الاستثمار في القطاع الطبي يشهد نمواً هائلاً

الدول العربية مهتمة بشراكة واسعة خصوصاً مع ألمانيا

الاستثمار في القطاع الطبي يشهد نمواً هائلاً
TT

الاستثمار في القطاع الطبي يشهد نمواً هائلاً

الاستثمار في القطاع الطبي يشهد نمواً هائلاً

في الماضي، كان قطاع الطب محصورا بالاستشفاء وإنتاج العقاقير الطبية والفحوصات المخبرية وأعمال المختبرات الطبية؛ إلا أنه توسع اليوم بوجود مستشفيات متخصصة بأمراض معينة، وأخرى منها لمعالجة الأسنان أو الحد من تدهور قصر النظر أو المعالجات التجميلية... وتحقق هذه المؤسسات سنويا أرباحا ضخمة.
ويضاف إلى هذه اللائحة بالطبع شركات إنتاج العقاقير التي تباع إما في الصيدليات أو عبر الإنترنت وتجني الملايين، بالأخص العقاقير المعالجة للعجز الجنسي أو غيره.
وقبل أعوام، شهدت عدة دول حول العالم نشوء فكرة «السياحة العلاجية»، والتي ازدهرت وشهدت نموا ودفعا لكل من قطاعي السياحة والطب على السواء، كما أضافت دول عدة إلى قطاعها الطبي منتجاً صحياً «سياحياً»، يضم إلى جانب الطبابة التقليدية العلاجات الطبيعية، وما يسمى بعلاج الاسترخاء، وإعادة للتأهيل البدني بعد عملية جراحية صعبة.
هذا التطور الكبير يتطلب أماكن علاج غير تقليدية، لذا يشهد المرء اليوم منتجعات صحية ومستشفيات خاصة تضاهي بجمال هندستها أجمل المباني السكنية أو الفنادق الفخمة، تقوم بإنشائها مكاتب هندسية متخصصة لتصميم المستشفيات أو العيادات بشكل يتماشى مع المنتج الذي يعرض. ونتيجة لهذا التحول في الرعاية الصحية، أصبح قطاع الطب على أنواعه واحداً من أهم أعمدة الاقتصاد في عدة دول من بينها ألمانيا، حيث المؤسسات العاملة في هذا القطاع لا تنافس فقط قطاعات إنتاجية أخرى، بل وتطرح أسهما في سوق البورصة العالمية، ومنها شركات صناعة العقاقير والمستحضرات التجميلية والمنتجات الفخمة.
وفي هذا الصدد، يقول الخبير في سوق المال في مدينة فرانكفورت غابريال هيبالا إن قطاع الصحة يعتبر اليوم واحدا من أكثر وأسرع القطاعات نموا أيضاً في المستقبل؛ لأسباب ليس أقلها التغيير الديموغرافي وتطور الاكتشافات الطبية في كل فروعها، وتطوير النظم الصحة أيضا في الدول النامية وزيادة أنماط أمراض العصر.
ويذكر الخبير المالي بأن قطاع الصحة لا يتضمن فقط تطوير العقاقير ووسائل العلاجات أو التكنولوجيا الحيوية، بل أيضاً شركات الأجهزة الطبيعية والأدوية والشركات المصنعة لكل المعدات الطبية والأجهزة، ومنها الأطراف الاصطناعية التي تماشي التطور التقني، وكل هذا العناصر في نمو مطرد أيضاً مستقبلاً.
وهذا النمو الديناميكي انعكس على سوق البورصة عام 2016. ففي الوقت الذي ارتفع فيه مؤشر «إم إس سي آي» العالمي للبلدان الصناعية في هذا العام نحو 8 في المائة، ارتفعت قيمة أسهم قطاع الرعاية الصحية بنسبة 17 في المائة وزاد المساهمون فيها، وهذا يعني أن المكاسب التي تحققت ليست لشركات الأدوية ومصانع المعدات الطبية بسبب تطورها فقط، بل أيضاً نتيجة لنتائج البحوث الطبية الحيوية وكثير من المؤسسات.
* توقعات منظمة التعاون الاقتصادي: وتتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مضاعفة حجم سوق العناية الصحية في دولها الأعضاء حتى عام 2035، وبلوغه أربعة أضعاف حتى سنة 2060. ووفقا لدراسة وضعتها هذه المنظمة، فإن حصة الإنفاق لقطاع الصحة سيرتفع بنسبة نحو 10 في المائة عام 2030 من الناتج المحلي الإجمالي، ويعود الفضل في ذلك إلى تطوير الأجهزة التي تساهم في تحسين حياة الإنسان، ومن بينها الأطراف الاصطناعية المصنعة إلكترونيا وأجهزة السمع والنظارات شديدة التطور، وأيضاً فحص الأغذية... فالتنوع في المنتجات الغذائية والخدمات الصحية المتطورة من بين الآليات تمكن قطاع الصحة من النمو على المدى المتوسط والطويل.
* ازدياد الاهتمام بقطاع الصحة: والتطور في قطاع الرعاية الصحية وسع أيضاً أطر الاتصالات بين البلدان من أجل تبادل المعلومات والخبرات العملية والطبية، وهذا يظهر عبر كثافة اللقاءات والاجتماعات التي تجري في ألمانيا بين الأطباء أو المؤسسات العاملة في مجال الصحة، كما أنه يعتبر اليوم أحد أهم أعمدة العلاقات الألمانية العربية، والبرهان على ذلك المشاركة الكبيرة لشركات من الجانبين في كل ملتقى صحي تعقده غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية سنويا. حيث حضر الملتقى العاشر للصحة لهذا العام أكثر من 250 شخصية من صناع القرار وأصحاب الخبرات الطبية الواسعة والمتخصصين في القطاع الصحي من الجانبين العربي والألماني.
وفي كلمته الافتتاحية، نوه عبد العزيز المخلافي، الأمين العام للغرفة، إلى أهمية الشراكة العربية الألمانية في مجال الصحة باعتبارها مرتكزا رئيسيا من مرتكزات العلاقات الاقتصادية العربية الألمانية، وذكّر بأهمية الدور الذي يلعبه القطاع الخاص في العالم العربي في تحسين قطاع الخدمات الطبية وتطويره، كما أشار إلى أهمية الشراكة العربية الألمانية في مجال الصحة باعتبارها مرتكزا مهما من مرتكزات العلاقات الاقتصادية بين الطرفين.
وذكّر المخلافي بأهمية الدور الذي يلعبه القطاع الخاص في العالم العربي في تحسين قطاع الخدمات الطبية وتطويره على مختلفة الأصعدة. وحسب قوله، فمن المهم ألا يقتصر التعاون العربي الألماني على تصدير السلع والخدمات أو استقبال المزيد من الزوار العرب للسياحة العلاجية، لكن أيضاً يجب أن يقوم التعاون المستدام والارتباط على أساس الارتباط ببرامج التعاون العلمي بين المؤسسات والمستشفيات والشركات العربية الألمانية.
* قطاع الصناعة الطبية في ألمانيا: ويعد قطاع الصناعات الدوائية بالنسبة لبلدان كثيرة أحد أهم ركائز الاقتصاد الوطني، ووفقا لإحصائيات دولية حقق قطاع إنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية عام 2015 نحو 904 مليار دولار، كان للولايات المتحدة الأميركية الحصة الأكبر منها، حيث حققت في هذا العام ما يقارب من 413 مليار دولار. ويتوقع خبراء اقتصاد أن تزيد الاستثمارات في العالم لعام 2017 أيضاً في ألمانيا، فهذا القطاع واحد من أهم أعمدة الاقتصاد الألماني ويشهد منذ نحو 20 عاما نموا متواصلا، حيث زاد حجمه أكثر من أربعة أضعاف.. ومع ذلك بقيت ألمانيا في المرتبة الخامسة بسبب منافسة بلدان أخرى لها، مثل البرازيل والصين والولايات المتحدة، وبلغت قيمة صادراتها من عقاقير وأجهزة طبية ومستلزمات طيبة وغيرها عام 2014 أكثر من 65 مليار يورو، أي بزيادة قرابة 4 في المائة مقارنة مع عام 2013.
ووفقاً لبيانات مكتب الإحصاء الاتحادي لعام 2012، يوجد في ألمانيا 817 شركة مسجلة عاملة في قطاع الصحة.
وتحظى الأبحاث والابتكارات من أجل تطوير أدوية مستخدمة حاليا والأبحاث الخاصة بإنتاج أدوية جديدة، باهتمام المستثمرين وشركات صناعة الأدوية، فهذا القطاع يعتمد بشكل أساسي على المنتجات الجديدة وكذلك على تحسين المنتجات الموجودة في الأسواق. وهذا أمر ناتج عن الحاجة الملحة والاستجابة السريعة التي تظهرها الأسواق العالمية والوطنية بالنسبة لأي تطور أو تغير في أساليب العلاج وإدخال طرق وتقنيات حديثة إليه.
ليس هذا فقط، بل أيضاً من أجل مواجهة المنافسة الشديدة من قبل البلدان الأخرى التي تسعى إلى الاحتفاظ بحصتها في الأسواق. فبلدان نامية في أميركا الجنوبية أو آسيا تنتج عقاقير معتمدة على العمالة الرخيصة لديها والمواد الأولية الرخيصة أيضاً، مما يجعل سعر الدواء أقل من المصنّع في الغرب، وهنا تبرز أهمية البحوث العلمية المتواصلة والفعالة لمواجهة المنافسة بالنوعية والكفاءة العالية.
وحسب تقرير صادر عن مركز البحوث الاقتصادية الأوروبي، فقد بلغت نسبة ما صرفته شركات صناعة الأدوية والعقاقير من مجمل إيراداتها على البحوث والابتكار أكثر من 8.5 مليار يورو.
* السياحة العلاجية: وإلى جانب قطاعات الطبابة، بدأت السياحة العلاجية تنمو في ألمانيا، وزاد نموها قبل نحو 15 عاما بعد عزوف الآلاف من بلدان الخليج والبلدان العربية عن المعالجة في بريطانيا والولايات المتحدة، بالأخص بعد 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001؛ فكان جزء كبير منهم من نصيب المستشفيات والمؤسسات الطبية الألمانية.
ولقد دفع التطور العلمي والطبي الكثير من المرضى من البلدان العربية وروسيا وأوكرانيا، بل وحتى من الولايات المتحدة، للتوجه إلى الأطباء الألمان بعد أن ذاع صيت بعضهم، سواء في مجال العلاجات الطبيعة أو جراحة الأعصاب الدقيقة، كما هي الحال في عيادات في برلين، أو من أجل معالجة الأمراض الخطيرة كالسرطان في مستشفيات ميونيخ.
واليوم وفي كل مؤتمر أو ملتقى يعقد في ألمانيا ويجمع مسؤولين في قطاع الصحة العربية والألمانية، يلاحظ وجود اهتمام بتطوير هذا القطاع في العالم العربي، بالأخص بعد رفع حجم الاستثمارات العربية والألمانية وتطوير الخدمات الصحية كما ونوعا. فهناك بلدان عربية تستثمر مبالغ طائلة في الرعاية الصحية، سواء على مستوى البنية التحتية من مستشفيات ومراكز طبية متخصصة وتجهيزات، أو على مستوى تأهيل الكوادر والطواقم الطبية ورفع مستواها.
والاهتمام بالقطاع الصحي يظهر أيضاً في مناسبات مثل معرض السياحة العالمي التي عقد في برلين، وتضمن أيضاً برامج عن السياحة العلاجية. ويشير تقرير لإدارة المعرض إلى أن السياحة العلاجية حققت عام 2016 في البلدان المعتمدة للسياحة العلاجية أكثر من 439 مليار دولار، ومن المتوقع أن ترتفع نسبة نموه في السنوات العشرة القادمة 25 في المائة. وتربعت ألمانيا عام 2016 في المرتبة السادسة ضمن البلدان الأكثر جاذبية للسياحة العلاجية، حيث تجاوز عدد من تلقوا العلاج في المستشفيات أو المراكز الطبية والعيادات نحو 300 ألف شخص أجنبي، وأكثرهم من روسيا وبلدان الاتحاد الأوروبي والبلدان العربية خصوصاً من بلدان الخليج العربي. وتوجد مخططات لبناء المزيد من المستشفيات ذات تخصصات معينة، إضافة إلى المنتجعات الصحية التي بدأت تلقى رواجاً كبيراً في كل أنحاء العالم.
ولقد بلغت عائدات السياحية العلاجية التي تحصل عليها المستشفيات مباشرة من المريض لقاء الخدمات الطبية وتكلفة الإقامة والأدوية والفحوصات الطبية والعمليات الجراحية عام 2016 أكثر من 2.2 مليار يورو، وتسمح هذه المساهمة الضخمة في تحويل القطاع الطبي إلى صناعة متداخلة مع قطاعات اقتصادية أخرى بحيث يسهم في دفع عجلة الاقتصاد في ألمانيا.
ويضاف إلى ذلك أن السياحة العلاجية لها أوجه أخرى، فهي تعزز القدرة الشرائية والاستهلاكية في الأسواق الألمانية، فهناك بلدان عربية ترسل المريض مع بعض أفراد عائلته، مما يجعل استهلاكه أعلى من مريض يأتي بنفسه، وهذه المداخيل تذهب إلى صندوق القطاعات الاقتصادية الأخرى.
في الوقت نفسه، فإن عائدات المؤسسات الطبية يتم استثمار نسبة كبيرة منها في شراء المعدات الطبية الحديثة أو تمويل برامج ومشاريع بحثية علمية، مما يعني أن قطاع السياحة العلاجية سوف يصبح أحد أهم الموارد المالية من أجل التطوير الطبي في ألمانيا.



«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
TT

«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)

اخترق مؤشر ناسداك مستوى 20 ألف نقطة، يوم الأربعاء، حيث لم تظهر موجة صعود في أسهم التكنولوجيا أي علامات على التباطؤ، وسط آمال بتخفيف القيود التنظيمية في ظل رئاسة دونالد ترمب ومراهنات على نمو الأرباح المدعومة بالذكاء الاصطناعي في الأرباع المقبلة. ارتفع المؤشر الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا 1.6 في المائة إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 20001.42 نقطة. وقد قفز بأكثر من 33 في المائة هذا العام متفوقاً على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي، ومؤشر داو جونز الصناعي، حيث أضافت شركات التكنولوجيا العملاقة، بما في ذلك «إنفيديا» و«مايكروسوفت» و«أبل»، مزيداً من الثقل إلى المؤشر بارتفاعها المستمر. وتشكل الشركات الثلاث حالياً نادي الثلاثة تريليونات دولار، حيث تتقدم الشركة المصنعة للآيفون بفارق ضئيل. وسجّل المؤشر 19 ألف نقطة للمرة الأولى في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما حقّق دونالد ترمب النصر في الانتخابات الرئاسية الأميركية، واكتسح حزبه الجمهوري مجلسي الكونغرس.

ومنذ ذلك الحين، حظيت الأسهم الأميركية بدعم من الآمال في أن سياسات ترمب بشأن التخفيضات الضريبية والتنظيم الأكثر مرونة قد تدعم شركات التكنولوجيا الكبرى، وأن التيسير النقدي من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يبقي الاقتصاد الأميركي في حالة نشاط.