شيخ الأزهر لـ «الشرق الأوسط»: الإرهاب مرض فكري ونفسي

{نسبة جرائم التفجير إلى الإسلام تحيز فاضح}

شيخ الأزهر لـ «الشرق الأوسط»: الإرهاب مرض فكري ونفسي
TT

شيخ الأزهر لـ «الشرق الأوسط»: الإرهاب مرض فكري ونفسي

شيخ الأزهر لـ «الشرق الأوسط»: الإرهاب مرض فكري ونفسي

قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن «الإرهاب الذي يحدث في العالم ليس إفرازا لدين سماوي أيا كان هذا الدين، بل هو مرض فكري ونفسي يبحث دائما عن مبررات وجوده في متشابهات نصوص الأديان وتأويل المؤولين ونظرات المفسرين... فالدين والعنف نقيضان لا يجتمعان أبدا ولا يستقيمان في ذهن عاقل، والجماعات الدينية المُسلحة التي ترفع لافتة الدين هي خائنة لدينها ووطنها قبل أن تكون خائنة لأنفسها».
وأضاف الدكتور الطيب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن «مجتمعاتنا العربية والإسلامية بل العالم أجمع ابتلوا بوباء خطير يتمثل في جماعات العنف والإرهاب، التي هي غريبة عن الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقا وتاريخا وحضارة، ولا تمت إلى هدي هذا الدين الحنيف بأدنى صلة أو سبب... بل نبذت هذه الجماعات المسلحة حكم القرآن الكريم والسنة وراء ظهورها، واتخذت من الوحشية البربرية منهجا ومذهبا واعتقادا، فنزعت الرحمة من قلوبهم، فهي كالحجارة أو أشد قسوة، ولقد برئ الله منهم ورسوله وصالح المؤمنين».
وتابع: «لقد كلفنا هذا الإرهاب الأسود نحن المصريين وسيكلفنا الكثير من دماء أبنائنا، وهو وإن كان ثمنا فادحا، إلا أنه ضرورة من ضرورات البقاء، تعانيه الشعوب من كل أقطار الدنيا، وهي تدافع عن أوطانها، وتذود عن حياضها، وتؤمن البلاد والعباد، بل هو سنة الله في الكون لبقاء الحياة واستمرار الوجود».
وقال إن الدرس الذي يجب أن يعيه الجميع، وبخاصة في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها العالم، أن الإرهاب لا دين له، ولا هوية له، ومن الظلم البين؛ بل من التحيز الفاضح، نسبة ما يحدث الآن من جرائم التفجير والتدمير التي استشرت هنا أو هناك إلى الإسلام، لمجرد أن مرتكبيها يطلقون حناجرهم بصيحة «الله أكبر» وهم يقترفون فظائعهم التي تقشعر منها الأبدان... فالإرهاب لا يُفرق بين ضحاياه ما داموا لا يعتنقون آيديولوجيته وأفكاره المتطرفة، مع التأكيد على أن هذا الإرهاب لن يفلت دون عقاب.
ووجه الدكتور الطيب رسالة عبر «الشرق الأوسط» قائلا: «علينا جميعا مسلمين وغير مسلمين أن نقف صفا واحدا لمجابهة التطرف والإرهاب، وأن نبذل أقصى ما يمكن من أوجه التعاون من أجل القضاء على هذا الوباء القاتل»، مشيرا إلى أن «الأزهر مُصر على مواجهة التطرف والغلو والعنف بسلاح الفكر والكلمة، وعلماؤه يتصدون الآن في كل مكان للأفكار المغلوطة التي تحرف الدين وتستغله في الدعوة إلى الفتنة العمياء التي تستحل الدماء وتدمر الأوطان».
وتابع بقوله: «استحدث الأزهر في معاهده مادة جديدة في مناهجه التعليمية هي (الثقافة الإسلامية)، لتوعية الطلاب بمخاطر التطرف والإرهاب وتحصينهم من الوقوع في أي فكر يدعو إلى العنف أو الانضمام إلى جماعات ترفع لافتة الإسلام وتنتهج العنف المسلح».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».