قالت إحدى الطالبات وهي تقف في ميدان سفنكس وتشاهد عمل الضباط والجنود: «خذوا حذركم». ولا يوجد في القاهرة، أكثر مدن الشرق الأوسط ازدحاما، ما يشير إلى معارضة تذكر للإجراءات التي يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي لمواجهة ما يبدو أنه موجة جديدة من العمليات الإرهابية التي راح ضحيتها يوم الأحد الماضي نحو 45 قتيلا وعشرات الجرحى. وتوقف حسين، وهو موظف في شركة كهرباء، في ضاحية الزمالك، لكي يبرز رخص دراجته النارية، وقال للضابط وهو يبتسم: ربنا ينصركم. وتشهد كثير من المدن المصرية حالة من التدقيق والمراجعة على نقاط التفتيش وفي الشوارع العامة.
سيارة قديمة وصغيرة وبيضاء، من الصاج المتين، تقف منذ أسابيع على حافة ميدان سفنكس في محافظة الجيزة المجاورة للعاصمة. وصلت سيارتا شرطة وخبير في كشف المفرقعات، وكلبان مدربان على شم القنابل. ومن بعيد تحلق مئات المصريين في دائرة واسعة، لمشاهدة ما يجري وما يقوم به ضباط الأمن. إنه اليوم الأول من تطبيق حالة الطوارئ. وبدأت الشرطة بمعاونة من الجيش، في التفتيش عن كل ما هو مشتبه بصلته بالإرهاب، والتفتيش وراء كل خطر محتمل. وكانت السيارات القديمة المركونة على نواصي الشوارع المزدحمة وقرب المؤسسات العامة، ضمن الحملة.
وقالت الطالبة مجددا: «خذوا حذركم». وبعد نحو نصف ساعة من الفحص أعلن خبير المفرقعات أن السيارة آمنة. وصفق عدد من الواقفين، لتبدأ مهمة أخرى لرجال المرور، وهي سحبها إلى حظيرة السيارات على بعد خمسة كيلومترات من هنا، إلى أن يأتي صاحبها لتسلمها. وفي ميدان التحرير القريب، وقف رجال الشرطة العسكرية بشاراتهم الحمراء، وهم يحملون الأسلحة من نوع إيه كيه 47. ولوح أحد المارة بعلامة النصر. ويسود شعور عام في مصر بأن ما يجري يعد استمرارا لتفويض سابق أعطته المظاهرات الشعبية الضخمة، للرئيس عبد الفتاح السيسي، لكي يخلص البلاد من خطر الإرهاب.
وخلال كلمته بشأن تفجير الكنيستين في كل من طنطا والإسكندرية يوم الأحد الماضي، ذكَّر السيسي المصريين بهذا التفويض الذي يعود لعام 2013. إلا أنه، ومنذ تلك السنة، حتى يومنا هذا، ما زالت السلطات تكافح من أجل القضاء على التنظيمات المتطرفة التي نقلت نشاطها إلى سيناء، ثم أخيرا، وبعد تضييق الخناق عليها هناك، دخلت لممارسة عمليات التفجير البشعة في مناطق الدلتا وفي الإسكندرية التي تعد العاصمة الثانية للبلاد.
وأعلنت مصر فرض حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، وتزامن مع ذلك اتخاذ إجراءات من بينها تشكيل مجلس أعلى لمكافحة الإرهاب، وملاحقة مروجي الأخبار التي يمكن أن تؤثر على الحالة الأمنية في البلاد، سواء كانت من خلال الصحف الورقية أو الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي. وتقول سلوى، التي تعمل في شركة خاصة بالتسويق: نريد أن نعيش في سلام. مشهد ضحايا التفجيرات في طنطا والإسكندرية كان بشعا. وعلى الدولة أن تقوم بما يلزم لحفظ الأمن. المخالف فقط هو من يخشى من حالة الطوارئ.
وهناك من ينتقد لجوء السلطة التنفيذية إلى إجراءات استثنائية لحفظ الأمن، لأن «لديها ما يكفي من قوانين»، كما يقول أحد المحامين ممن اعتاد في السابق ركن سيارته أمام باب النقابة الذي يقع في مواجهة مبنى دار القضاء العالي وسط العاصمة. وهذا أمر لم يعد ممكنا. وكان على هذا المحامي، مثل كثير من زملائه، أن يتوجه ليصف سيارته داخل مرأب ميدان التحرير الذي يبعد عن مقر النقابة نحو كيلومتر.
وتسود حالة عامة من الحذر وقامت فنادق كبرى وشركات ومقار لمحطات إعلامية، في العاصمة، بمراجعة أجهزة الكشف عن المعادن وعن المفرقعات الموجودة على أبوابها. وعدم التسامح مع المتسكعين دون سبب أمام مقراتها.
المصريون يبدأون التعايش مع حالة الطوارئ
حملة واسعة للتدقيق والمراجعة لتلافي خطر الإرهاب
المصريون يبدأون التعايش مع حالة الطوارئ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة