موسكو تتجنب التصعيد عشية زيارة تيلرسون... وتنأى بنفسها عن تهديدات شركائها

مسؤول أميركي: روسيا كانت على علم مسبق بالهجمات الكيماوية في سوريا

أبو غسان (50 عاما) احد الناجين من ضربة بالكيماوي على الغوطة بريف دمشق عام 2013 يشير  إلى بقايا منزل سقط في ذلك العام، في عين ترمة في صورة التقطت يوم 7 من الشهر الحالي (رويترز)
أبو غسان (50 عاما) احد الناجين من ضربة بالكيماوي على الغوطة بريف دمشق عام 2013 يشير إلى بقايا منزل سقط في ذلك العام، في عين ترمة في صورة التقطت يوم 7 من الشهر الحالي (رويترز)
TT

موسكو تتجنب التصعيد عشية زيارة تيلرسون... وتنأى بنفسها عن تهديدات شركائها

أبو غسان (50 عاما) احد الناجين من ضربة بالكيماوي على الغوطة بريف دمشق عام 2013 يشير  إلى بقايا منزل سقط في ذلك العام، في عين ترمة في صورة التقطت يوم 7 من الشهر الحالي (رويترز)
أبو غسان (50 عاما) احد الناجين من ضربة بالكيماوي على الغوطة بريف دمشق عام 2013 يشير إلى بقايا منزل سقط في ذلك العام، في عين ترمة في صورة التقطت يوم 7 من الشهر الحالي (رويترز)

حرص الكرملين، أمس، على النأي بالنفس عن بيان أصدرته القيادة المشتركة التي تضم روسيا وإيران وجماعات متحالفة مع نظام الأسد، توعدت فيه الولايات المتحدة بالرد على أي هجوم أميركي على سوريا، في الوقت الذي قال فيه إن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون لن يلتقي الرئيس الروسي عندما يزور موسكو هذا الأسبوع، في خطوة قد تشير إلى توترات بسبب هجوم صاروخي أميركي على قاعدة جوية سورية الأسبوع الماضي.
ومع هذا قال مسؤول أميركي رفيع المستوى إن الولايات المتحدة توصلت إلى أن روسيا كانت على معرفة مسبقة بالهجوم بالأسلحة الكيماوية الذي شنه النظام السوري الأسبوع الماضي، وقال المسؤول لوكالة «أسوشييتد برس» إن طائرة من دون طيار روسية كانت تحلق فوق مستشفى في سوريا بينما كان ضحايا الهجوم يسرعون للحصول على العلاج، وبعد ساعات من مغادرة الطائرة قامت طائرة روسية مقاتلة بقصف المستشفى، مما جعل المسؤولين الأميركيين يعتقدون أنه محاولة للتستر على استخدام النظام الأسلحة الكيماوية.
وأضاف المسؤول أن وجود الطائرة الروسية لا يمكن أن يكون مصادفة، وإن روسيا كانت على علم بالهجوم بالأسلحة الكيماوية وبأن الضحايا سيسعون إلى العلاج.
وتأتي تلك الأنباء قبل ساعات قليلة من اللقاء المرتقب بين وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون ونظيره الروسي سيرغي لافروف.
وبدت موسكو، أمس، لا تسعى إلى التصعيد عشية زيارة تيلرسون، وفي أول تعليق واضح من الكرملين على التهديدات التي وجهها بيان القيادة المشتركة الإيرانية - الروسية للولايات المتحدة، قال بيسكوف، أمس، إن الكرملين لا يعرف أي شيء عن ذلك البيان، وأضاف: «لا يسعنا تأكيد ذلك ولا ندري من أين أتت (رويترز) بالخبر ومن أي مصدر».
وكثيراً ما التقى وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري ببوتين خلال زياراته لموسكو كما اجتمع الرئيس الروسي مرات متعددة مع تيلرسون خلال إدارته شركة إكسون موبيل قبل توليه منصبه الجديد.
وفي عام 2013 قدم بوتين بنفسه وسام الصداقة الروسي لتيلرسون، وكان من المتوقع على نطاق واسع أن يجتمعا في أول زيارة له إلى روسيا كوزير للخارجية.
لكن ديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين، أبلغ الصحافيين، أمس، أن الاجتماع غير مقرر، مضيفاً أن تيلرسون سيتبع بروتوكولا دبلوماسيا صارما وسيلتقي فقط بنظيره الروسي سيرغي لافروف. ونقلت «رويترز» عن بيسكوف قوله: «لم نعلن عن اجتماعات كهذه، والآن لا اجتماع لتيلرسون في جدول الرئيس».
ورفض بيسكوف التعليق على تصريحات نيكي هيلي مندوبة الولايات المتحدة الدائمة في مجلس الأمن الدولي التي قالت إن الرئيس ترمب يدرس مع أعضاء إدارته فرض عقوبات جديدة ضد روسيا وإيران، بسبب دعمهما للنظام السوري. وأشار المتحدث الرسمي باسم الكرملين إلى أن «هناك تصريحات المندوبة الأميركية حول العقوبات»، لافتا في الوقت ذاته إلى أن الكرملين لم ير نص العقوبات ولا يدري هل ستكون هناك عقوبات أم لا، «لذلك لا يمكن الرد على هذا الأمر».
وذهب بعد ذلك إلى تحميل القصف الأميركي لمطار الشعيرات السبب في اتخاذ روسيا قرارا بوقف العمل بموجب مذكرة وقعها الجانبان في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015 حول تفادي الحوادث بين المقاتلات الروسية والأميركية، أثناء الطلعات الجوية في سوريا، وقال إن «الجانب الأميركي عرض بهذا الشكل عدم وجود أي رغبة للتعاون بأي شكل كان حول سوريا»، داعياً إلى التوجه لوزارة الدفاع لمعرفة آليات التعاون اللاحقة بعد وقف العمل بالمذكرة. وكان بيسكوف قد أعلن في تصريحات سابقة، أن روسيا قررت وقف العمل بمذكرة تفادي الحوادث في الأجواء مع واشنطن، لكنه أشار إلى أنه «ستبقى هناك إمكانيات تقنية لتبادل المعلومات حول الضربات في سوريا، لكن دون تبادل للمعطيات».
وكرر المتحدث الرسمي باسم الكرملين الموقف الروسي بشأن الدعوات لرحيل الأسد، في تعليقه على تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت، التي قال فيها إنه لا بد من البحث مع روسيا عن بديل سياسي للأسد. إذ رأى بيسكوف في هذا الكلام «محاولات زائفة» لتسوية الأزمة السورية. وقال إن «العودة إلى المحاولات، لا يمكن أن تقرب أي أحد من الحل السياسي في سوريا»، لافتاً إلى أن «الإمكانية الوحيدة المتاحة للحل، هي مواصلة ذات العمل المعقد: عملية جنيف، والجهود الجارية في إطار عملية آستانة».
ونظراً لهذا التغيير في الموقف الأميركي يتوقع مراقبون في موسكو أن تكون محادثات لافروف وتيلرسون شائكة ومعقدة، لا سيما بعد أن اعتبر وزير الخارجية الأميركي في تصريحات له، مؤخرا، أن التقاعس الروسي في تطبيق اتفاق نزع السلاح الكيميائي السوري هو سبب الهجوم على خان شيخون.
وفي شأن متصل، بحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الوضع في سوريا بعد القصف الأميركي لمطار الشعيرات مع نظيره الإيراني خلال اتصال هاتفي بينهما أمس، جرى بمبادرة من الجانب الإيراني، وفق بيان عن الخارجية الروسية، قالت فيه، إن «الجانبين أكدا أن مثل تلك الأعمال العدوانية على دولة مستقلة ذات سيادة يشكل انتهاكا فاضحا للقانون الدولي، وبصورة خاصة لميثاق الأمم المتحدة ويشكل تهديدا للأمن الإقليمي، ويلحق الضرر بعملية التصدي للإرهاب الدولي. ودعا الوزيران إلى تحقيق نزيه في القصف الذي تعرضت له مدينة خان شيخون في ريف إدلب.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».