مخاوف من توسع القتال في «عين الحلوة»... والقوى المتشددة تتحد بمواجهة «فتح»

السلطات اللبنانية تقف متفرجة وتحصر مهامها في محيط المخيم

عامل في الهلال الأحمر يقطع الطريق سريعاً في عين الحلوة تفادياً لرصاص المعارك الدائرة في المخيم الذي يقع قرب صيدا جنوب لبنان (رويترز)
عامل في الهلال الأحمر يقطع الطريق سريعاً في عين الحلوة تفادياً لرصاص المعارك الدائرة في المخيم الذي يقع قرب صيدا جنوب لبنان (رويترز)
TT

مخاوف من توسع القتال في «عين الحلوة»... والقوى المتشددة تتحد بمواجهة «فتح»

عامل في الهلال الأحمر يقطع الطريق سريعاً في عين الحلوة تفادياً لرصاص المعارك الدائرة في المخيم الذي يقع قرب صيدا جنوب لبنان (رويترز)
عامل في الهلال الأحمر يقطع الطريق سريعاً في عين الحلوة تفادياً لرصاص المعارك الدائرة في المخيم الذي يقع قرب صيدا جنوب لبنان (رويترز)

تتسابق في مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين المعارك المحتدمة منذ يوم الجمعة بين حركة فتح ومجموعة «بلال بدر» المتشددة، ومساعي التهدئة التي تبذلها القوى الإسلامية التي تستمر بصياغة مبادرات لوضع حد للاقتتال الحاصل الذي أدّى لمقتل وجرح وتشريد العشرات.
وفيما تتمسك القيادات العسكرية في «فتح»، وتضغط باتجاه إنهاء ظاهرة «بلال بدر» بشكل جذري، لتكون عبرة لباقي المجموعات المتشددة، تبدو القيادة السياسية أكثر ليونة وهي لا تزال تدرس أكثر من طرح لحل الأزمة، وإن كانت لم تتجاوب حتى الساعة مع أي من المبادرات التي تم التداول حولها. وأكد قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، اللواء صبحي أبو عرب، أن القيادة العسكرية لـ«فتح» تنفذ قرارات وتعليمات القيادة السياسة التي أوعزت في وقت سابق بوجوب تسليم بلال بدر للقوة المشتركة، وبسط سلطة هذه القوة في كل أنحاء المخيم الواقع في مدينة صيدا، جنوب لبنان، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه حتى الساعة لم نبلغ بأي قرار آخر، وأضاف: «المعارك مستمرة دون توقف، ولا شك أن مجموعات أخرى انضمت لقتالنا، خصوصاً أن بلال بدر انتهى، وهناك من بات يخوض المواجهة عنه».
ولا تبدو القوى الإسلامية في المخيم، وأبرزها «عصبة الأنصار» وحركة حماس و«الحركة الإسلامية المجاهدة»، متحمسة كثيراً لاستمرار المواجهات حتى القضاء على مجموعة «بلال بدر» بالقوة، خصوصاً بعد دخول مجموعات متشددة أخرى على الخط. وتحدثت مصادر في هذه القوى لـ«الشرق الأوسط» عن «مساع وجهود حثيثة يتم بذلها لصياغة حل جديد للأزمة، بعدما تم رفض مبادرة سابقة عرضناها على حركة فتح، علماً بأننا لم نتلقَ جواباً، إلا أن المؤشرات توحي بالرفض». وقالت المصادر: «كنا قد اقترحنا إجراءات تؤدي إلى تفكيك حالة بدر إلا أنه لم يتم التجاوب معها، لذلك ندرس الآن خيارات أخرى».
وكانت الاشتباكات بين حركة فتح ومجموعة «بلال بدر» قد اندلعت مساء الجمعة، بعد تصدي الأخير بالقوة لعناصر القوة الأمنية المشتركة التي حاولت الانتشار في كل أنحاء المخيم، ومن بينها حي الطيري الذي يتخذه بدر مربعاً أمنياً خاضعاً لسلطته. واحتدمت المعارك في الساعات الماضية، بعد انضمام مجموعات متشددة أخرى، كـ«فتح الإسلام» التي يتزعمها أسامة الشهابي، للقتال إلى جانب مجموعة بدر.
ولا تجد السلطات اللبنانية نفسها قادرة على التعامل مع الأزمة المستجدة، لغياب أي وجود أو قرار لها داخل المخيمات الفلسطينية. من هنا، اقتصر تناول مجلس الوزراء للموضوع، يوم أمس، على تأكيده العمل على استتباب الأمن في «عين الحلوة»، وإبقاء الطريق الدولية مفتوحة. وقد عزز الجيش اللبناني من إجراءاته الأمنية في مدينة صيدا وعند مداخل المخيم، ووضعت وحداته في حالة جهوزية واستنفار تحسباً لأي طارئ، إلا أنه تم إبقاء أوتوستراد «الحسبة» المحاذي للمخيم مقفلاً خوفاً من الرصاص الطائش الذي أدّى لإصابة عدد من اللبنانيين في الأيام الماضية.
وقالت مصادر رسمية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا قرار سياسياً أو أمنياً - عسكرياً لبنانياً في المخيم منذ توقيع اتفاق القاهرة في عام 1969، الذي نص على احتفاظ اللاجئين بسلاحهم الخفيف لحمايتهم من الاعتداءات الإسرائيلية، أو من أي استهداف داخلي»، لافتة إلى أن «القرار اللبناني في موضوع المخيمات محدود جداً، ويقتصر على التنسيق مع الفصائل للتصدي لأي توتر أمني يعرض حياة اللاجئين للخطر، أو حتى يهدد محيط المخيم وطريق الجنوب الدولية».
ونبّهت المصادر لـ«إمكانية تحول الاشتباكات من معارك محدودة بين فتح ومجموعة بلال بدر إلى اشتباك أكبر في حال تكتل القوى المتطرفة وغيرها لمواجهة قرار فتح استئصال حالة بدر ككل»، مشيرة إلى أن «المجموعات الأخرى بلا شك لا ترى مصلحة لها بذلك لأنها ستشعر أن دورها سيأتي لاحقاً، كما أن تنظيمات أخرى ستكون بذلك تساهم في توسيع نفوذ فتح التي ستتلقى دعماً معنوياً ومالياً وسياسياً لن يروق لباقي الفصائل».
ميدانياً، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام»، يوم أمس، باشتداد حدة الاشتباكات في المخيم بعد الظهر، وتركزها على محور الطيري، مفترق سوق الخضراوات - الشارع الفوقاني، حيث سمعت بين الحين والآخر أصوات القذائف الصاروخية والرصاص، مما أدى إلى اشتعال عدد من المحال، إضافة إلى وقوع عدد من الإصابات. وفي ساعات المساء الأولى، شنت العناصر المتشددة هجوماً على 3 محاور لفك الطوق عنها، والتقدم باتجاه بناية الأسدي في المخيم، لكنها لم تنجح.
وتضاربت المعلومات حول حصيلة القتلى والجرحى، ففيما تحدثت «الوكالة الوطنية» عن مقتل 6 وإصابة 35، أفادت مصادر أخرى بارتفاع عدد القتلى إلى 9 والجرحى إلى 40. وبسبب الأوضاع الأمنية، أقفلت المدارس الرسمية والخاصة والجامعات والمعاهد في مدينة صيدا أبوابها، وتم تسجيل حركة خجولة جداً في شوارع المدينة، فيما تواصلت عمليات النزوح الكثيف من عدة أحياء من المخيم، وأبرزها المنشية.
وعملت جمعيات خيرية فلسطينية على توزيع الخبز والمياه على سكان الأحياء حيث تتركز المعارك، بعد تضرر خزانات المياه جراء القصف، تزامناً مع نقل فرق طبية المرضى من مناطق الاشتباك إلى الأحياء الآمنة، بحسب ما أفاد به مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.