برزت في اليومين الأخيرين بوادر خلاف مبكر حول الزعامة المقبلة لـ«التحالف الوطني» الشيعي قبل نحو 5 أشهر من انتهاء ولاية رئيسه الحالي عمار الحكيم، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي، حيث يشترط نظامه الداخلي أن تكون فترة الرئاسة سنة دورية واحدة يتولاها أحد أعضاء مكوناته الثمانية.
وتتألف قيادة التحالف الحالية من رؤساء كتله ومكوناته السبعة (بعد انسحاب كتلة الصدر)، وهي كل من حزب الدعوة الإسلامية بزعامة نوري المالكي، ومنظمة بدر برئاسة هادي العامري، وحزبي «الفضيلة» و«الدعوة تنظيم العراق»، وكتلة «مستقلون»، والمجلس الإسلامي الأعلى برئاسة عمار الحكيم، وكتلة «الإصلاح» بزعامة وزير الخارجية إبراهيم الجعفري.
وكان الحكيم قد انتخب لشغل المنصب خلفا لإبراهيم الجعفري في سبتمبر (أيلول) 2016.
ويرصد المراقبون مجموعة عوامل محتملة لصراع على منصب الرئيس المقبل بين أعضاء وكتل التحالف، ففي وقت دعا رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم الأسبوع الماضي (قبل 5 أشهر من انتهاء ولايته)، إلى البدء في إجراءات اختيار الرئاسة المقبلة للتحالف، وذلك قد يكون مؤشرا على الخشية من خلافات محتملة.
يصر أعضاء من ائتلاف «دول القانون» على أن رئيسه نوري المالكي هو المرشح الأوفر حظا لتولي رئاسة التحالف المقبلة، رغم الخلاف حول شخصية المالكي داخل قوى التحالف، إذ يعتبر أعضاء في التيار الصدري رغم انسحابهم من التحالف، ترشيح المالكي بداية لعودة «الديكتاتورية»، (ولعل في ذلك إشارة إلى أن خروجهم من التحالف مرتبط بخلافهم مع المالكي)، حتى أن نائب رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري جعفر الموسوي أعلن في بيان أمس، أن «كتلة الأحرار ليست جزءا من التحالف الوطني»، معتبرا أن اختيار أي شخصية لرئاسة التحالف الوطني لا يعني التيار الصدري، وهو أمر «يعود بكل الأحوال للتحالف الوطني نفسه ولا علاقة لنا به».
لكن العضو القيادي في المجلس الإسلامي الأعلى محمد جميل المياحي، يؤكد أن الحديث عن مرشح جديد للتحالف الوطني «سابق لأوانه». ويرى في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن دعوة عمار الحكيم المبكرة لاختيار رئيس جديد للتحالف، تعود إلى رغبته في «حسم الموضوع وعدم تأخره، كما حدث سابقا مع إبراهيم الجعفري، إذ استمرت المفاوضات نحو سنتين لاختيار الرئيس الجديد». وبرأيه، فإن تأخر حسم الرئيس أو الخشية من ذلك لا تؤشر إلى اختلافات «عميقة» داخل التحالف الوطني؛ لأن «منصب الرئاسة محور تفاهمات وتوافق وليس من السهل حسمه في يوم أو يومين، والسيد عمار دعا مبكرا لإثبات حسن النية وإعطاء درس للآخرين بعدم التمسك بالمنصب واحتكاره».
وتأسس التحالف الوطني في أغسطس (آب) 2009، حيث أعلن عن تشكيله إبراهيم الجعفري بهدف توحيد موقف القوى الشيعية في الانتخابات النيابية العامة التي جرت عامي 2010 و2014. ورغم محاولات أطرافه إضفاء طابع وطني عليه، فإن الصبغة الطائفية التي طبعت جميع مكوناته حالت دون ذلك، وبقي التحالف يمثل الطيف السياسي الشيعي، ومع تقاطع التيار الصدري مع أغلب مكوناته، فإن من غير المحتمل بقاء تماسك التحالف قائما في الانتخابات النيابية العامة مطلع العام المقبل.
وبرأي عدد غير قليل من المراقبين، فإن فكرة تأسيس التحالف استندت إلى هدف «احتفاظ الشيعة برئاسة الوزراء من خلال تحقيق الأغلبية البرلمانية».
من جهة أخرى، أعلن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إغلاق الهيئة الاقتصادية التابعة لتياره، في خطوة يراد بها «استكمال مشروع الإصلاح الخاص والعام» كما ذكر بيان أصدره الصدر أمس.
ووجه الصدر انتقادات لاذعة للقائمين على هيئته الاقتصادية، متهما إياهم بـ«الإساءة» لسمعة آل الصدر و«الفساد والتلاعب بقوت الشعب»، معتبرا أن «أغلبهم انتفعوا انتفاعاً شخصياً ضاربين بالمصالح العامة للتيار وغيره عرض الجدار». ودعا الحكومة إلى اتخاذ الإجراءات الصارمة مع كل من يخالف هذا القرار. ويأتي قرار الصدر بعد سنوات من تأسيس «الهيئة الاقتصادية» للتيار التي شكلت لإدارة القضايا المالية المتعلقة بتيار كبير ينحدر أغلب مؤيديه من المناطق الشعبية. على أن من غير المعروف على وجه الدقة تاريخ تأسيس الهيئة.
وأبلغ عضو ناشط في التيار الصدري «الشرق الأوسط» أن «كثيرين لا يعلمون شيئا عن أمر الهيئة الاقتصادية وما هي طبيعة عملها وتاريخ تأسيسها، ربما يعرف عنها المقربون جدا من مقتدى الصدر».
ويتهم خصوم التيار الصدري «الهيئة الاقتصادية» بالتدخل في عمل الوزارات الحكومية والضغط باتجاه الحصول على مشروعات الإعمار والاستثمار فيها. كما تتهم باستيلائها على أغلب المناقصات والمشروعات التي قامت بها الوزارات التي سيطر عليها الوزراء الصدريون.
وكان مقتدى الصدر، قد شكل قبل أكثر من عام لجنة خاصة بتياره مهمتها محاربة ما أسماهم «دواعش الفساد»، ونجحت اللجنة في إعادة بعض الأموال التي سيطر عليها بعض المحسوبين على تياره من المواطنين العاديين، سواء كانت أموالا عينية أو نقدية.
بوادر خلاف مبكر حول رئاسة «التحالف الوطني»
الصدر يغلق «الهيئة الاقتصادية» لتياره متهماً إياها بالفساد
بوادر خلاف مبكر حول رئاسة «التحالف الوطني»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة