تمخض الاجتماع المشترك للحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان (الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني) الذي عُقد أفي أربيل، أمس، برئاسة رئيس الإقليم بارزاني، عن تشكيل لجنة مشتركة لبحث موضوع الاستفتاء حول مستقبل الإقليم مع الأطراف السياسية كافة، ومن ثم تحديد موعد لإجرائه، وشددا على أن علم كردستان لن ينزل من فوق أبنية الدوائر الحكومية في كركوك.
وذكر بيان للمكتبين السياسيين للحزبين، أن الجانبين بحثا مسألة الاستفتاء على حق تقرير المصير واستقلال كردستان بشكل مفصل، وأضاف البيان: «شدد الجانبان على العمل معاً بجدية لتنظيم الاستفتاء باعتباره مسألة قومية ووطنية بتوجه موحد، وقررا تشكيل لجنة مشتركة منهما لمناقشة هذا الأمر مع الأطراف السياسية والوطنية الكردستانية من أجل تشكيل لجنة مشتركة أوسع من الأطراف كافة لتحديد موعد إجراء الاستفتاء وآليته».
وشهد جانب آخر من الاجتماع بحث موضوع رفع علم كردستان في محافظة كركوك، وأوضح الجانبان بهذا الصدد أن رفع علم كردستان في كركوك أمر قانوني ودستوري، وبيّن الحزبان أن بغداد تتنصل منذ سنوات من تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي، الخاصة بحل مسألة المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان والعراق، وأكدا أنه «كما يحق للحكومة العراقية أن يكون لها علم في كركوك، فمن حق كردستان أيضا رفع علمها في هذه المحافظة؛ لأن الدستور يشير إلى أن كركوك وعددا من المناطق الأخرى، مناطق متنازع عليها».
وجاء اجتماع الحزبين غداة تصويت مجلس النواب العراقي لصالح إنزال علم كردستان في محافظة كركوك وإبقاء العلم العراقي فقط فوق الأبنية الحكومية في المحافظة.
في غضون ذلك، أعلنت عشيرة الجبور العربية السنية في محافظة كركوك براءتها من رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري لدوره في إصدار قرار إنزال العلم الكردي في محافظة كركوك. وقال الشيخ مسرور الجبوري، رئيس عشيرة الجبور في كركوك، لـ«الشرق الأوسط»: «نؤيد رفع علم الإقليم في محافظتنا، ونفتخر بهذا العلم الذي وقف بوجه تنظيم داعش الإرهابي وحمى مدينتنا وقدمت قوات البيشمركة تحت هذا العلم دماءها من أجل الحفاظ على أمن كركوك ومكوناتها كافة واستقرارها». وأضاف: «سليم الجبوري لم يعد يُمثلنا، هؤلاء السياسيون كذبوا على أهلنا وسرقوا أصواتهم ورموهم في التهلكة؛ ولأننا نقترب من الانتخابات نراهم يبرزون عضلاتهم ويظهرون أنهم يخشون على العرب، لكن أوراقهم انكشفت وهم لا يمثلوننا».
وكانت الكتلة العربية في مجلس كركوك طالبت الأسبوع الماضي، بعرض القضية على المحكمة الاتحادية للفصل بين الأطراف المتنازعة حولها.
إلى ذلك، ورغم وقوف الجبهة التركمانية العراقية ضد رفع علم كردستان، فإن أطرافا تركمانية أخرى تعبر عن تأييدها رفع العلم في المدينة، وقالت نائبة رئيس حزب الإصلاح التركماني، منى قهوجي لـ«الشرق الأوسط»: «رفع علم الإقليم في كركوك قانوني ودستوري، ونحن نؤيد ذلك، لأن قوات البيشمركة تحمي مكونات كركوك كافة، ونحن نعيش تحت ظل هذا العلم بسلام». وأضافت قهوجي: إن «الجبهة التركمانية تعمل على خداع مواطني كركوك، وتعمل على جر تركيا إلى التدخل في هذا الموضوع».
وبالفعل دخلت تركيا على خط الأزمة، وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إنه اتصل هاتفيا بنظيره العراقي حيدر العبادي، وإن بغداد عبّرت عن رفضها التام لما حدث في كركوك، معتبرا قرار رفع العلم «خطأ كبيرا» وإن بلاده «لن نقبل بفرض الأمر الواقع، وقد نبهنا الكرد إلى ذلك»، ملمحا إلى إمكان تدخل الأمم المتحدة في حال «اقتضى الأمر». ولم يصدر عن الحكومة العراقية تأكيدا لمكالمة يلدريم مع العبادي، كما لم يصدر عنها موقف رسمي وواضح بشأن أزمة العلم في كركوك.
وبرغم الحجج القانونية التي يقدمها الكرد حول شرعية رفع العلم في كركوك من جهة، والحجج التي يسوقها خصومهم من التركمان والعرب حول عدم شرعيته من جهة أخرى، لم يصدر حتى الآن أي تعليق من المحكمة الاتحادية العليا في بغداد حول الموضوع.
إلى ذلك، أكد الخبير القانوني طارق حرب شرعية قرار البرلمان، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «قرار مجلس النواب يوافق أحكام المادة 12 من الدستور، التي قررت أن موضوع العلم يصدر بقانون اتحادي يصوّت عليه البرلمان». وبرأيه، فإن «قرار مجلس كركوك يخالف المادة 140 الدستور التي اعتبرتها محافظة متنازع عليها، ولم تعتبرها جزءا من إقليم كردستان».
وتؤكد المادة (140) من الدستور العراقي على تولي السلطة التنفيذية الاتحادية اتخاذ الخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ متطلبات المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية المتعلقة بتطبيع الأوضاع في كركوك الغنية بالنفط، ويطالب الأكراد بضمها إلى إقليم كردستان، وتمر العملية بثلاث مراحل، هي التطبيع والإحصاء وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها لتحديد إرادة مواطنيها في مدة أقصاها 31 ديسمبر (كانون الأول) 2007، غير أن الصراعات السياسية وعدم الاستقرار وعوامل مختلفة أخرى حالت دون إكمال عملية التطبيع، وما يحدث اليوم في كركوك أحد أشكال إخفاق الأطراف السياسية في إدارة الدولة وتنفيذ ما ورد في الدستور العراقي.
أكبر حزبين كرديين يرفضان إنزال علم الإقليم في كركوك
عرب وتركمان في المدينة يؤيدون رفعه... وتركيا تدخل على الخط
أكبر حزبين كرديين يرفضان إنزال علم الإقليم في كركوك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة