المعارضة السورية تعد للسيطرة الكاملة على القنيطرة لربطها بدرعا

النظام سحب معظم مقاتليه منها لاستخدامهم في مناطق أخرى.. وإسرائيل تتخوف من الجهاديين

المعارضة السورية تعد للسيطرة الكاملة على القنيطرة لربطها بدرعا
TT

المعارضة السورية تعد للسيطرة الكاملة على القنيطرة لربطها بدرعا

المعارضة السورية تعد للسيطرة الكاملة على القنيطرة لربطها بدرعا

تستعد كتائب المعارضة السورية لاستكمال سيطرتها بشكل كامل على محافظة القنيطرة جنوب سوريا، بهدف ربطها جغرافيا مع محافظة درعا وتأمين طرق الإمداد إلى جنوب دمشق. وعلى الرغم من أن المدينة تمتلك حساسية خاصة بسبب موقعها المتاخم للحدود مع إسرائيل، فإن قياديين معارضين يؤكدون لـ«الشرق الأوسط» أن «سيطرة المعارضة على القنيطرة لن يغير شيئا في قواعد اللعبة على الحدود السورية - الإسرائيلية في المرحلة الحالية»، مشددين على «تمسكهم بحقوقهم في استرداد الأراضي التي تحتلها إسرائيل».
وتكتسب مدينة القنيطرة موقعا استراتيجيا يربط بين جنوب دمشق، الذي تحاصر القوات النظامية معظم مناطقه، وبين محافظة درعا التي يصل إليها السلاح عبر الأردن. ما يضمن لمقاتلي المعارضة فتح خطوط إمداد تساعدهم على فك الحصار عن جنوب دمشق. وتسيطر كتائب المعارضة على 80 في المائة من أراضي محافظة القنيطرة، بحسب ما يؤكد عضو هيئة أركان الجيش الحر عن الجبهة الجنوبية أبو أحمد العاصمي لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن «المنطقة الشمالية فقط ما زالت تحت سيطرة القوات النظامية». وكان النظام قد اضطر إلى سحب عدد كبير من مقاتليه من القنيطرة لاستخدامهم في القلمون بريف دمشق وحمص، وهو ما سهل بحسب العاصمي تقدم «قوات المعارضة في القنيطرة وسيطرتها على مساحات كبيرة منها».
كما يلفت القيادي المعارض إلى أن «غياب وجود كثافة سكانية في المدينة ساهم في سرعة تحرير معظم مناطقها، إذ لا يتجاوز عدد سكانها الـ15 ألفا، يتوزعون على مساحة جغرافية واسعة».
ويعد النظام السوري المنطقة الفاصلة بين سوريا وإسرائيل عسكرية بامتياز، لا سيما مدينة القنيطرة، حيث يتمركز هناك اللواءان 62 و90. ولكن بعد اندلاع الأزمة السورية انسحب عدد من القطع العسكرية التابعة للواءين المذكورين إلى مناطق أكثر اشتعالا.
وتحاول المعارضة عبر سيطرتها على القنيطرة وصلها جغرافيا بمحافظة درعا المحاذية للحدود الأردنية. وعلى الرغم من أن بلدة الحارة التي تفصل بين المدينتين تعيش هدنة بين النظام والمعارضة منذ سنة تقريبا بسبب وجود أعداد كبير من النازحين فيها، فإن «التقدم الذي أحرزته فصائل المعارضة عبر سيطرتها على تل الأحمر الغربي والشرقي في درعا ضمن لها طريقا نحو القنيطرة»، وفق ما يؤكد العاصمي.
وتمكنت فصائل تتبع الجيش الحر من تحرير موقع التل الأحمر الاستراتيجي بعد أيام من المعارك العنيفة، سقط خلالها عدد من القتلى، وشاركت فيها «الهيئة العامة للأركان - المنطقة الجنوبية الغربية» وغرفة «عمليات الفاتحين» ولواء «السبطين» و«المجلس العسكري» في القنيطرة.
وعلى الرغم من أن القنيطرة تقع بقرب الحدود مع إسرائيل بحكم موقعها في واد مرتفع في هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، فإن الناطق باسم المجلس العسكري الأعلى للجيش الحر قاسم سعد الدين يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «المعارك ستظل ضمن الأراضي السورية وقواعد اللعبة ستبقى على حالها، لأن المشكلة حاليا مع نظام الأسد»، مشددا في الوقت نفسه على «التمسك بالحقوق في استرداد الأراضي التي تحتلها إسرائيل، ولكن من خلال الأمم المتحدة والمواثيق الدولية».
وكان قائد لواء «غولان» في الجيش الإسرائيلي، العقيد أريك حان، أعلن عن وجود «توقعات لدى الجيش الإسرائيلي بأن يتمكن المعارضون السوريون من بسط سيطرتهم على كامل منطقة القنيطرة». وأوضح حان في حديث إلى الإذاعة العسكرية العبرية، أن «المناطق المعزولة التي يسيطر عليها الجيش السوري في منطقة القنيطرة وقطاع الحرمون، يستغلها النظام لشن عمليات ضد إسرائيل». ويبدي مسؤولون إسرائيليون مخاوفهم من تنامي قدرات المجموعات الجهادية، لا سيما جبهة «النصرة» في المناطق التابعة لهضبة الجولان. وغالبا ما اتهم الإعلام السوري الرسمي مقاتلي المعارضة بالتحالف مع إسرائيل مستندا على صور تظهر عددا من الجرحى الذين أصيبوا مع المعارك، يجري علاجهم في المستشفيات الإسرائيلية. لكن جهات في المعارضة تنفي هذه الاتهامات، مؤكدة أن الصليب الأحمر هو من يشرف على العمليات الإسعافية بمشافي ميدانية أعدها قرب الأسلاك الشائكة على الشريط في هضبة الجولان المحتلة لمعالجة الجرحى.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.