أظهرت تصريحات لمسؤولين في السلطة الفلسطينية وحركة حماس صعوبة التوصل إلى اتفاق لإنهاء الانقسام، أثناء زيارة مرتقبة لوفد من اللجنة المركزية لحركة فتح إلى قطاع غزة، وهي الزيارة التي يفترض أن تتم قبل نهاية الشهر، التي سيقدم خلالها وفد «فتح» مبادرة لحركة حماس، إما أن تقبلها أو يتخذ الرئيس الفلسطيني محمود عباس إجراءات وصفها بأنها ستكون «غير مسبوقة» ضد الحركة الإسلامية.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني إن وفد حركة فتح الذي سيتوجه إلى قطاع غزة سيضع خيارين أمام حركة حماس: «إما حل حكومة الأمر الواقع (اللجنة الإدارية التي شكلتها حماس لإدارة غزة) وإتاحة المجال أمام حكومة الوفاق الوطني لتولي كل المهام في القطاع، وإما تشكيل حكومة وحدة وطنية والتحضير لانتخابات تشريعية ورئاسية».
وأضاف مجدلاني: «أنه في حال رفضت (حماس) ذلك، فإن عليها تحمل مسؤولياتها في القطاع»، محذراً أنه «في الوقت الذي تسعى فيه حركة فتح إلى الحوار مع (حماس) واتباع كل الوسائل لإنهاء الانقسام، فإن (حماس) تسعى للانتقال به إلى الانفصال، عبر منح إشارات سياسية لحكومة الاحتلال بأنها جاهزة للحل الإقليمي الخاص بإقامة دولة في قطاع غزة، وتقاسم وظيفي في الضفة».
وجاء تصريح مجدلاني ليؤكد ما نشرته «الشرق الأوسط» في وقت سابق حول نية الرئيس الفلسطيني اتخاذ إجراءات أكثر صعوبة ضد «حماس» إذا لم تستجب لطلبات وفد المركزية، ومن بينها وقف رواتب وإلغاء أي إعفاءات ضريبية، ووقف أي تمويل لشراء الكهرباء والغاز والوقود، في محاولة لحشر «حماس» في الزاوية، وإجبارها على تسليم القطاع، وصولاً إلى قرارات سياسية أصعب.
ولجأت السلطة بداية الشهر الحالي إلى فرض خصومات مالية تصل إلى أكثر من 30 في المائة على رواتب موظفيها في قطاع غزة، قبل أن يهدد الرئيس بخطوات أخرى لم يحددها.
وقال عباس قبل أيام إنه سيتخذ «خطوات حاسمة غير مسبوقة» خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن الانقسام الفلسطيني الداخلي المستمر منذ 10 أعوام.
وكرد فعل على هذه الإجراءات واصلت حركة حماس هجوماً غير مسبوق ضد عباس، وطالبت أمس أعضاء وفد مركزية «فتح»، بحسم أمرهم بين «الشراكة مع أبو مازن في عدوانه على غزة، أو الانضمام إلى خيار القطاع المحاصر»، إذ قال الناطق باسم حماس فوزي برهوم في بيان إن «على أعضاء وفد مركزية (فتح) أن يحسموا أمرهم، وأن يختاروا ما بين الشراكة مع أبو مازن في العدوان الرابع والمستمر على غزة وحصار أهلها، أو الانضمام إلى خيار غزة المحاصرة الغاضبة الثائرة، خيار الشعب الفلسطيني في مواجهة كل المؤامرات».
وكان برهوم قد اتهم عباس بأنه يقود بالوكالة عدواناً رابعاً على قطاع غزة.
وتشير تصريحات مجدلاني من جهة، وبرهوم من جهة ثانية، إلى الفجوة الكبيرة بين السلطة وحماس، والتي ستصعب الاتفاق.
وفوق ذلك شن الناطق باسم حركة حماس سامي أبو زهري، هجوماً على وفد «فتح» نفسه، إذ قال أبو زهري إن «التهديدات (التويترية) الصادرة عن أعضاء وفد فتح لأهل قطاع غزة تؤكد أن مهمة هذا الوفد خلق حالة من الانفصال وليس العكس».
وأضاف في تغريدة له عبر حسابه على «تويتر» أن «تهديدات قيادة فتح لغزة لن تفلح في تركيع أهلها، وعلى هذه القيادة أن توقف التنسيق الأمني مع الاحتلال بدلاً من التفاخر بتهديد أهل غزة».
وذهب القيادي في «حماس» أحمد بحر، إلى اعتبار جميع أعمال وإجراءات الرئيس عباس غير شرعية وباطلة، كون ولايته انتهت في يناير (كانون الثاني) 2009، حسب قوله.
وكان المجلس الوطني الفلسطيني، بصفته أعلى مرجعية فلسطينية، قد مدّد لعباس ولايته ولأعضاء المجلس التشريعي الذي ظل يجتمع في غزة بكتلة «حماس» فقط، ويصدر قرارات وتشريعات خاصة بالقطاع.
ورد المتحدث باسم حركة فتح أسامة القواسمي في بيان قائلاً إن «رسائل التهديد والابتزاز والتصريحات الإعلامية المزيفة التي تبعث من قطاع غزة منذ الإعلان عن تشكيل وفد من اللجنة المركزية للتوجه للقطاع، هدفها إفشال الحوار».
وحتى الآن طالت الأزمة الكبيرة بين السلطة و«حماس» قطاعين: قطاع الموظفين وقطاع الكهرباء، لكنه يتوقع أن تطال جوانب أكثر إذا استمرت.
وأمس تفاقمت أزمة الكهرباء في قطاع غزة، بعد تعطل أحد الخطوط المصرية. وقالت شركة «توزيع الكهرباء في قطاع غزة» إن «عجز الطاقة يصل لقرابة 300 ميغاواط»، موضحة أن القطاع يحتاج من 450 إلى 500 ميغاواط يومياً.
وبحسب الشركة التي تسيطر عليها «حماس» فإن مجموع الطاقة المتوفرة هو 133 ميغاواط. ودعت الشركة كل الأطراف للتوصل إلى حلول سريعة لتفادي الانعكاسات الخطيرة المترتبة على نقص كميات الكهرباء.
وأعادت سلطة الطاقة في قطاع غزة أمس تحميل حكومة التوافق مسؤولية انقطاع الكهرباء. فيما قال فتحي الشيخ خليل، نائب رئيس سلطة الطاقة، إن تكلفة تشغيل مولديْن في محطة الكهرباء شهرياً، بعد فرض الضرائب، ترتفع من 20 مليون شيقل إسرائيلي إلى 50 مليوناً، مطالباً الحكومة في رام الله بإلغاء الضرائب، مؤكدا أن التيار الكهربائي سيصل للسكان لمدة 4 - 6 ساعات، يتبعها انقطاع لمدة 12 ساعة. كما حذّر خليل من تراجع الخدمات المقدمة من قبل القطاعات «الحيوية» جرّاء انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة.
وكانت سلطة الطاقة قد أعلنت أول من أمس عن توقّف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع عن العمل. وجاء إعلان وقف المحطة عن العمل بعد انتهاء الدعم الذي قدمته كل من تركيا وقطر.
وتقول الحكومة الفلسطينية إنها أعفت سلطة الطاقة في غزة من الضرائب على الكهرباء، لفترة طويلة، وإنها ملتزمة بتسديد فواتير بدل شراء الكميات اللازمة والمطلوبة للاستمرار في تغطية كهرباء قطاع غزة من الجانبين المصري والإسرائيلي، لكن شركة توزيع الكهرباء، التي تسيطر عليها «حماس» في غزة، قامت خلال الأشهر الثلاثة الماضية بجباية أثمان الكهرباء دون أن تسدد من حاصل جبايتها لأي جهة، وأن المبالغ التي قامت بجبايتها التي تقدر بـ100 مليون شيقل قادرة على تغطية شراء وقود المحطة بالكامل.
«فتح» تصرّ على تسلم غزة و «حماس» تواصل هجومها على عباس
مواقف الحركتين تظهر صعوبة التوصل إلى اتفاق لإنهاء الانقسام
«فتح» تصرّ على تسلم غزة و «حماس» تواصل هجومها على عباس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة