مادورو يتراجع قبل مظاهرات للمعارضة الفنزويلية

إدانة دولية لقرار المحكمة العليا نقل صلاحيات البرلمان إليها

المعارضة الفنزويلية تحمل لافتات في شوارع العاصمة كراكاس تقول «لا لدكتاتورية حكومة مادورو» أمس (رويترز)
المعارضة الفنزويلية تحمل لافتات في شوارع العاصمة كراكاس تقول «لا لدكتاتورية حكومة مادورو» أمس (رويترز)
TT

مادورو يتراجع قبل مظاهرات للمعارضة الفنزويلية

المعارضة الفنزويلية تحمل لافتات في شوارع العاصمة كراكاس تقول «لا لدكتاتورية حكومة مادورو» أمس (رويترز)
المعارضة الفنزويلية تحمل لافتات في شوارع العاصمة كراكاس تقول «لا لدكتاتورية حكومة مادورو» أمس (رويترز)

تطالب المعارضة الفنزويلية بانتخابات مبكرة للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية التي اجتاحت البلاد منذ فوز المعادين لتيار الاشتراكي الراحل هوغو شافيز في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية 2015. وإلى جانب الأزمة السياسية، تشهد فنزويلا التي حدثت فيها ثلاثة انقلابات منذ 1992، نقصا في 68 في المائة من السلع الأساسية وتعاني من تضخم لم يعد من الممكن ضبطه، وصل إلى 1660 في المائة في 2017 حسب تقديرات صندوق النقد الدولي.
ومما زاد الوضع تعقيدا قرار المحكمة العليا المؤيدة للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، في قرارها نقل صلاحيات البرلمان، معقل المعارضة، إليها وذلك قبل ساعات على مظاهرات حاشدة لخصومه كانت مقررة أمس السبت. المحكمة أثارت استياء دوليا بقرارها مصادرة صلاحيات البرلمان الذي تهيمن عليه المعارضة، وحرمان النواب من حصانتهم. القرار واجه إدانة من الأسرة الدولية (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ونحو عشر دول أميركية لاتينية). وأدانت ست دول في أميركا الجنوبية أول من أمس الجمعة سقوط «النظام الديمقراطي» في فنزويلا وطالبت «بإعادته بسرعة». واحتجت الأرجنتين والبرازيل وتشيلي وكولومبيا وأوروغواي وباراغواي على القرار. وقالت «نوجه نداء من أجل إعادة سريعة للنظام الديمقراطي إلى هذا البلد بما فيه خير الشعب الفنزويلي الشقيق». ودعت منظمة الدول الأميركية إلى اجتماع عاجل غدا الاثنين في واشنطن.
وبعد هذا القرار، دعا خصوم رئيس الدولة الاشتراكي أنصارهم إلى النزول إلى الشارع أمس (السبت) في تصعيد جديد في الأزمة السياسية. وعقد البرلمانيون اجتماعا في ساحة عامة في كراكاس «للمصادقة على أن البرلمان يمثل إرادة الشعب». وقال زعيم نواب المعارضة ستالين غونزاليس في هذه المناسبة إنه اعتبارا من السبت «سنخطط لتحركات احتجاجية ونطلق حركة مواطنين هائلة للضغط والمقاومة». لكنّ ممثلي المؤسسات الكبرى في البلاد اجتمعوا ليل الجمعة - السبت في مجلس الدفاع عن الأمة وقرروا حسب نص اتفاقهم «حث» المحكمة العليا على «مراجعة قراراتها» من أجل «المحافظة على استقرار المؤسسات وتوازن السلطات».
وللمرة الأولى، واجه قرار المحكمة العليا انتقادات من معسكر مادورو نفسه الجمعة. وانتقدت القرار النائبة العامة الفنزويلية لويزا أورتيغا. وقالت في خطاب بثه التلفزيون الرسمي مباشرة: «في هذه القرارات يمكننا الاستنتاج أن هناك خروقات للنظام الدستوري وجهلا لنموذج الدولة المنصوص عليه في دستورنا (...) ما يشكل انتهاكا للنظام الدستوري».
وبعد ساعات، نفى الرئيس الفنزويلي أن يكون هناك «انتهاك للنظام الدستوري» في فنزويلا. وقال مادورو في اجتماع: «في فنزويلا، الدستور والحقوق المدنية والسياسية وحقوق الإنسان وسلطة الشعب لا تزال سارية بالكامل».
لكن وبعد أن دعا إلى «حوار» لتجاوز هذا «المأزق» بين النيابة والمحكمة العليا، دعا مجلس أمن الأمة، الهيئة التي تشمل كل السلطات الحكومية ويسيطر عليها مؤيدوه، مساء الجمعة إلى اجتماع طارئ لتسوية الأزمة. وبعد ذلك أعلن الرئيس مادورو بنفسه على التلفزيون عن التوصل إلى اتفاق قبل أن يتلو نائبه طارق العيسمي نص هذا الاتفاق.
وقال مادورو معلنا عن مراجعة القرارين المثيرين للجدل اللذين صدرا عن المحكمة العليا: «توصلنا إلى اتفاق مهم لتسوية هذا الخلاف» الذي تم «تجاوزه» الآن. وأضاف أن هذا يدل على «إمكانيات الحوار التي يمكن تفعيلها في إطار دستورنا». وشارك رئيس المحكمة العليا مايكل مورينو في اجتماع المجلس، فيما لم يحضره رئيس البرلمان المعارض خوليو بروجيس الذي اعتبر أن الرئيس ليس مؤهلا للقيام بوساطة ومثلته النائبة العامة لويزا أورتيغا. ورفض نائب رئيس البرلمان فريدي غيفارا الاتفاق مؤكدا في تغريدة على «تويتر» أن «الضغط الوطني والدولي سيستمر حتى إعادة النظام الدستوري».
وعلى الرغم من نقص المواد الغذائية وتعثر الاقتصاد والضغوط الدولية المتزايدة وتراجع شعبيته إلى أدنى مستوياتها، لا يزال نيكولاس مادورو يترأس فنزويلا. وتفسر هذا الأمر أسباب عدة منها أنه المكون الأساسي في المشهد السياسي في فنزويلا. وقد دعت المعارضة عبثا العسكريين إلى الخروج عن صمتهم هذا الأسبوع، بعد قرار المحكمة العليا، القريبة من الحكم، الاستيلاء على صلاحيات البرلمان، المعقل الوحيد للمعارضة.
وبعدما كان الجيش، اللاعب القوي على الصعيدين السياسي والاقتصادي، في الخطوط الأمامية خلال حكم هوغو شافيز (1999-2013)، سجل تزايدا كبيرا في صلاحياته في عهد خلفه نيكولاس مادورو.
وفي هذا البلد الذي يواجه صعوبات اقتصادية خانقة، يتسلم عسكريون 11 من 32 حقيبة في الحكومة، بينها حقائب الدفاع والزراعة والتغذية الاستراتيجية. ويسيطر الجيش أيضا على إنتاج المواد الغذائية وتوزيعها، وعلى شركة نفطية وشبكة تلفزيونية ومصرف وحتى على مصنع لتجميع الآليات ومؤسسة بناء. وقال المحلل بنينيو ألاركون لوكالة الصحافة الفرنسية إن مادورو «اشترى ولاءهم» من خلال «دفع مزيد من الأموال لهم أو تسليمهم مناصب تمكنهم من الإثراء». وأوضح مايكل شيفتر رئيس مركز «الحوار بين الأميركتين» للدراسات، أن «عددا كبيرا من التقارير تحدث عن صلات وثيقة لعدد كبير من (الضباط) بتهريب المخدرات وأعمال إجرامية أخرى».
ومنذ وصول شافيز إلى الحكم في 1999 بإعلانه «الثورة الاشتراكية»، وضع أنصاره أيديهم على كل مؤسسات البلاد تقريبا. ويسيطر أنصار شافيز على القضاء، وعلى قسم كبير من وسائل الإعلام وشركة النفط الفنزويلية.
كذلك اشترى مقربون من الرئيس شبكات تلفزيونية مستقلة، مما دفع منظمة «مراسلون بلا حدود» إلى التحذير العام الماضي بأن مادورو يقوم «بكل ما في وسعه لإسكات وسائل الإعلام المستقلة». وفي هذا البلد الذي يختزن أكبر احتياطات نفطية في العالم، يستعد مادورو لتعيين وزير النفط نيلسون مارتينيزوهو من التشافيّين المتشددين على رأس شركة النفط الفنزويلية. ويستفيد مادورو أيضاً من انقسامات المعارضة. فمعارضو شافيز اجتمعوا في إطار تحالف «طاولة الوحدة الديمقراطية» (وسط يمين) الذي يضم ثلاثين حزباً من اليمين المتشدد إلى الوسط.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».