«جنايات القاهرة» تقضي بالسجن المشدد عشر سنوات على 102 من مؤيدي «الإخوان»

صحافي بقناة «الجزيرة» من المتهمين في «خلية الماريوت» يطلب الرأفة من المحكمة

مدير مكتب قناة الجزيرة في القاهرة المصري - الكندي محمد فاضل فهمي يتحدث إلى القاضي في المحكمة التي عقدت أمس في أكاديمية الشرطة (أ.ف.ب)
مدير مكتب قناة الجزيرة في القاهرة المصري - الكندي محمد فاضل فهمي يتحدث إلى القاضي في المحكمة التي عقدت أمس في أكاديمية الشرطة (أ.ف.ب)
TT

«جنايات القاهرة» تقضي بالسجن المشدد عشر سنوات على 102 من مؤيدي «الإخوان»

مدير مكتب قناة الجزيرة في القاهرة المصري - الكندي محمد فاضل فهمي يتحدث إلى القاضي في المحكمة التي عقدت أمس في أكاديمية الشرطة (أ.ف.ب)
مدير مكتب قناة الجزيرة في القاهرة المصري - الكندي محمد فاضل فهمي يتحدث إلى القاضي في المحكمة التي عقدت أمس في أكاديمية الشرطة (أ.ف.ب)

عاقب القضاء المصري أمس 104 من مؤيدي جماعة الإخوان المسلمين بالسجن، بينهم 102 بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات، واثنان آخران بالسجن سبع سنوات، بعد إدانتهم بتهم؛ من بينها القتل والشروع في القتل خلال احتجاجات عنيفة بالقاهرة في يوليو (تموز) الماضي. وقررت عدة محاكم تأجيل نظر قضايا أخرى تخص قيادات وكوادر إخوانية، بينهم الرئيس السابق محمد مرسي، ورموز من نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، ونشطاء وإعلاميين، بينهم صحافيون بقناة «الجزيرة» القطرية، منهم أربعة أجانب، حيث طلب أحد المتهمين في جلسة أمس من المحكمة الرأفة.
وقضت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة في معهد أمناء الشرطة بمنطقة طرة (جنوب العاصمة)، برئاسة المستشار محمد الفقي، بالسجن على أنصار «الإخوان» الـ104. كما قضت أيضا بتغريم جميع المتهمين مبلغ 20 ألف جنيه (الدولار يساوي نحو سبعة جنيهات)، مع وضعهم تحت المراقبة لمدة خمس سنوات، في أعقاب انتهاء العقوبة.
وتتعلق هذه القضية بأحداث عنف سقط فيها قتلى وجرحى، وقعت في يوليو الماضي بمنطقة «الظاهر» بوسط القاهرة للاعتراض على الإطاحة بحكم مرسي المنتمي إلى «الإخوان»، الذي كانت قد خرجت مظاهرات شعبية حاشدة تطالب بتنحيه عن الحكم.
وتصنف الحكومة والقضاء جماعة الإخوان كـ«منظمة إرهابية». وقالت مصادر قضائية إن النيابة وجهت للمتهمين اتهامات كثيرة، من بينها: القتل، والشروع في القتل، والتجمهر بغرض الاعتداء على أشخاص وممتلكات عامة وخاصة. وأضافت أن 35 متهما فقط كانوا يحاكمون حضوريا، بينما كان يحاكم الباقون غيابيا.
وكان النائب العام المصري، المستشار هشام بركات، قد وافق على إحالة المتهمين في أحداث «الظاهر» إلى محكمة الجنايات، بعد اتهامهم بارتكاب جرائم الاشتراك في تجمهر بغرض الاعتداء على أشخاص وممتلكات عامة وخاصة، واستعراض القوة والتلويح بالعنف، وقتل مواطن يدعى أحمد صلاح البسيوني، وآخرين عمدا مع سبق الإصرار، والشروع في قتل مواطن يدعى عمرو بدوي، وآخرين عمدا مع سبق الإصرار، وتخريب مبان وأملاك عامة. كما نسبت النيابة للمتهمين تهما أخرى، منها القيام بإتلاف أموال ثابتة ومنقولة لعدد من المجني عليهم، وحيازة وإحراز أسلحة نارية وبيضاء وذخائر من دون ترخيص.
على صعيد ذي صلة، أجلت محكمة جنايات الجيزة في جلستها المنعقدة أمس، برئاسة المستشار محمد ناجي شحاتة، محاكمة 20 متهما معظمهم من أعضاء «الإخوان»، إلى جانب عدد من الصحافيين الأجانب، في القضية المعروفة باسم «خلية الماريوت»، إلى جلسة يوم 15 الشهر الحالي، وذلك بتهم؛ من بينها: ارتكاب جرائم التحريض ضد الدولة المصرية من خلال بث معلومات وتقارير مزيفة على قناة «الجزيرة» واصطناع مشاهد وأخبار كاذبة وبثها عبر القناة القطرية.
وتضم القضية أربعة متهمين أجانب، أحدهم أسترالي وإنجليزيان وهولندية، وهم من مراسلي قناة «الجزيرة». وتضمن أمر الإحالة الصادر في القضية، إحالة 8 متهمين محبوسين بصفة احتياطية إلى المحاكمة، مع ضبط وإحضار المتهمين الـ12 الهاربين وتقديمهم محبوسين إلى المحاكمة. وجاء قرار التأجيل لتمكين الدفاع من الاطلاع على الأوراق المقدمة في جلسة أمس من النيابة العامة.
وتقول التحقيقات إن المتهمين اتخذوا جناحين في فندق ماريوت الفاخر كمركز إعلامي ودعموه بوحدات تصوير ومونتاج وبث، وقاموا بتجميع مواد إعلامية والتلاعب فيها لإنتاج مشاهد غير حقيقية للإيحاء بالخارج أن ما يحدث في مصر حرب أهلية تنذر بسقوط الدولة. بينما يقول محامون عن المتهمين إنهم لم يتمكنوا من الاطلاع على الأسطوانات المحرزة بالقضية، التي تضم المقاطع المصورة موضوع الاتهام. ويتمسك الدفاع بأن يجري فض الأحراز (أدلة الاتهام) في حضور محاميي المتهمين. وقالت المحكمة إنها ستمكن الدفاع من الاطلاع على كافة المستندات والأسطوانات المدمجة والحصول على نسخ رسمية منها.
وأذنت المحكمة في جلسة أمس بخروج المتهم محمد فهمي من قفص الاتهام بعد أن طلب شرح الواقعة المتهم فيها، وقال إنه يعمل في قناة «الجزيرة» الناطقة بالإنجليزية، وليس قناة «الجزيرة مباشر مصر»، وأن فريق العمل المختص بالتغطية الإخبارية ترد إليه الكثير من الأخبار والفعاليات الإخبارية من مصادر متعددة. وأوضح أن القضية لا تتضمن قيام المتهمين بحمل أي أجهزة غير مصرح بتداولها. وأشار إلى أنه وبقية العاملين في قناة «الجزيرة الإنجليزية» بمصر توجهوا إلى فندق ماريوت بالقاهرة للعمل منه، بعدما تعرضوا لإيذاء وتهديدات داخل مقر عملهم الرئيس (مكتب القناة) لكونهم محسوبين على شبكة قنوات الجزيرة. وقال المتهم فهمي أيضا: «إن اليوم هو اليوم العالمي لحرية الصحافة، والعالم كله يحتفل بهذا اليوم، وأرجو من المحكمة أن ترأف بنا وتقرر إخلاء سبيلنا».
ومن جانبه، عقب رئيس المحكمة قائلا للمتهم إن استمرار حبسه وبقية المتهمين مرجعه كثرة طلبات التأجيل التي يبديها الدفاع عنهم دون مبرر، داعيا المتهم إلى أن يطلب من هيئة الدفاع بدء مرافعاتهم حتى يجري الانتهاء من القضية في أسرع وقت.
وأجلت عدة محاكم أخرى قضايا تتضمن تهما بالإرهاب بحق مؤيدين لـ«الإخوان»، وتهما بالفساد بحق قيادات من نظام مبارك، من بينهم رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عاطف عبيد، ‏ووزير الزراعة الأسبق يوسف والي، في قضية تخصيص قطعة أرض بالمخالفة للقانون، إضافة إلى تأجيل نظر قضية الإعلامي توفيق عكاشة في قضية سب أحد رجال الأعمال، والسياسي محمد أبو حامد في قضية ازدراء الأديان. ويقول المتهمون إنهم غير مذنبين.\



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».