واصلت حالة الانقسام فرض نفسها على الشارع التركي قبل الاستفتاء الذي يجرى غدا الأحد على تعديلات دستورية، أهم ما فيها الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي بما يعطي صلاحيات شبه مطلقة لرئيس الجمهورية ويفتح الطريق لبقاء الرئيس رجب طيب إردوغان للبقاء على رأس الدولة حتى عام 2029 بصلاحيات لم يتمتع بها أي رئيس لتركيا منذ تأسيس الجمهورية التركية الحديثة في عام 1923.
ويبدو حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي طرح هذه التعديلات المكونة من 18 مادة بالتعاون مع حزب الحركة القومية المعارض، واثقا من فوز التعديلات في استفتاء الغد، لكنه واصل حتى الساعات الأخيرة حملته من أجل حشد التأييد الواسع للاستفتاء بعد أن كشفت استطلاعات الرأي الأخيرة تقاربا شديدا بين معسكري «نعم» و«لا».
وركز حزب العدالة والتنمية، من خلال حملة مكثفة تعتمد على اللقاءات الجماهيرية للرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم والوزراء في الحكومة وحملة أوسع في وسائل الإعلام من خلال المقابلات التلفزيونية وحملة إعلانات كبيرة أيضا، على محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي تصدت لها الحكومة بنجاح في منتصف يوليو (تموز) الماضي وأحبطتها، وعلى الإنجازات الاقتصادية والوعود بتحسين الخدمات الصحية ومعاشات المتقاعدين، وكذلك جذب الشباب من خلال إدراج مادة في التعديلات تخفض سن الترشح للانتخابات البرلمانية من 25 إلى 18 عاما. وعلى الرغم من الحملة الموسعة للتأكيد على أن التعديلات هي ضمان لمستقبل تركيا ولانطلاقتها ونهضتها مع تغذية الحس القومي من خلال الهجوم على أوروبا وعدائها لتركيا والإسلام ودعمها للإرهاب في تركيا، بقيت مخاوف الانفراد بالسلطة بالنسبة لرئيس الجمهورية هاجسا يفرض نفسه على نسبة كبيرة من الأتراك. ومع أن شريحة الشباب حظيت باهتمام خاص من جانب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال حملة دعم التعديلات إلا أن قطاعا كبيرا من الشباب رأى أن المهم ليس عضوية البرلمان أو خوض انتخاباته في سن مبكرة وأن إيجاد فرص العمل وخفض معدل البطالة يعد هو الأهم. وعبر أحمد أوزكان، وهو طالب جامعي، عن اعتقاده بأن خفض سن الترشح للانتخابات إلى 18 عاما هو مجرد حافز للشباب على تأييد التعديلات لكن عمليا فإن الأحزاب لن تدفع بعدد كبير من الشباب وفي المقدمة حزب العدالة والتنمية صاحب التعديلات. ولفت إلى أن معدل البطالة في تركيا ارتفع إلى ما فوق 11 في المائة، قائلا إن هذا أهم من عضوية البرلمان بالنسبة للشباب وإنه لن يؤيد التعديلات الدستورية.
وحتى داخل كتلة القوميين الأتراك ورغم تأييد حزب الحركة القومية بزعامة دولت بهشلي للتعديلات الدستورية والنظام الرئاسي، قال سينول أغتشاي وهو عضو بالحزب إنه لن يلتزم بقرار الحزب لأنه لا يرى النظام الرئاسي نظاما صالحا لتركيا.
ومن جانبه قال أحمد هان، وهو من أنصار حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، «إن الديمقراطية في تركيا تتآكل والآن هناك نواب في السجون بتهم لا أساس لها وهي دعم الإرهاب.. إنني أريد أن أرى الديمقراطية في بلدي ولذلك لن أصوت بنعم في الاستفتاء».
في المقابل رأى علي أوزكان، الذي كان يجلس مع مجموعة من أقرانه المتقاعدين على أحد المقاهي في إسطنبول أن «تركيا عانت الكثير في السابق من الحكومات الائتلافية والانقلابات العسكرية وأن حزب العدالة والتنمية نجح في تحقيق الاستقرار وساهم في تحسين الخدمات والشوارع والطرقات ويبني أنفاقا وجسورا جديدة ومطارات ولذلك سأقول نعم للتعديلات الدستورية من أجل مزيد من قوة تركيا».
أما حسين أوزتشيليك وهو من أنصار العدالة والتنمية فقال «كنا نعيش في القرى ونرى صعوبة الحياة ومعاناة الفلاحين بسبب عدم دعم الدولة لهم أما الآن فالدولة تدعم المزارعين وتقدم المعاشات إلى المسنين والأرامل وتوفر الرعاية الصحية.. إننا نحب إردوغان الذي فعل كل ذلك وسنقول له نعم في الاستفتاء. إردوغان يقدم لنا المساعدات ولا يبخل في مساعدتنا».
انقسامات النظام الرئاسي تفرض نفسها على الشارع التركي
قبل ساعات من الاستفتاء على تعديل الدستور
انقسامات النظام الرئاسي تفرض نفسها على الشارع التركي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة