وبينما كانت السوريتان تنتظران في نقطتي انتقال تفصل بينهما أميال خارج حلب، استهدف تفجير قافلة حافلات كانت نهى فيها مما أسفر عن سقوط أكثر من 120 قتيلا بينهم عشرات الأطفال. وبعد أن نقلت سيارات الإسعاف المصابين جاءت حافلات جديدة ووصلت القافلتان أخيرا إلى وجهتيهما وإحداها في أراض تحت سيطرة النظام والأخرى في منطقة تسيطر عليها المعارضة المسلحة.
وقبل ساعات من الهجوم الذي وقع يوم السبت تحدثت سميرة ونهى إلى رويترز عما تركتاه وراءهما وعن أسرتيهما اللتين تفرقتا واحتمال ألا تعودا إلى ديارهما أبدا.
ولم يسمح لـ«رويترز» باجتياز الأمن لمحاولة البحث عن نهى بعد الانفجار كما فقدت الاتصال بسميرة بعد الحديث معها عبر هاتف نازح آخر.
وقالت نهى التي تبلغ من العمر 45 عاما طالبة الاكتفاء بذكر اسمها الأول: «خسرنا كل شيء... والله ما بعرف أنا ماني متوقعة نرجع... نتمنى نرجع». وغادرت نهى الفوعة، إحدى القريتين الشيعيتين اللتين يحاصرهما مقاتلو المعارضة بمحافظة إدلب، مع أصغر طفلين من بين أبنائها وخمسة آلاف شخص آخرين بموجب اتفاق بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة.
في المقابل سُمح لألفين من السكان السنة ومقاتلي المعارضة في بلدة مضايا، مسقط رأس سميرة، التي تحاصرها النظام قرب دمشق بالخروج الآمن ونقلوا في حافلات إلى محافظة إدلب، وهي معقل للمعارضة، عبر حلب.
وخرج آلاف السوريين من مناطق محاصرة في الشهور القليلة الماضية بموجب اتفاقات بين النظام والمعارضة التي تحارب منذ ست سنوات للإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
ويقول مقاتلو معارضة إن الاتفاقات تصل إلى حد النزوح القسري لمعارضي الأسد عن المراكز الحضرية الرئيسية في غرب البلاد، وتنذر بإحداث تغيير سكاني لأن معظم المعارضين ومعظم سكان سوريا من السنة.
وقالت سميرة البالغة من العمر 55 عاما والتي انتقلت مع أبنائها الذكور الخمسة البالغين إنه لم يكن أمامهم من خيار وإنهم اضطروا للمغادرة بسبب الخوف. كانت سميرة تخشى أن يُعتقل أبناؤها أو يجبروا على الانضمام إلى جيش النظام والقتال بمجرد دخول قواته البلدة.
ومثل نهى، شعرت سميرة بالارتياح لفرارها من حصار خانق تسبب في انتشار الجوع، بل والمجاعة في حالة مضايا، لكنها تركت كل شيء وراءها بما في ذلك أسرتها. وقالت إنها كانت تملك ثلاثة منازل ومزرعة وثلاثة متاجر في مضايا لكنها الآن لا تملك ليرة سورية واحدة. وأضافت أن ابنتها الحامل في طفلها الثالث بقيت في مضايا لأن زوجها تعهد بالبقاء في البلدة حتى الموت. ولا تعرف سميرة شيئا عن زوجها منذ أن اعتقلته السلطات السورية قبل قرابة أربع سنوات.
قالت سميرة إنها ستحاول الهجرة بعد أن خسرت كل شيء ومع عدم وجود مكان للعيش فيه في إدلب سوى المخيمات. وإنها لا تريد أن تكون في إدلب التي لا تعرف فيها أحدا وإنها لا تعلم أيضا متى وأين ستقصف الطائرات، في إشارة لقصف مكثف من مقاتلات روسية وسورية على مناطق في إدلب خاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة بما في ذلك هجوم وقع مؤخرا بغاز سام. وأضافت أن ما تخطط له هو محاولة الوصول لتركيا لمغادرة سوريا للأبد.
وكانت نهى أيضا متجهة صوب المجهول. وقالت: «يبقوا يعطونا محل يليق فينا...أقل شيء يضمنون لنا الأمان». وبقي ابنها وابنتها البالغان في الفوعة لكنهما يأملان في المغادرة في المرحلة المقبلة من اتفاق الإجلاء. وقتل زوج نهى لكنها لم تقل كيف حدث ذلك.
وقالت المرأتان إنهما ما كان لهما أن تغادرا بلدتيهما على الإطلاق لولا الحصار الخانق الذي أدى لنقص حاد في الغذاء والدواء والتغير التدريجي في السيطرة في كل منطقة. لكن مع عدم وجود نهاية تلوح في الأفق للحرب التي قتلت مئات الآلاف لا يرى النازحون أملا في عودة قريبة لمنازلهم.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.