تصعيد روسي لفظي بعد قصف الشعيرات... وتمسك بالتعاون مع الغرب

ترمب أطلع الملك سلمان على تفاصيل العملية... وموسكو تنتظر زيارة تيلرسون

ترمب لدى اجتماعه مع فريق الأمن الوطني ووزير الدفاع قبيل الضربة الأميركية على قاعدة الشعيرات السورية (أ.ب)
ترمب لدى اجتماعه مع فريق الأمن الوطني ووزير الدفاع قبيل الضربة الأميركية على قاعدة الشعيرات السورية (أ.ب)
TT

تصعيد روسي لفظي بعد قصف الشعيرات... وتمسك بالتعاون مع الغرب

ترمب لدى اجتماعه مع فريق الأمن الوطني ووزير الدفاع قبيل الضربة الأميركية على قاعدة الشعيرات السورية (أ.ب)
ترمب لدى اجتماعه مع فريق الأمن الوطني ووزير الدفاع قبيل الضربة الأميركية على قاعدة الشعيرات السورية (أ.ب)

تصاعدت حدة التوتر في العلاقات بين موسكو والغرب على خلفية تباين المواقف من الهجوم الذي نفذته طائرات النظام السوري باستخدام السلاح الكيماوي على مدينة خان شيخون بمحافظة إدلب، والرد الأميركي على ذلك بقصف مطار الشعيرات قرب مدينة حمص.
وأطلع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في اتصال هاتفي أول من أمس «الجمعة» على تفاصيل العملية العسكرية التي نفذتها الولايات المتحدة ضد أهداف عسكرية محددة في سوريا.
وهنأ الملك سلمان خلال الاتصال الرئيس ترمب على القرار الشجاع الذي يصب في مصلحة المنطقة والعالم. في حين بحث الجانبان العلاقات الثنائية المميزة بين البلدين الصديقين واستعراض الأوضاع في المنطقة والعالم.
وفي تطور لافت أمس قرر وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إلغاء زيارة كان من المقرر أن يجريها غدا 10 أبريل (نيسان) إلى موسكو، بسبب مستجدات الأزمة السورية.
وأجرى وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي ريكس تيلرسون إتصالا هاتفيا مساء أمس، كرر خلاله الأول مواقف بلاده من ضرب مطار الشعيرات السوري، معتبرا أنه «يخدم الإرهاب». وجدد دفاعه عن النظام السوري، معتبرا اتهامه بـشن هجوم كيميائي على مدينة خان شيخون «لا يتطابق مع الواقع».
غير أن العاصمة الروسية ما زالت تنتظر الوزير الأميركي ريكس تيلرسون. وفي هذا المجال أعلنت ماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية، في حوار تلفزيوني أمس، أن «وزير الخارجية الأميركي سيأتي إلى موسكو، وسنسمع ما سيقوله، سنطرح أسئلة». وأعربت عن قناعتها بأنه «لا بد في غضون ذلك من التعاطي بتفهم مع العمليات الجارية هناك (تشكيل مؤسسات الإدارة الأميركية)». ومن ثم شددت على أن روسيا «ستؤكد بكل وضوح رفضها لعمليات كتلك» أي قصف الولايات المتحدة مطار الشعيرات، وذهبت زاخاروفا إلى تمييع قرار الرد الأميركي على الهجمات الكيماوية، محاولة تصويره على أنه خرج عن إدارة لم تحدد استراتيجتها بعد؛ إذ قالت إن «المشكلة الأكبر تتمثل في غياب استراتيجية لدى واشنطن في الشرق الأوسط بشكل عام، ونحو سوريا بصورة خاصة».
ثم أعربت زاخاروفا عن اقتناعها بأنه «لا يوجد لدى الإدارة الحالية عقيدة سياسية واضحة»، مضيفة أن أكثر شيء قابل للتنبؤ به في الولايات المتحدة هو «عدم قابلية سياستهم الخارجية للتنبؤ بها». لكن المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية عادت بعد هذا كله لتأكيد استعداد بلادها للتعاون مع الولايات المتحدة «حتى في أكثر المواقف حدة، وعندما لا يتوقع أحد مثل ذلك التعاون... فهناك عدد كبير من القضايا للتعاون، وهناك موضوع مهم للغاية هو التصدي للإرهاب العالمي».
من جانبها، عادت وزارة الدفاع الروسية وأكدت توافر الحماية الضرورية للقواعد في سوريا، وكذلك تسليمها الجانب الأميركي مذكرة حول وقف التنسيق لتفادي الحوادث خلال الطلعات في الأجواء السورية. وقالت وكالة «تاس» الروسية إن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أكدت لها «لقد تسلمنا مذكرة شكلية من روسيا، غير أننا لا ننوي الدخول في التفاصيل». هذا، ويحذر مراقبون من تزايد خطر التصادم والمواجهة بين الأميركيين والروس في سوريا بعد وقف التنسيق. غير أن قسطنطين كوساتشوف، رئيس لجنة الشؤون الدولية في المجلس الفيدرالي (أحد مجلسي البرلمان الروسي) يرى أن «المقاتلات الروسية لن تنجر إلى عملية عسكرية مباشرة ضد الولايات المتحدة ومن تدعمهم، إن لم يكن هناك تهديد مباشر للعسكريين الروس في سوريا».
أيضاً، يستبعد فيكتور أوزيروف، رئيس لجنة المجلس الفيدرالي لشؤون الدفاع والأمن، أن تواصل الولايات المتحدة قصفها مواقع في سوريا. إذ قال في تصريحات أمس، إنه «على الرغم من التصريحات الحادة خلال الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي التي انعقدت بعد قصف مطار الشعيرات، وتأكيد مندوبة الولايات المتحدة استعداد واشنطن للقيام بعمليات أخرى لاحقاً، فإنه من المستبعد أن تكرر الولايات المتحدة ذلك». ولفت السياسي الروسي إلى أنه بجانب تلك التصريحات الحادة «كانت هناك في الوقت ذاته تصريحات من الجانب الأميركي يعرب فيها عن أمله في مواصلة التعاون معنا (مع روسيا) في سوريا»، معربا عن قناعته بأنه «من الصعب التصديق أنهم يأملون في التعاون معنا ويريدون تكررا القصف» على أهداف في سوريا. ومن ثم، أكد من جانبه استعداد روسيا للتعاون مع الولايات المتحدة في سوريا، مشددا على أنه دون ذلك سيصبح مستحيلا تنفيذ مهام «التصدي للإرهاب هناك وبناء سوريا سياسيا بعد الحرب... وموضوعياً سنشعر بضرورة الحوار مع الولايات المتحدة، ودون التفاهم معنا سيكون من الصعب إنهاء اللعبة على هذه الرقعة».
في غضون ذلك، يبدو أن موسكو فوجئت بحجم التأييد العربي للتحوّل الحاصل في سياسة البيت الأبيض، فكان لا بد من لقاء مع سفراء الدول العربية «لتوضيح الموقف الروسي» على أمل تفادي التداعيات السلبية على العلاقات الروسية مع غالبية الدول العربية، التي سيخلفها تمسك موسكو بدعمها لبشار الأسد ودفاعها عنه. وبالفعل، عقد أمس لقاء بين ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، وسفراء الدول العربية لدى روسيا، بناء على طلب من السفراء العرب، وفق ما قالت الخارجية الروسية. وأوضحت الوزارة أن بوغدانوف التقى معهم في سفارة سلطنة عُمان، وأضافت في بيانها أن «ميخائيل بوغدانوف أوضح بصورة موسعة جداً للسفراء العرب أسلوب تعاطي روسيا المبدئي مع مهام التوصل السريع لحل سياسي للأزمة السورية، ولا سيما، على ضوء القصف الصاروخي الأميركي لقاعدة جوية في سوريا».
وعلى صعيد آخر، قالت صحيفة «كوميرسانت» الروسية - وهي الوحيدة التي تصدر أيام السبت - في تقرير أعده مجموعة من محلليها إن «قصف الولايات المتحدة مطار الشعيرات قلّص إلى أدنى مستويات إمكانية إعادة تشغيل العلاقات مع موسكو»، واصفة القرار الأميركي بتنفيذ عمل عسكري في سوريا بأنه «القرار السياسي الأكثر صخبا الذي اتخذه ترمب خلال ثلاثة أشهر من رئاسته».
ومن ثم عرضت الصحيفة مسألة عدم اعتراض الصواريخ الروسية في سوريا لصواريخ «توماهوك»، معيدة إلى الأذهان في هذا السياق أن إيغور كوناشينكوف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، كان قد قال في تصريحات خريف عام 2016 إن «مدى تأثير الدفاعات الصاروخية الروسية في سوريا سيشكل مفاجأة لأي أجسام طائرة مجهولة».
وعلقت الصحيفة: «غير أنه لم تكن هناك أي مفاجأة»، وأضافت نقلاً عن مصادر أن منظومات الدفاع الجوي الروسية في سوريا لم تحصل حينها على أوامر باعتراض الصواريخ الأميركية. في حين قال مصدر عسكري دبلوماسي لـ«كوميرسانت» إن «البنتاغون» أبلغت روسيا بإطلاق الصواريخ، وكان من شأن اعتراضها أن يؤدي إلى نشوب نزاع بين موسكو وواشنطن. وأردفت أن «منظومات الدفاع الجوي الروسية في سوريا مسؤولة بالدرجة الأولى عن حماية البنى العسكرية الروسية هناك، ولا توجد لدينا مهمة بتأمين تغطية للأجواء السورية».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.