قالت مصادر فلسطينية مطلعة، لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار اقتطاع نسبة من رواتب موظفي السلطة الفلسطينية، الذي أحدث جدلاً كبيراً خلال الأيام القليلة الماضية، هو البداية في سلسلة قرارات أكثر صعوبة سيتخذها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، إذا لم تستجب حماس لمبادرة سيحملها وفد من اللجنة المركزية لحركة فتح، إلى غزة الأسبوع المقبل.
وأضافت المصادر: «القرارات المرتقبة قد تصل إلى قطع رواتب، وإلغاء أي إعفاءات ضريبية، ووقف أي مشتريات لصالح القطاع، سواء كانت كهرباء أو وقودا أو أدوية، وقد تنتهي بقرار كبير».
وبحسب المصادر، فقد «اتخذ الرئيس محمود عباس ذلك، بعد وصوله إلى قناعة بوجود مخطط كبير لفصل غزة عن الضفة وتثبيت واقع الانقسام».
وتابعت: «الرئيس يريد الضغط أكثر على حماس. يريد حشرها في الزاوية، من أجل إنهاء الانقسام».
وكانت الحكومة الفلسطينية نفذت الأسبوع الماضي، أول قرار باقتطاع نحو 30 في المائة من رواتب موظفي السلطة في قطاع غزة، قبل أن ينفذ آلاف الموظفين مظاهرات كبيرة في غزة، وتهاجم فصائل فلسطينية وإسلامية الحكومة التي دافع عنها عباس، لاحقاً، في اجتماع للجنة المركزية، قائلا إنه هو صاحب القرار.
وقالت المصادر إن الرئيس عباس قال لأعضاء «المركزية»، إنه سيتخذ أي قرارات أخرى مهما كانت صعبة لإحباط مخطط فصل غزة. وأخبر عباس أعضاء «المركزية»، أنه لم يعد هناك مجال للمناورات بعد أن شكلت حماس لجنة لإدارة القطاع. واتهم عباس دولاً بمساعدة حماس على إبقاء الانقسام قائما.
وكانت حماس شكلت لجنة جديدة لإدارة غزة، ما فُسر في رام الله على أنه تنفيذ لمخطط فصل غزة عن الضفة.
وشكل عباس لجنة سداسية من أعضاء «المركزية» ليحملوا إلى حماس مبادرة إنهاء الانقسام، وإلا فتنفيذ القرارات.
وتنص مبادرة عباس أولاً على حل اللجنة الإدارية التي شكلتها حماس لحكم غزة، وتمكين حكومة الوفاق من العمل في غزة عبر تسليمها المؤسسات والمعابر، على أن يجري تعديل لاحق على الحكومة، التي سيكون من مهامها التحضير فورا لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية خلال 3 أشهر، وأثناء ذلك يتم العمل على عقد مجلس وطني جديد، يأخذ على عاتقه تجديد منظمة التحرير.
وتنسجم مبادرة عباس مع المبادرة القطرية التي ناقشها الطرفان في الدوحة العام الماضي، والتي ركزت على إقامة حكومة وحدة وطنية تشارك فيها حماس من أجل التحضير لانتخابات عامة. وفشلت المحادثات بسبب الخلاف على برنامج الحكومة وملف موظفي حكومة حماس السابقة.
ويسعى عباس الآن، إلى تعديل على حكومة الحمدالله بحيث تتحول إلى حكومة وحدة إذا وافقت حماس.
ويرأس الحمدالله حالياً، حكومة «التوافق» التي تشكلت في الثاني من يونيو (حزيران) 2014، بموجب اتفاق جرى توقيعه بتاريخ 23 أبريل (نيسان) 2014 في غزة، لإنهاء الانقسام الفلسطيني، لكنها فشلت، عملياً، في إنهاء الانقسام، بسبب خلافات مع حماس التي شكلت «حكومة ظل» في غزة، ومن ثم أعلنت لجنة لإدارة الوزارات هناك.
وقال الحمدالله في بيان رسمي أمس إن «قرار الحسم من الرواتب هو تجميد لجزء من العلاوات، وليس قراراً دائماً، وسيتم صرفها حال توفر الموازنات، واستجابة حركة حماس لمبادرة الرئيس محمود عباس».
وأضاف الحمدالله أن «الحكومة لم ولن تتخلى عن قطاع غزة، وستبذل جميع الجهود مع كل الدول الداعمة لتوفير الموازنات المطلوبة».
وتابع: «لدى الحكومة خطة جاهزة لتولي كل شؤون قطاع غزة، فور حل اللجنة الإدارية التي شكلتها حركة حماس مؤخراً، لإدارة قطاع غزة، والسماح بعودة الموظفين، وتسليم المعابر والوزارات، وتمكينها من العمل في قطاع غزة».
وطالب الحمدالله الجميع بالارتقاء إلى أعلى درجة ممكنة «نحو المصالح الوطنية العليا لشعبنا، ورسم رؤية فلسطينية واحدة، بإرادة وطنية صلبة وصادقة، كفيلة بإنجاز تطلعات شعبنا وطموحاته بإنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة الوطنية، وترسيخ بناء مؤسسات دولة فلسطين، حتى نتمكن موحدين من إنجاز حقوقنا الوطنية المشروعة في إنهاء الاحتلال، ونيل استقلالنا الوطني، وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس».
ورفض الحمدالله ما وصفه بـ«حملة التضليل والافتراءات المزعومة من بعض الجهات بهدف إرباك الرأي العام، والادعاء بأن الحكومة لم تقم بمهامها، ولم تتحمل مسؤولياتها تجاه أهلنا في قطاع غزة، وبأنها تقوم بالتمييز بين الضفة الغربية وقطاع غزة».
واتهم الحمدالله حركة حماس، بممارسة «عمل حكومة الأمر الواقع». وقال إنها «فرضت سيطرتها على قطاع غزة غير آبهة بمعاناة شعبنا، بل وفرضت الإتاوات تحت تسميات مختلفة من الرسوم والضرائب لصالح خزينتها، وأثقلت كاهل المواطنين، والمتاجرة بالأدوية وبالإسمنت وغيرهما من مواد إعادة الإعمار. وأصرت منذ تشكيل حكومة الوفاق الوطني، على وضع العراقيل والعقبات للحيلولة دون تمكينها من أداء مهامها، برفضها تسليم الوزارات والدوائر الحكومية، والسماح بعودة الموظفين إلى أماكن عملهم، وبرفضها كل الاقتراحات المنطقية والعملية لإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته، وبرفضها تسليم المعابر، ورفضها التجاوب مع المبادرة التي تقدمت بها الفصائل الفلسطينية إلى رئيس الوزراء الذي استجاب لها فوراً لحل أزمة معبر رفح، وقيامها بتوزيع الأراضي الحكومية على موظفيها، وحرمان المواطنين والأجيال المقبلة من حقوقهم المدنية فيها، وممارساتها للحيلولة دون إنجاز الكثير من المشروعات الحيوية في قطاع غزة التي تسعى الحكومة لحشد التمويل اللازم لإنجازها، وفي مقدمتها مشروع تحلية مياه البحر الذي تماطل حركة حماس في إخلاء الأرض التي سيقام عليها، والذي سيحل أزمة المياه في قطاع غزة لمدة 30 عاما مقبلة. وتوجت حركة حماس ممارساتها الانفصالية، بقرارها الأخير بتشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة، في خطوة لفصل قطاع غزة، وتكريس الانقسام ضمن خطواتها المستمرة منذ الانقلاب».
وبعد إعلان مسؤولين في حماس أنهم ينتظرون وفد اللجنة المركزية، الذي سيضم: روحي فتوح وحسين الشيخ ومحمود العالول وعزام الأحمد وأبو ماهر حلس والحج إسماعيل جبر، مطالبين الحكومة بتسلم غزة، شن القيادي في «حماس» صلاح البردويل أمس هجوما حادا على السلطة. وقال البردويل إن «قرار خصم 30 في المائة من رواتب موظفي السلطة بغزة، هو قرار سياسي من طرف رئيس السلطة محمود عباس وليس له علاقة بالضائقة المالية، وهذا ما يؤكده بيان الحكومة».
وأضاف أن «محاولة مقايضة لقمة عيش الشعب الفلسطيني في غزة بمواقف سياسية تحاول السلطة فرضها قبل لقاء الرئيس عباس بالرئيس الأميركي ترمب، محاولة مكشوفة محكوم عليها بالفشل».
وتابع: «غزة عصية على الابتزاز، وحماس لن تبيع ثوابت شعبها بلقمة مسمومة. فالحرة لا تأكل بثدييها».
مصادر فلسطينية: عباس يحاول حشر «حماس» في الزاوية لتسليم غزة
يقدم لها مبادرة جديدة بديلها قرارات صعبة... والحركة ترفض
مصادر فلسطينية: عباس يحاول حشر «حماس» في الزاوية لتسليم غزة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة