ليبيا: تراجع البرلمان عن مقاطعة الحوار السياسي وكوبلر يتحدث عن إجراءات «فورية»

ليبيا: تراجع البرلمان عن مقاطعة الحوار السياسي وكوبلر يتحدث عن إجراءات «فورية»
TT

ليبيا: تراجع البرلمان عن مقاطعة الحوار السياسي وكوبلر يتحدث عن إجراءات «فورية»

ليبيا: تراجع البرلمان عن مقاطعة الحوار السياسي وكوبلر يتحدث عن إجراءات «فورية»

بعد ساعات فقط من إعلان البرلمان الليبي العودة إلى طاولة لحوار السياسي الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة، اجتمع أمس رئيسه عقيلة صالح مع مارتن كوبلر، رئيس البعثة الأممية، بمقر البرلمان في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي.
واستبق صالح لقاءه مع كوبلر باجتماع موسع عقده مع المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني الليبي»، برفقة اللواء عبد الرزاق الناظوري، رئيس أركان الجيش، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الموالى للبرلمان المعترف به دوليا.
وجاء الاجتماع تاليا للقاء مماثل عقده صالح مع السفير الهولندي لدى ليبيا، إريك ستراتينغ، الذي يزور البلاد للمرة الأولى. وبعدما أشاد بما وصفه بالاستقرار الأمني الواضح في مدينة طبرق، قال سفير هولندا إن بلاده تدعم مجلس النواب باعتباره الممثل الشرعي لليبيين.
من جهته، قال بيان لعقيلة صالح، رئيس البرلمان الليبي، إنه بحث مع المبعوث الأممي كوبلر آلية الحل لإشكاليات الاتفاق السياسي، مؤكدا تمسك مجلس النواب بالثوابت التي أقرها أول من أمس للانخراط في العملية السياسية وكمبادئ يبنى عليها اتفاق سياسي حقيقي.
في المقابل، قال كوبلر إن الأمم المتحدة ماضية قدما في إيجاد الحلول للإشكاليات المتعلقة بالاتفاق السياسي، لافتا إلى أنه سيتوجه إلى العاصمة طرابلس للقاء أعضاء بمجلس النواب المتمسكين بالاتفاق السياسي السابق. ولاحقا وصف كوبلر اجتماعه مع صالح بأنه كان استشاريا، مشيرا عبر تغريدة له على موقع «تويتر» إلى أن «الخطوة القادمة هي الاتفاق على لجنة الحوار»، وأضاف: «يلزم اتخاذ إجراءات فورية»، لكنه لم يوضح تفاصيلها.
وكان قد أعلن مجلس النواب أول من أمس عن رغبته في نقل اجتماعات الحوار الوطني التي قرر استئنافها برعاية الأمم المتحدة إلى داخل البلاد، لكنه وضع شروطا على رأسها تغيير فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني المدعوم من البعثة الأممية.
وطبقا لما أعلنه المستشار عقيلة صالح، رئيس المجلس النواب، فإنه من ضمن الشروط الجديدة إعادة تكوين المجلس الرئاسي للحكومة الجديدة، على أن يقتصر على ثلاثة أعضاء فقط بدلا من تسعة أعضاء حاليا في مجلس حكومة السراج. كما اشترط تكليف رئيس للوزراء من غير أعضاء المجلس الرئاسي بتشكيل حكومة، قبل عرضها على مجلس النواب لنيل الثقة.
وتعني هذه الشروط تغيير فائز السراج، رئيس الحكومة التي انبثقت عن الاتفاق السياسي الذي تم توقيعه برعاية دولية في منتجع الصخيرات بالمغرب، قبل نحو عامين. وطلب البرلمان نقل الحوار داخل ليبيا، تحت إشراف الجامعة العربية والمجتمع الدولي، بدلا من أن يكون في دولة عربية أخرى.
وكان البرلمان الليبي قد قرر تعليق مشاركته في الحوار السياسي بعد قيام ميليشيات مسلحة بقيادة ما يسمى «سرايا الدفاع عن بنغازي»، بالهجوم على منطقة الهلال النفطي مطلع الشهر الماضي، واتهامه لوزارة الدفاع في حكومة السراج بالتورط في هذا الهجوم.
ورفض البرلمان العام الماضي تمرير حكومة السراج، حيث يتمحور الخلاف حول المستقبل السياسي لخليفة حفتر، بالإضافة إلى صلاحية تعيين كبار المسؤولين في المناصب العسكرية والسيادية.
ويتهم البرلمان حكومة السراج بدعم الجماعات الإرهابية المناوئة للجيش، كما يرفض خططها للهيمنة على قطاع النفط والمصرف المركزي للبلاد التي باتت تعاني من أزمة مالية حادة بعد مرور ست سنوات على الإطاحة بنظام حكم العقيد معمر القذافي عام 2011.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.