مصادر دبلوماسية تثمن زيارة نبيل فهمي للولايات المتحدة

الإدارة الأميركية تؤكد أهمية التعاون البناء مع القيادة المصرية المنتخبة

نبيل فهمي (أ.ب)
نبيل فهمي (أ.ب)
TT

مصادر دبلوماسية تثمن زيارة نبيل فهمي للولايات المتحدة

نبيل فهمي (أ.ب)
نبيل فهمي (أ.ب)

ثمنت مصادر دبلوماسية مصرية لـ«الشرق الأوسط» زيارة وزير الخارجية المصري نبيل فهمي إلى أميركا، لافتة إلى أنها استهدفت عددا من الرسائل، أبرزها التأكيد على تنوع الخيارات، وإضافة الشركاء الجدد لمصر، مثل روسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند والبرازيل وغيرها، كما أكدت على أن الشراكة مع واشنطن تتطلب تبادل المصالح والاحترام المتبادل فيما يتعلق بكل القضايا الحيوية في منطقة الشرق الأوسط ومشكلاتها وأزماتها السياسية.
وأشارت المصادر إلى أن الزيارة جاءت بعد فترة تمهيد وتحضير على مدار شهرين، جرت خلالها اتصالات بين وزيري الخارجية على مدار شهرين اتسم الحديث فيها بالصراحة الكاملة فيما يتعلق بما تواجهه العلاقات من مشكلات وضرورة وجود رؤى وأسلوب مختلف في التعامل مع القضايا القائمة وتهيئة المناخ لعلاقة مستقبلية تستند إلى الاحترام المتبادل والندية في التعامل، وهو ما جرى الاتفاق عليه بالفعل. وذكرت المصادر أن إحدى الخطوات التي جرى اتخاذها للتمهيد للزيارة وضمان نجاحها كانت القرار الخاص بالإفراج عن الطائرات الأباتشي، وكذلك نقل رسالة واضحة للساحة الأميركية بأن مصر صاحبة قرار مستقل ولديها خيارات متعددة ومتنوعة على الصعيد الخارجي وهي صديق لكل من يصادقها، وضرورة الاهتمام الأميركي الكامل بالتشاور مع القيادة المصرية الجديدة المنتخبة في أقرب فرصة ممكنة وفور إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة. أيضا التأكيد الأميركي الكامل على أهمية العلاقات مع مصر باعتبارها قوة إقليمية مؤثرة ووجود مصالح متبادلة تتجاوز كثيرا مجرد إعطاء مساعدات من طرف لطرف آخر ولتكون علاقة مشاركة كاملة وليست علاقة مانح بمتلقٍّ. وضرورة بحث برنامج المساعدات وسبل وأساليب تطويرها خاصة في الشق الاقتصادي وضمان استقرارها في المجال العسكري والأمني.
وذكرت المصادر أن لقاء فهمي مع بان كي مون سكرتير عام الأمم المتحدة خلال توقفه في نيويورك في ختام زيارته لأميركا وفر فرصة مهمة للتشاور حول التعاون المشترك في عمليات حفظ السلام الأممية في أفريقيا وإدانة أعمال الإرهاب التي تواجهها مصر، وفهم حقيقة التطورات الداخلية.
وتضمنت زيارة فهمي للولايات المتحدة لقاءات متشعبة ومتنوعة ومتعددة مع كل مؤسسات صنع القرار وقادة الفكر والرأي ورجال الأعمال والإعلام بالولايات المتحدة، حيث بدأت بزيارة لمنطقة الساحل الغربي في سان فرانسيسكو نظرا لأهميتها الاقتصادية الكبيرة، حيث شملت لقاءات مع رجال الأعمال والمستثمرين لجذب الاستثمارات إلى مصر وقادة الفكر والرأي وممثلي المؤسسات الإعلامية المحلية لشرح حقيقة الأوضاع المصرية.
كما أجرى فهمي لقاءات موسعة في العاصمة واشنطن، شملت جميع دوائر صنع القرار وتشكيل الرأي العام في الولايات المتحدة، كما ألقى خطابا شاملا عن مستقبل السياسة الخارجية المصرية أمام مركز للدراسات الاستراتيجية والشؤون الدولية، أحد أهم مراكز الأبحاث الأميركية، وتضمن الخطاب شرحا وافيا لخارطة المستقبل في مصر ونقل رسالة للساحة الأميركية بأن مصر استردت عافيتها وتمارس دورها ولها طموحات إقليمية دولية، فضلا عن شرح لعملية التحول الديمقراطي وما جرى إنجازه على صعيد الدستور، وشرح للأحكام القضائية الأخيرة. كما التقى الوزير نخبة من المفكرين والأكاديميين في مركز وودرو ويلسون وفي مجلس العلاقات الخارجية. يضاف إلى ذلك لقاءات مع سياسيين قدامى وعالميين متميزين مثل كيسنجر وريتشارد هاس وتوماس فريدمان ونيجربونتي. كما أدلى الوزير بعدة أحاديث تلفزيونية وإذاعية لأهم محطات إعلامية أميركية ومع أبرز مقدمي البرامج الحوارية مثل تشارلي روز وفريد زكريا وأندريا ميتشيل وديفيد سيجال. ومن ثم، جاءت لقاءات الوزير مع مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام لتقدم شرحا للمفاهيم والرؤى المصرية وتصحيح المعلومات والرد على بعض الادعاءات غير الصحيحة.
وامتدت لقاءات وحوارات الوزير فهمي مع ممثلي الإدارة لتشمل، بالإضافة إلى وزير الخارجية جون كيري، البيت الأبيض حيث التقى سوزان رايس مستشارة الرئيس أوباما للأمن القومي، بالإضافة إلى البنتاغون بلقاء وزير الدفاع تشاك هاغل، وهذا يعكس تعدد المحاور للعلاقات المصرية الأميركية. وفي هذه اللقاءات نقل الكثير من الرسائل المصرية المهمة، كما كانت فرصة أيضا للرد على الكثير من التساؤلات الأميركية بشأن الواقع المصري خاصة المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان والصحافيين، وتنفيذ المسار الديمقراطي.
وخلصت المصادر إلى أن زيارة فهمي أكدت أن البلدين لديهما اهتمام قوي بمواصلة التعاون فيما بينهما مع التشديد على استقلالية القرار المصري والتعامل بين البلدين على أساس الاحترام المتبادل والندية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. يضاف إلى ذلك الاتفاق على الاستفادة من الفرص التي توفرها برامج المساعدات الأميركية لمصر دون محاولة استغلالها كأداة للضغط. في حين أن التعاون العسكري له طبيعة استراتيجية ومن ثم لا بد من التعامل معه بحساسية خاصة دون المساس باستقراره باعتبار أنه يوجه لمجالات ترتبط بالأمن القومي والسيادة ومكافحة الإرهاب. ومن جانبها أكدت الإدارة الأميركية على أهمية التعاون البناء مع القيادة المصرية المنتخبة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».