رفض مجلس إدارة شركة «تويتر» مقترحاً تقدم به مغردون لإنقاذ الشركة بإقدام «مجتمع» المستخدمين على شراء الأسهم، بعدما فشلت مساعي وضع الشركة على سكة الأرباح، وبلوغ الخسائر منذ إطلاق الموقع نحو 2.5 مليار دولار، منها 457 مليوناً في 2016. فالشركة لم تربح في أي سنة من سنواتها المالية، حتى تحول عجزها المزمن إلى عبء ينوء تحته المساهمون.
وتسارعت الخسائر الكبيرة منذ عام 2013 رغم الارتفاع الذي سجله عدد المستخدمين. وكان سعر سهم الشركة عند الإدراج في أكتوبر (تشرين الأول) 2013 نحو 41 دولاراً، ثم قفز إلى 69 دولاراً في أوائل يناير (كانون الثاني) 2014، بعد ذلك، بدأ مسلسل هبوط حر حتى وصل إلى 14 دولاراً في الأيام القليلة الماضية، وهو أدنى مستوى تاريخي لسعر السهم. وبذلك، نزفت القيمة السوقية الإجمالية 31.25 مليار دولار بتراجعها من 41.75 مليار دولار عند الإدراج في البورصة إلى 10.5 مليار هذا الأسبوع، أي بمعدل انخفاض 75 في المائة.
وما قد يزيد الطين بلة إعلان أحد المؤسسين الذي يملك 6 في المائة من الأسهم نيته بيع ثلث ملكيته في 2017؛ ما دفع المراقبين والمتداولين إلى توقع هبوط إضافي في سعر السهم.
ويرى محللون «أن موقع (تويتر) يعاني الآن نمو بطيئا في عدد المستخدمين الذي بلغ 320 مليوناً نهاية 2016، وهذا التباطؤ ترسخ منذ الربع الثالث من العام الماضي. في المقابل، يصل عدد مستخدمي موقع (فيسبوك) إلى 1.5 مليار، أما مستخدمو موقع (إنستغرام) فعددهم 400 مليوناً».
إلى ذلك، يرصد المتابعون اتهامات للموقع بأنه «منصة شائعات وأخبار غير دقيقة». كما أثر في صورة الشركة سلباً خروج عدد من كبار القياديين منها إلى جهات عمل أخرى».
في المقابل، للموقع شهرة خاصة دفعت بالرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى وصفه بـ«وسيلة عصرية رائعة للإعلام والتواصل»، واعتمده لإعلان مواقفه؛ إذ يكاد لا يمر أسبوع دون تغريدة للرئيس عبر «تويتر». كما اعتمدته معظم وسائل الإعلام حول العالم لبث كل جديد لديها، وتحول إلى منبر يطل منه صحافيون ومفكرون وكتاب وأصحاب رأي بمتابعين بمئات الآلاف للواحد منهم، وأكثر من مليون لمن تحول إلى «مؤثر في الرأي العام» بتغريداته. إلى جانب هؤلاء، هناك مئات ملايين المستخدمين، من مختلف الشرائح حول العالم، ممن يرغبون في التعبير أو التعليق على مجريات الأحداث والقضايا في بلدانهم أو حول العالم، وبينهم من يعتبر وسائل الإعلام التقليدية غير حيادية، أو أنها لا تقول الحقيقة كاملة فيلجأ إلى «تويتر» ليقول: «حقيقته الخاصة».
أمام هذا الواقع، أعلنت شركات مثل «غوغل» و«مايكروسوفت» و«آبل» و«ديزني» و«ڤيريزون» الأميركية للاتصالات عن نوايا استحواذ على «تويتر»، لكنها تراجعت لأسباب مختلفة، ليس أقلها الأزمة المستعصية التي يمر بها موقع التواصل من حيث قلة إيراداته الإعلانية قياساَ بمصروفاته.
ويؤكد متابعون ومحللون اقتصاديون لهذا القطاع أن «المعلنين لا يقدمون كفاية على هذا الموقع رغم شعبيته العالمية بسبب التباس هويته بين وسيلة تواصل اجتماعي من جهة ومصدر أخبار ومعلومات من جهة أخرى. فعلى صعيد التواصل يبقى متأخراً في شعبيته عن (فيسبوك) الذي استطاع أن يهيمن إلى جانب (غوغل) على حصة الأسد من الإعلانات الإلكترونية (أونلاين). فمن كل دولار ينفقه المعلنون في المواقع الإلكترونية تحصد شركتا (غوغل) و(فيسبوك) 85 سنتاً في الولايات المتحدة الأميركية و61 سنتاَ متوسطا عاما على المستوى العالمي، وفقاً لتقرير نشره بنك (مورغان ستانلي) عن هذا القطاع».
وبالعودة إلى شراء المستخدمين لموقعهم المفضل «تويتر» وإنقاذه من الخسائر المتراكمة والمهددة لاستمراريته، فقد أطلق الفكرة في سبتمبر (أيلول) الماضي الصحافي وأستاذ الإعلام في جامعة كولورادو الأميركية، ناتان شنيدر.
بدا المقترح غريباَ ومستبعداَ في البداية، لكنه أخذ يشق طريقه تدريجياً، ولا سيما في الشهرين الماضيين حتى تبلور وأُطلقت لأجله عريضة على موقع إنترنت خاص به جمع حتى الآن 3500 توقيع. ثم نجح هؤلاء في الحصول على قبول طرح القضية في الجمعية العمومية المزمع عقدها في 22 مايو (أيار) المقبل، على أن يتم التصويت على إطلاق دراسة جدوى تحويل الملكية إلى تعاونية تشاركية في مدى أشهر عدة، ثم تعرض نتائج الدراسة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ويستند المتحمسون لذلك إلى أمثلة عدة، أشهرها ملكية «أسوشييتد برس» فيما يشبه التعاونية، ومنصة الصور «ستوكس» المملوكة من مستخدميها المصورين و«ويكيبيديا» المستمرة بفضل المانحين. ويعتقد هؤلاء أن ملكية كهذه «تجنب الشركة ضغط المساهمين وتقلبات الأسواق، وتحول الموقع إلى مساحة منفعة عامة لا تبغي الربح». ويطمح المروجون للمقترح إلى إقناع 1 في المائة فقط من المستخدمين أي «3.2 مليون مستخدم يدفع كل واحد منهم 2300 دولار، وأطلقوا وسماً (هاشتاغ) شعاره «دعونا نشتري (تويتر)».
مجلس إدارة الشركة، وإن كان قبل مناقشة الفكرة مبدئيا في الجمعية العمومية، أصدر بياناً هذا الأسبوع يصف فيه المقترح بـ«غير الجدي»، داعياَ إلى تركيز الجهود على التحديث والابتكار أكثر لجعل الموقع سباقاً في مجاله وجاذباً للمستخدمين والمعلنين. وتؤكد مصادر المجلس «أن السعر السوقي للشركة أكبر بكثير مما يمكن جمعه في ملكية تعاونية، فهذا النوع من العمليات الشعبوية لا يستطيع جمع ما تقدر قيمته بالمليارات».
ولم يفتر رهان المجلس على جعل الموقع رابحاً مع استكمال جملة إجراءات بدأها ببيع أو إغلاق خدمات رديفة، والتخلي عن شركات تابعة، ومتابعة خفض الكلفة بعد صرف 330 موظفاً، وإجراء تغييرات هيكلية وإدارية أخرى.
ويركز مجلس إدارة الشركة على «تكريس صورة الموقع بصفته مصدرا إخباريا سريعا»، ساعياً بذلك إلى فصله عن تصنيف يجمعه مع آخرين في خانة «التواصل الاجتماعي» التي يرفضها مفضلاً ميزة سرعة الإعلام والإخبار في البث السريع المباشر للأحداث والمواقف، أي أنه، برأي المجلس، وسيلة إعلامية كاملة المواصفات. لكن دون ذلك مشكلة تكمن في أن «تويتر» لا تستخدم صحافيين، بل يستخدمها الصحافيون، والفرق شاسع.
هل تتوقف خسائر «تويتر»؟
31 مليار دولار انخفاضاً في قيمته السوقية... ومغردون يعرضون شراء الموقع
هل تتوقف خسائر «تويتر»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة