المشهد: من طوكيو مع المانغا

المشهد: من طوكيو مع المانغا
TT

المشهد: من طوكيو مع المانغا

المشهد: من طوكيو مع المانغا

* في ربيع عام 2002 قدت سيارتي من منطقة سانتا مونيكا الساحلية إلى قلب هوليوود شرقا حيث ما يعرف بالحي الكوري. كان عندي موعد غداء مع أحد منتجي المسلسل السينمائي «حلقة» (Ringu باليابانية)، ماكوتو إيشيهارا.
* إيشيهارا كان قد باع حقوق الفيلم السينمائية لشركة دريموركس قبل ذلك بنحو عام والشركة التي كان من بين مؤسسيها ستيفن سبيلبرغ. كانت منهمكة في تصوير النسخة الأميركية تلك التي قام بإخراجها غور فربينسكي وببطولتها ناوومي ووتس والتي عرضت في الشهر العاشر من ذلك العام.
* إيشيهارا كان بالانتظار مع خمسة زملاء مهنة عملوا معا في النسخ اليابانية. هو جاء بدعوة من شركة دريمووركس لكنه قرر بدوره دعوة زملائه. على طاولة غداء تحفل بالصحون الصغيرة تحدثنا عن فيلمه وما ينتظره من الترجمة الأميركية الجاري تصويرها قبل أن يقول في النهاية بعدما دفع الفاتورة الضخمة: «أعتقد أن كثيرا من الأفلام الفانتازية والمرعبة اليابانية سيتم تحويلها إلى أفلام أميركية في المستقبل. هوليوود تحتاج لتجديد أفكارها وفي اليابان مخزون كبير لها».
* لم تخيب السنوات الفاصلة بين ذلك الحين واليوم توقعات إيشيهارا بل زادت عليها. السينما الأميركية تستلهم من السينما اليابانية وزميلتها الكورية بعض أفلامها من منطلق أنها مختلفة وجديدة، ولو أن النتيجة - كما الحال في الفيلم الحاضر «شبح في الصَدفة» - ما زالت تبدو مستعارة.
* مزيد من هذه الاقتباسات قيد التنفيذ أو التحضير. في الشهر الثاني من هذا العام بوشر بتصوير فيلم مأخوذ عن رواية من الروايات التي يُطلق عليها في اليابان اسم «مانغا» وهي أقرب لمفهوم «الكوميكس» الأميركي الذي يعود إلى مطلع القرن العشرين قبل بضع سنوات من ظهور شخصية «سوبرمان» سنة 1938 لأول مرّة. الفيلم عنوانه «أتيلا: معركة الملائكة» الذي يشترك في تمثيله كل من ماهرشالا علي وكريستوف وولتز.
* في مطلع السنة، قامت شركة وورنر بشراء حقوق رواية «مانغا» أخرى عنوانها «هجوم على تيتان» من مبدعها هاجيمي إيساياما. وشركة ليونز غايت ستنتج «تاروتو» عن حكاية يابانية مماثلة كانت قد باعت نحو مائتي مليون نسخة حول العالم. بينما تقف شركة نتفلكس وراء استعارة أخرى قوامها فيلم ياباني عنوانه «مذكرة موت».
* قد ينظر بعضنا إلى هذا النشاط (وما ذكر ليس سوى أمثلة قليلة) على أساس أنه تلبية لصناعة تجارية لا تمت إلى الثقافة بصلة. ليكن فمع هذا المنوال تستطيع أن تضع الثقافة التي تريد بين طيات النجاح التجاري المنشود.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.