كان لافتاً غياب التعليق الرسمي من قبل «القوات اللبنانية» على «استعراض القوة» الذي قام به «حزب الله» في برج البراجنة، في الضاحية الجنوبية لبيروت، الأسبوع الماضي، في وقت ارتفعت فيه الأصوات المندّدة بهذا العمل، كان آخرها وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي وصفه بأنه حد لمنطق الدولة وصفعة بوجه العهد الجديد
وفي حين وضع البعض صمت «القوات» في خانة سياسة «المهادنة» مع «حزب الله»، بعد الحديث عن جهود للحوار والتقارب بين الخصمين اللدودين، أكدت مصادرها «أن موقف رئيسها سمير جعجع معروف في هذا الإطار، وهو لم ولن يتغيّر»، مشيرة إلى أن التعليق الرسمي على لسانه سيكون في مقابلة تلفزيونية، غدا (الأربعاء).
ووصفت مصادر «القوات» العلاقة مع «حزب الله» ب ـ«التواصل، وليس التفاوض، انطلاقاً من الاختلافات بين الفريقين، ولا سيما سياسة الحزب التي لطالما أعلنت القوات رفضها لها». وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «نحن جاهزون لأي حوار، وندرك تماماً أن هذا الأمر يتطلب البحث في المواضيع الخلافية، لكن الحزب يمتنع عن التطرق إلى الملفات العالقة، وأهمها سلاحه ومشاركته في الحرب بسوريا، وبذلك يقطع الطريق أمام أي حوار».
في المقابل، حمّل مصدر مطّلع على أجواء «حزب الله» مسؤولية استمرار التباعد بين الطرفين إلى «القوات»، مشيراً إلى خلافات سياسية واضحة بينهما، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» بقوله: في فترة سابقة، ظهرت إشارات إيجابية من القوات، بعدما بدأ الحديث عن حوار بين الطرفين، لكنهم عادوا بعد ذلك إلى التصعيد، عبر اتهام الحزب بتعطيل الانتخابات الرئاسية حيناً والنيابية حيناً آخر، وقبل أيام عبر «موقع القوات» بشنّ هجوم على ما قام به عناصر الحزب في الضاحية الجنوبية.
وأكد المصدر أن «الحوار مطلب كل الفرقاء، ونحن منفتحون على الجميع، لكن في الوقت الحاضر لا يوجد أي اتصالات بهذا الشأن، وهي تقتصر على التواصل التقني فيما بين نواب الكتلتين ووزرائهما، ولا سيما في اللجان المشتركة».
أمام هذا الواقع، يرى وزير العدل السابق إبراهيم نجار، المقرّب من «القوات»، أن «الاستعراض العسكري» في الضاحية جعل من أي تقارب محتمل وكأنه ضلوع في التجربة الميليشياوية، مؤكداً أنّه «من السابق لأوانه الحكم على صمت القوات التي لا بدّ أن يصدر عنها كلاماً رسمياً في هذا الإطار». من هنا، يقول نجار لـ«الشرق الأوسط»: لا أظن أنه يمكن لأي تقارب أن ينشأ بين «الحزب» و«القوات»، وما مرّ من فترة مهادنة كان يقتصر على مرحلة انتخاب رئيس للجمهورية، هو حليف للطرفين، وكانت نتيجته لمصلحة «القوات» و«الوطني الحر»، لكنها في المدى البعيد من الأرجح أن تضرّ بتحالف «عون - حزب الله».
وكان لافتاً ما جاء على لسان أمين عام «حزب الله»، حسن نصر الله، بعد نحو شهر من انتخاب الرئيس، عندما وصف «القوات» «بأنها مكون مسيحي وطني وازن»، وتلاها بعد ذلك، مهادنة من «القوات» عبر تهدئة الأجواء وانخفاض النبرة السياسية.
وينطلق استبعاد نجار حصول تلاقي أو حوار بين «الحزب» و«القوات» من أسباب عدّة، أهمها «التناقض النافر في كل المبادئ والمسار والعقيدة والرهان على الدولة والمؤسسات، وبالتالي عدم التجانس على مختلف الصعد»، مضيفاً: «لم أصدّق يوماً أن ثمة تحالفاً استراتيجياً يمكن أن ينشأ بين الطرفين، والعلاقة بينهما تبقى في فسحة التلاقي في مجلسي النواب والوزراء، حيث تبدي كتلة حزب الله أداء لافتاً»، بحسب تأكيد وزير العدل السابق.
وفي حين توقّع نجار أن يقوم نصر الله في وقت لاحق بتفسير أو توضيح خلفية ما سميت بـ«كتيبة العباس» لإلقاء القبض على المطلوبين في الضاحية، أوضح وزير الشباب والرياضة المحسوب على «حزب الله» محمد فنيش أن «هناك جهوداً قائمة من قبل لمكافحة آفة المخدرات ومجموعة من الفاسدين والمُفسدين، ونحن منذ فترة (نستصرخ) الدولة بأجهزتها ومؤسساتها للقيام بواجباتها في وضع حدّ لهؤلاء التجّار الذين يتسببون بمآسٍ اجتماعية لعائلات وشباب كثر».
ولفت إلى «أن عناصر (حزب الله) كانوا يدعمون ويؤازرون القوى الأمنية، وليس العكس، فالدولة بأجهزتها هي المعني الأول بمكافحة المخدرات، ونحن بعناصرنا وبعض البلديات والجمعيات الأهلية ندعم الدولة لمواجهة هذا الفلتان».
من جهتها، اعتبرت مصادر في «تكتل التغيير والإصلاح» أن استعراض «حزب الله» يقتصر على ما صرح به الحزب نفسه، أي أنه مرتبط بالمخدرات ليس إلا، وهو يحمل رسالة لتجار المخدرات بعدم التلطي وراء الحزب، مؤكدة أنه «لا أبعاد أخرى له، وإن أحب البعض إعطاءه أبعاداً أخرى».
العلاقة بين «حزب الله» و«القوات»... «تواصل ولا تفاوض»
بعد «المهادنة»... التباعد يزداد بين الطرفين لأسباب عدة كان آخرها «استعراض الضاحية»
العلاقة بين «حزب الله» و«القوات»... «تواصل ولا تفاوض»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة