تواصلت الصدامات في كراكاس بين معارضين للرئيس نيكولاس مادورو وقوات الشرطة، في أجواء من التوتر الشديد. وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين الذين ردوا برشقها بالحجارة، حسبما أفاد به مراسلون لوكالة الصحافة الفرنسية. وقالت يوليدي رودريغس، وهي طالبة في الـ22، للصحافة الفرنسية: «نريد التخلص من مادورو؛ لقد سئمنا هذه الديكتاتورية، ولسنا نشعر بالخوف».
وبدأت المواجهات عندما حاول متظاهرون، ناهز عددهم الـ10 آلاف، احتشدوا على الطريق الرئيسية للمدينة، أن يتوجهوا إلى وسط كراكاس، قبل أن يمنعهم من ذلك حاجز أقامه الجيش. وفي المدينة، وعلى مشارف البرلمان، نظم مؤيدو مادورو مسيرة للتنديد بالتدخل الدولي في الأزمة التي تشهدها البلاد. والتوتر تصاعد في الأيام الأخيرة، عندما صادرت المحكمة العليا، المعروفة بأنها قريبة من الرئيس مادورو، صلاحيات البرلمان، ما أثار استياء دولياً دفعها إلى التراجع عن هذه الخطوة بعد 48 ساعة. ولوحظ انتشار كثيف للشرطة في العاصمة، حيث أغلقت 16 محطة لمترو الأنفاق، بينما أقامت قوات الأمن حواجز عند مداخل المدينة. وقتل شاب في التاسعة عشرة من عمره، وأصيب عشرات من المعارضين للرئيس نيكولاس مادورو خلال صدامات الخميس بين محتجين وقوات الأمن في إحدى ضواحي كراكاس.
وأكد ميغيل ميديريكو، مدير الإعلام في شرطة ولاية ميراندا، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن خايرو أورتيز توفي إثر إصابته برصاصة في الصدر لدى وجوده على حاجز نصبه المتظاهرون في مونتانيا التا، بضاحية العاصمة الفنزويلية.
وأعلن المدافع عن الشعب، طارق ويليام صعب، أنه اتصل بعد هذا الحادث بوزير الداخلية والعدل، نستور ريفيرول، وكتب على «تويتر»: «نؤكد أن هذه الجريمة الخطيرة لن تبقى بلا عقاب».
من جانبه، حمل المرشح السابق للرئاسة الفنزويلية، حاكم ميراندا، إنريكي كابريليس، وزير الداخلية مسؤولية الحادث «لأنه أجبر الضباط على قمع (المظاهرات) دون أن يأخذ حياة الناس في الاعتبار».
لكن المعارضة الفنزويلية دعت منذ مساء الخميس إلى تظاهرة جديدة في نهاية الأسبوع. وقال نائب رئيس البرلمان، فريدي غيفارا، في مؤتمر صحافي: «يجب أن ينزل ضعف عدد الأشخاص إلى شوارع البلاد السبت (...) الشعب لا يقوم بأمر سيء، كل ما يفعله هو أنه يطالب بحقوقه».
وإلى جانب الشاب الذي قتل، أصيب عشرات أيضاً بجروح في المظاهرة. وقال النائب المعارض ميغيل بيتسارو، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: «قمنا بإجلاء جريحين مصابين في الرأس، وآخر كسرت ذراعه، وصحافية تعاني من مشكلات في التنفس». وأكد الرئيس مادورو، من جهته، أن عدد الموقوفين يبلغ 30، وقال: «تعرفنا عليهم، وسيسقطون الواحد تلو الآخر»، متهماً إياهم بتخريب مدرسة.
لكن مادورو قال عبر التلفزيون إن «فنزويلا تعيش بسلام، وتقوم بالإنتاج والعمل، وقد تم تحييد بؤر عنيفة صغيرة (...) دون أن تتمكن من تحقيق هدفها: نشر العنف في كراكاس».
وأضاف: «لقد أحبطنا محاولة انقلاب لليمين الدولي، واليمين الفاشستي الفنزويلي».
وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، قال فيسمار سيفونتيس، الموظف الذي جاء للتظاهر دفاعاً عن الرئيس: «سنواجه الإمبريالية والمجموعات الاقتصادية التي تريد الإطاحة بالحكومة الثورية».
ويرفض رئيس الدولة (54 عاماً)، الذي تراجعت شعبيته كثيراً، والذي يتعرض لضغوط دولية كبيرة، إجراء انتخابات مبكرة، كما تطالب بذلك المعارضة، وينوي البقاء في الحكم حتى الانتخابات المقبلة، المقررة في ديسمبر (كانون الأول) 2018. ويواجه هذا البلد الأميركي الجنوبي، الذي انهار اقتصادياً لدى سقوط أسعار النفط، المصدر الرئيسي لثروته، انقساماً ناجماً عن أزمة سياسية عميقة منذ فوز يمين الوسط المعارض بالانتخابات التشريعية، أواخر 2015.
وقد حاولت المعارضة، الأربعاء، القيام بهجوم جديد، من خلال التصويت في البرلمان على نص يستهدف إقالة قضاة المحكمة العليا المتهمين بأنهم حاولوا القيام بـ«انقلاب». ومن دون مفاجآت، تصدت له، الخميس، السلطة المعنوية المكلفة بالنظر في هذا المشروع. ويسيطر أنصار تشافيز على كل المؤسسات في فنزويلا، باستثناء البرلمان الذي تمكنت المحكمة العليا من إلغاء كل قراراته منذ يناير (كانون الثاني) 2016. وفي هذا البلد الذي يشهد مظاهرات ضخمة، أسفرت في 2014 عن 43 قتيلاً، وفق الإحصاءات الرسمية، يحمل المأزق السياسي على التخوف من أن تأزم الوضع في الشارع، وقد شهدت فنزويلا 3 محاولات انقلاب منذ 1992.
وسيجتمع وزراء خارجية بلدان ألبا (التحالف البوليفاري لشعوب أميركا) الذي أسسه هوغو تشافيز وفيدل كاسترو، في 2005، الاثنين في هافانا، من أجل دعم مادورو، كما أعلنت وزارة الخارجية الكوبية، مساء الخميس.
صدامات بين مؤيدي الرئيس الفنزويلي ومعارضيه
انتشار كثيف للشرطة في كراكاس وإغلاق 16 محطة مترو
صدامات بين مؤيدي الرئيس الفنزويلي ومعارضيه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة