الحكومة الإسرائيلية تبحث زيادة تدخلها في سوريا

اتهمت النظام باستخدام أنواع مختلفة من الأسلحة الكيماوية... والسارين {يشهد تصعيداً}

الحكومة الإسرائيلية تبحث زيادة تدخلها في سوريا
TT

الحكومة الإسرائيلية تبحث زيادة تدخلها في سوريا

الحكومة الإسرائيلية تبحث زيادة تدخلها في سوريا

في الوقت الذي اتصل فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وطلب منه «أن يستكمل المجتمع الدولي الجهود لنزع سوريا من الأسلحة الكيماوية مثلما تم الاتفاق عليه في العام 2013»، أكدت مصادر سياسية عليمة في تل أبيب، أمس، أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية في الحكومة الإسرائيلية، ناقش الأسبوع الماضي، مسألة تعميق التدخل الإسرائيلي في سوريا. ولكن الجلسة شهدت خلافات شديدة بين الوزراء، ولذلك تقرر مواصلة النقاش بهذا الشأن قريبا.
وقالت هذه المصادر إن وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، كان من أشد المعارضين لتغيير الموقف الحالي. وقال ليبرمان في مقابلة مطولة ستنشر اليوم الجمعة في صحيفة «يديعوت أحرونوت» إنه لا يجوز لإسرائيل أن تقوم بأي نشاط في سوريا، حتى لو كان ما يجري على أراضيها يؤثر على أمن إسرائيل وقوة ردعها. وأضاف: «لماذا يجب علينا القيام بعمل غيرنا؟ هذه مسؤولية المجتمع الدولي. لست مستعدا لأن نكون ذلك الشخص الغريب الأطوار الذي يبول العالم عليه. فليتحمل العالم المسؤولية، وليعمل بدل أن يتكلم».
وقالت تلك المصادر إن «استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي في ريف إدلب، أثار قلقا في إسرائيل لأن وجود هذا السلاح المحظور يستهدف إسرائيل في الأصل. وأن بعض الوزراء رأوا في وقوف العالم كله ضد نظام بشار الأسد بسبب السلاح الكيماوي هو فرصة لتخليص إسرائيل والعالم من نظام الأسد». لا بل إن بعض الوزراء انتقدوا سياسة «التفرج من بعيد والاكتفاء بتقديم خدمات طبية للجرحى». وقالوا «لو تدخلت إسرائيل في الحرب من بدايتها لكانت الأوضاع في سوريا اليوم مختلفة تماما ولكان السوريون يرون في إسرائيل منقذا وليس عدوا».
لكن المعارضين لذلك اعتبروا بقاء إسرائيل خارج حلبة الحرب في سوريا موقفا حكيما وطالبوا بالإبقاء عليه بشكل صارم.
وذكرت مصادر عسكرية أن المخابرات الإسرائيلية تتابع عن كثب التحقيقات والتحليلات حول إصابة المدنيين السوريين بالسلاح الكيماوي. وقد توصلت إلى الاستنتاج بأن النظام هو المسؤول عن هذه الجريمة. وقال وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، إنه «متأكد مائة في المائة بأن الهجومين الكيماويين القاتلين على المدنيين في محافظة إدلب في سوريا، وعلى المستشفى المحلي، تم تنفيذهما بأمر مباشر ومخطط من قبل بشار الأسد وبواسطة طائرات سورية». وأضاف: «الأمر الأكثر وحشية هو أن الجرحى الذين تم نقلهم من منطقة المستشفى بعد قصفها، تعرضوا لهجوم آخر بالسلاح الكيماوي حين قصفت الطائرات السورية المستشفى نفسه». وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت روسيا ضالعة في تنفيذ الهجوم الكيماوي، رد ليبرمان: «لا نعرف، نحن نعرف أن هذه عملية سورية للأسد من الألف حتى الياء».
وقال الكولونيل احتياط، د. داني شوهام، الخبير في السلاح الكيماوي والبيولوجي في الجيش الإسرائيلي، إن إمكانية إصابة سوريا لمستودعات أسلحة كيماوية تابعة للمتمردين ضعيفة. وأضاف: «الاعتقاد الأساسي بأن المتمردين يملكون كمية من غاز الأعصاب منخفض جدا. صحيح أنهم قاموا بتفعيل مواد حربية كيماوية في السابق (خاصة الكلور، وأحيانا الخردل) إلا أن الاحتمال الأساسي بأنهم يملكون مواد حربية من فئة غاز الأعصاب منخفض جدا».
وتابع: «هناك حقيقة أخرى، وهي أنه في غالبية الحالات التي تم فيها تفعيل أسلحة كيماوية من قبل جهة غير النظام، تم نسب الهجمات لتنظيم داعش، وليس للفصائل المعارضة». وتطرق شوهام إلى ضلوع روسيا في الحرب الأهلية في سوريا، وقال إن «الروس يدعمون السوريين طوال الوقت. يغطون عليهم ويخفون الكثير من الأحداث التي تم خلالها تفعيل أسلحة كيماوية من قبل السوريين». وحسب أقواله فإنه «في هذه الحالة هذا ما يحاولون عمله».
وقال شوهام إن الصور التي نشرت بعد الهجوم «تذكر إلى حد كبير بالحدث الذي وقع في 2013 والذي استخدم فيه جيش الأسد غاز السارين بشكل مؤكد».
وقالت رئيسة مشروع مراقبة التسلح والأمن الإقليمي في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، الدكتورة إميلي لانداو، إنه يتم في سوريا باستمرار استخدام أنواع مختلفة من الأسلحة الكيماوية، ولكن ليس كتلك التي تم تحديدها وفقا لاتفاقية جنيف. هذه الأسلحة عموما لا تقتل: «ولكن استخدام السارين يشهد تصعيدا»، قالت لانداو. وتطرقت إلى ادعاءات روسيا والتزامات الأسد بعدم استخدام الأسلحة الكيماوية، وقالت: «نحن نرى أنظمة ليست لديها أي مشكلة في الاتفاق على شيء ما – وعمل شيء آخر».
وكان نتنياهو، قد اتصل مع بوتين، صباح أمس الخميس، وقدم له التعازي في أعقاب الهجوم الإرهابي في سان بطرسبرغ كما أعرب عن صدمته الكبيرة من ضحايا خان شيخون. وقال له نتنياهو، وفقا لبيان من مكتبه: «إنه يجب على المجتمع الدولي أن يستكمل الجهود لنزع الأسلحة الكيماوية من سوريا مثلما تم الاتفاق عليه في العام 2013».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.