«قوات سوريا الديمقراطية» تدخل ضواحي مدينة الطبقة

«داعش» فجّر أكثر من 20 سيارة مفخخة خلال أسبوع واحد

عناصر من المعارضة السورية يعدون لعمليات ضد قوات النظام في أحد أحياء دمشق أمس (غيتي)
عناصر من المعارضة السورية يعدون لعمليات ضد قوات النظام في أحد أحياء دمشق أمس (غيتي)
TT

«قوات سوريا الديمقراطية» تدخل ضواحي مدينة الطبقة

عناصر من المعارضة السورية يعدون لعمليات ضد قوات النظام في أحد أحياء دمشق أمس (غيتي)
عناصر من المعارضة السورية يعدون لعمليات ضد قوات النظام في أحد أحياء دمشق أمس (غيتي)

دخلت ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي يشكل الأكراد معظم عناصرها وتدعمها واشنطن، أمس السبت، إلى ضواحي مدينة الطبقة الواقعة في غرب محافظة الرقة بشمال سوريا. ويأتي هذا التقدم في سياق معركة «غضب الفرات» التي يهدف الأكراد عبرها إلى السيطرة على معقل تنظيم داعش في مدينة الرقة. وتواجه هذه الميليشيا عمليات شرسة يشنها عناصر التنظيم المتطرف يُستخدم في معظمها الانتحاريون والسيارات المفخخة.
نوروز، من «وحدات حماية المرأة» الكردية أبلغت «الشرق الأوسط» أنه تمت في الساعات الماضية السيطرة على ضاحية «عايد الصغير» الواقعة جنوب غربي الطبقة، لافتة إلى أن الميليشيا وصلت إلى مشارف المدينة من جبهة المطار وقرية الصفصافة، بعدما قطعت طريق «دمشق - الرقة - الطبقة». وأضافت: «قواتنا تحاول دخول أحياء المدينة، لكن حتى الآن لم يتم الوصول إلى الحارات؛ لأن التنظيم يستميت في الدفاع عن الطبقة، التي تُعتبر بوابة الرقة، وهو منذ أسبوع يهجم بكل قوة عبر انتحاريين وانغماسيين، فجروا نحو 20 سيارة مفخخة».
من جهة ثانية، أفاد قائد عسكري من «قسد» بسقوط 7 قتلى في صفوفها وجرح 15 آخرين وفقدان 3 خلال معارك مع عناصر «داعش» بريف الرقة الغربي، لافتاً في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية إلى أن «مقاتلي (غضب الفرات) سيطروا أمس السبت على قرية عايد صغير، أول أحياء مدينة الطبقة من الجهة الجنوبية الغربية، بعد معارك عنيفة مع مسلحي (داعش)». وبرر عجز «قسد» عن التقدم أكثر والدخول إلى أحياء مدينة الطبقة، بوجود ألغام زرعها عناصر من التنظيم المتطرف أجلت تقدم عناصر الميليشيا لحين نزع الألغام. وأيضاً، تحدثت وكالة «آرا نيوز» عن تفاصيل عملية الطبقة، لافتة إلى أن العملية بدأت بعد منتصف ليل الجمعة، بعد معارك عنيفة تمكن خلالها عناصر «قسد» من دخول أول أحياء الطبقة من الجهتين الشرقية والغربية. وأوضحت الوكالة، نقلاً عن مصادر، أن «داعش» حاول منع تقدم عناصر «قسد» بالمفخخات والألغام، حيث أسفر انفجار أحدها عن مقتل عنصرين من «قسد» ومدني في قرية عايد الصغير، مقابل مقتل 10 من عناصر «داعش».
من جانبه، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن دخول الطبقة القديمة جاء بعد سيطرة ميليشيا «قسد» على أجزاء واسعة من ضاحيتي الإسكندرية وعايد صغير الواقعتين في جنوب شرقي وجنوب غربي مدينة الطبقة. وحسب «المرصد» تدور حالياً معارك عنيفة بين «داعش» و«قسد»، بدأت ليل الجمعة/ السبت إثر هجوم للأخيرة على المنطقتين، ترافق مع دوي انفجارات عنيفة وقصف متبادل بين طرفي القتال، وسط تحليق لطائرات التحالف في سماء المنطقة، واستهدافها لمواقع وتمركزات للتنظيم في محاور الاشتباك. وذكر مدير «المرصد»، رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية أن ميليشيا «قسد» - التي تشكل ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية عمودها الفقري - باتت على بعد مئات الأمتار من الطبقة، على مقربة من سد الطبقة الأكبر في سوريا. وأكد عبد الرحمن التقارير عن معارك ضارية تجري في محيط ضاحية الإسكندرية الواقعة جنوب شرقي الطبقة، وضاحية عايد الصغير الواقعة جنوب غربي المدينة، مشيراً إلى أن «داعش» يشن هجوما مضادا منذ ساعات.
هذا، وتقع الطبقة على بعد نحو 55 كيلومترا غرب مدينة الرقة، أبرز معاقل التنظيم في سوريا. وتعد معركة الطبقة جزءاً من الهجوم الشامل المعروف باسم «غضب الفرات» الذي أطلقته ميليشيا «قسد» بدعم أميركي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لاستعادة الرقة. وجاء دخول ضواحي مدينة الطبقة بعد أسابيع من انتقال المعارك من ضفة الفرات الشمالية إلى الضفة الجنوبية للنهر، بعدما نفذت قوات أميركية بمشاركة من الميليشيا في 22 مارس (آذار) الماضي عملية إنزال مظلي من الجو بمنطقة الكرين الواقعة على بعد 5 كم غرب مدينة الطبقة، بالتزامن مع عبور لقوات أخرى منهم لنهر الفرات على متن زوارق باتجاه منطقة الكرين.
وفي جبهة الرقة الشمالية، قال مصدر مقرب من «قسد» إن 27 عنصراً من «داعش» قتلوا خلال المواجهات التي اندلعت ليل الجمعة في محيط قرية مشيرفة الشمالية في ريف الرقة الشمالي. وكانت الميليشيا قد أعلنت الأسبوع الماضي بدء المرحلة الرابعة من معركة تحرير ريف الرقة الشمالي من جهة بلدة حزيمة وخط البليخ الشرقي شمال المدينة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».