مناظرة تلفزيونية «تاريخية» لم تقلب الموازين في الانتخابات الفرنسية

المرشحان إيمانويل ماكرون ومارين لوبان ما زالا يتصدران السباق

ملصقات المرشحين للانتخابات الفرنسية فوق بعضها بعضاً (إ.ب.أ)
ملصقات المرشحين للانتخابات الفرنسية فوق بعضها بعضاً (إ.ب.أ)
TT

مناظرة تلفزيونية «تاريخية» لم تقلب الموازين في الانتخابات الفرنسية

ملصقات المرشحين للانتخابات الفرنسية فوق بعضها بعضاً (إ.ب.أ)
ملصقات المرشحين للانتخابات الفرنسية فوق بعضها بعضاً (إ.ب.أ)

أربع ساعات من المناقشات والمماحكات بين 11 مرشحا للانتخابات الرئاسية حولت المناظرة التلفزيونية التي تابعها أكثر من ستة ملايين فرنسي إلى ما يشبه «سوق عكاظ»، اختلط فيها الحابل بالنابل، واستفاد منها «صغار» المرشحين وعددهم ستة، من أجل إسماع صوتهم والإطلالة على الناخبين. وهذه الفرصة يرجح أن تتكرر في العشرين من الشهر الجاري، أي قبل ثلاثة أيام من الجولة الانتخابية الأولى. وقد سعى المنظمون للاستفادة مما يجري في الانتخابات الأميركية. لكن المشكلة التي واجهوها كانت مزدوجة: الأولى، العدد الكبير للمرشحين وشعور الكبار منهم بالضيق لا بل بالانزعاج لوجودهم مع ستة «صغار» لا يمثلون معا إلا نحو ستة في المائة من أصوات الناخبين. والثانية، تعدد المواضيع المطروحة التي تنوعت ما بين الحوكمة والبطالة والمواطنة والعلمنة والإرهاب والإسلام وحماية الفرنسيين.
بيد أن هذه المناظرة التي تعتبر «تاريخية» كونها الأولى من نوعها حملت دما جديدا لا بل لغة جديدة بفضل المرشحين «الصغار». ولعل اللحظة البارزة حلت عندما هاجم مرشح الحزب المناهض للرأسمالية فيليب بوتو ومرشحة حزب النضال العمالي ناتالي أرتو (وكلاهما من أقصى اليسار) المرشحين «الفاسدين» أي رئيس الحكومة الأسبق فرنسوا فيون ومرشحة اليمن المتطرف مارين لوبان. وبينما التزم المرشحون الآخرون سلوكا «عفيفا» في موضوع الفساد، لم يتردد بوتو في اتهام الأول بـ«اختلاس الأموال العامة»، في إشارة إلى «الوظائف الوهمية» التي منحها فيون لزوجته واثنين من أبنائه وكذلك هدايا «ساعات وبدلات فاخرة» من رجال أعمال، وهي التي تسببت بتوجيه اتهامات القضاء رسميا له.
وهاجم بوتو مرشحة اليمين المتطرف التي رفضت المثول أمام القضاء التي استدعاها للتحقيق في اتهامات بالغش واختلاس الأموال، لتوظيفها اثنين من المقربين منها مساعدين لها في البرلمان الأوروبي التي هي عضو فيه، بينما الحقيقة أنهما عملا لصالح حزب الجبهة الوطنية. وأضاف فيليب بوتو أن لوبان «تحتمي بالحصانة النيابية» التي يوفرها لها البرلمان الأوروبي، وتختلس أمواله، بينما هي تدعو للخروج من الاتحاد الأوروبي. واتهمتها أرتو بـ«تسخير» العلمانية لمهاجمة المسلمين وإيجاد شرخ في المجتمع الفرنسي. كذلك هاجم مرشح اليسار المتشدد جان لوك ميلونشون المرشحة لوبان في موضوع العلمنة، داعيا إياها إلى التوقف عن «اضطهاد» الفرنسيين في موضوع الدين، «لأن 60 في المائة منهم غير متدينين». وككل مرة، استفادت لوبان من المنصة لمهاجمة الحكومة الاشتراكية التي «لا تقوم بشيء لمحاربة (الإسلام المتشدد) وطرد الأئمة الذين (يدعون إلى الكراهية)». وقد ذهبت لوبان إلى حد تشبيه فرنسا بأنها تحولت إلى «جامعة (لتخريج) الراديكاليين».
بعيدا عن «المناوشات» الخطابية، بينت المناظرة تفاصيل مواقف الطيف السياسي الفرنسي بالنسبة للمواضيع المطروحة، وأهمها خطط مواجهة البطالة وإعادة إطلاق الاقتصاد الفرنسي، ووضع فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، وكيفية توفير الحماية للفرنسيين إن في الخارج، من خلال العمليات العسكرية أكان ذلك فيما يسمى بلدان الساحل الأفريقي أو في سوريا والعراق... أو في الداخل «محاربة الإرهاب ومصير حالة الطوارئ المعمول بها منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2015». والغائب الأكبر عن المناظرة كانت سياسة فرنسا الخارجية «باستثناء موضوع الانتماء الأوروبي» ومقاربتها من باب الإرهاب. يقول المراقبون إن هذه المواضيع تغيب عادة عن المنافسة الانتخابية إلا لماما، باعتبار أن المسائل الداخلية «الاقتصادية والاجتماعية» هي التي تدفع الناخب الفرنسي للتصويت في هذا الاتجاه أو ذاك.
يصعب القول ما إذا كانت المناظرة المذكورة التي تعد «تاريخية»، لأنها المرة الأولى التي تجمع المرشحين كافة، ستحدث تغييرا في العملية الانتخابية. فحتى الآن، ما زالت صورة التسابق على حالها، حيث يحتل مرشح حركة «إلى الأمام» «الوسط» إيمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف المركزين الأولين «24 - 26 في المائة»، فيما يحتل فرنسوا فيون، مرشح اليمين الكلاسيكي المرتبة الثالثة «19 - 20 في المائة»، ما يعين أنه إذا بقيت هذه النسب على حالها، فإنه سيخرج من المنافسة للجولة الثانية التي ستجرى في 7 مايو (أيار). وإذا حصل ذلك فستكون المرة الأولى في تاريخ الجمهورية الخامسة التي يعجز فيها مرشح اليمين عن التأهل للجولة الثانية. وما يصح على اليمين الكلاسيكي يصح أيضا على اليسار الاشتراكي، إذ إن مرشحه الرسمي بونوا هامون يحتل المركز الخامس «10 - 11 في المائة» بعد جان لوك ميلونشون، مرشح اليسار المتشدد الذي يسمي نفسه حركة «المتردون». أما الستة الآخرون فإنهم يتأرجحون ما بين نصف في المائة إلى 3 - 4 في المائة، مما يعني أنهم عمليا عديمو التأثير على الجولة الأولى وربما الثانية.
حتى الآن، أجهضت جميع الجهود للتوفيق بين هامون وميلونشون من أجل أن ينسحب أحدهما لمصلحة الآخر. والأمور إن بقيت على حالها يعني «انتحار» اليسار الفرنسي بسبب الأنانيات والتمسك بالكرسي. والثابت أن الرئاسيات ستفجر الحزب الاشتراكي من الداخل بسبب تعدد تياراته، ورفض كثير من قادته وأبرزهم مانويل فالس، رئيس الوزراء السابق، دعم هامون، مرشح الحزب الرسمي الذي فاز بفارق نسبة كبيرة في الانتخابات الداخلية التمهيدية التي جعلته رسميا حامل لواء الحزب. لكن المشكلة أن هامون ليس الشخصية المؤهلة لضم جناحي الحزب أي الجناح الليبرالي - الاجتماعي من جهة والجناح الاشتراكي التقليدي من جهة أخرى. أما اليمين الكلاسيكي فإنه يدفع فاتورة التمسك بترشيح فرنسوا فيون الذي كان يعتقد بداية أنه سيكون الرئيس الفرنسي القادم، لكن الفضائح المتلاحقة التي لحقت به وبعائلته أصلبته في الصميم. لكنه ما زال يعتقد أنه قادر على ردم الهوة التي تفصله عن ماكرون ولوبان، والتأهل للجولة الثانية، والفوز بالتالي برئاسة الجمهورية. ويذكر فيون بأن أحدا لم يكن يتوقع فوزه في الانتخابات التمهيدية لحزب «الجمهوريون» في شهر نوفمبر الماضي، وبالتالي فإنه يعد بمفاجأة، ويؤكد أن الفرنسيين سيقترعون لصالحه رغم الفضائح، لأن له برنامجا إصلاحيا واضحا.
الثابت حتى الآن، أن من سيواجه لوبان في 7 مايو المقبل سيقترب كثيرا من قصر الإليزيه، إلا إذا كانت استطلاعات الرأي بعيدة كل البعد عن الواقع السياسي الحالي في فرنسا. وتبين نتائجها أن ماكرون يمكن أن يفوز بفارق مريح «63 في المائة»، فيما سيفوز فين ولكن بفارق أقل. لكن الاستطلاعات شيء والنتائج الحسابية الخارجة من صناديق الاقتراع شيء آخر. وما حصل في بريطانيا «مع البريكست»، وفي الولايات المتحدة «فوز دونالد ترمب» يدعو إلى الحذر مخافة الوقوع مرة ثالثة في خطأ مراهنات قد لا تكون محسوبة النتائج.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.