اتفاق تركي أميركي على إخراج «الكردستاني» من سنجار

رسائل المسؤولين الأتراك تؤكد على التضامن التركي الكردي قبل الاستفتاء

سنجار العراقية كما بدت منذ انسحب منها {داعش} (غيتي)
سنجار العراقية كما بدت منذ انسحب منها {داعش} (غيتي)
TT

اتفاق تركي أميركي على إخراج «الكردستاني» من سنجار

سنجار العراقية كما بدت منذ انسحب منها {داعش} (غيتي)
سنجار العراقية كما بدت منذ انسحب منها {داعش} (غيتي)

مع اقتراب الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي ستنقل تركيا من النظام البرلماني إلى الرئاسي الذي يعزز صلاحيات رئيس الجمهورية والذي يجرى في 16 أبريل (نيسان) الجاري كثف المسؤولون الأتراك وفي مقدمتهم الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم حملتهم لحشد التأييد للتعديلات الدستورية على مناطق شرق وجنوب شرقي تركيا التي تشهد اضطرابات بين القوات التركية وحزب العمال الكردستاني.
وسعى المسؤولون الأتراك إلى بث رسائل الطمأنينة لأكراد تركيا الذين يشكلون الأغلبية في هذه المناطق وتبني خطاب يؤكد على وحدة أبناء تركيا لا فرق بين تركي وكردي والتأكيد في الوقت نفسه على أن الدولة لن تترك الإرهابيين يعبثون باستقرار الشعب التركي وأمنه وستعمل على النهوض بمستوى المعيشة للمواطنين في هذه المناطق.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في كلمة في حشد جماهيري خلال افتتاحه عددا من المشروعات في مدينة ديار بكر كبرى مدن جنوب شرقي تركيا ذات الأغلبية الكردية أمس السبت أن الإرهابيين لن يلقوا الراحة في تركيا من الآن فصاعدا وبغض النظر عن المنظمة التي ينتمي إليها هؤلاء الإرهابيون قائلا: «إما أن يتراجعوا عن هذا الطريق الخاطئ الذي انتهجوه ويسلموا أنفسهم أو أن يغادروا البلاد» (في إشارة إلى مسلحي حزب العمال الكردستاني).
وأضاف إردوغان أن الأزمات والمصاعب التي كنا نتعرض لها هي بسبب الدستور القديم ولذلك تقدمنا بالتعديلات الدستورية الجديدة من أجل مستقبل تركيا.
وتبنى رئيس الوزراء التركي خطابا يدعو إلى الوحدة والتضامن ونبذ الفرقة بين أبناء الشعب التركي قائلا خلال تجمع جماهيري في مدينة فان، شرق تركيا، حيث افتتح عددا من المشروعات هناك أمس السبت: «يريدون الآن تفرقتنا على أساس كردي وتركي، وأنا واثق بأن إخوتي الأكراد لا ينخدعون بهذه الألاعيب».
ولفت يلدريم إلى نموذج التمييز بين أطياف الشعب الجزائري قائلا إنه جرى في السابق التفرقة بين الجزائريين بين البربر أو الأمازيغ والمحليين أو العرب. وانتقد يلدريم مواقف حزبي الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي (مؤيد للأكراد)، المعارضين، الرافضة للتعديلات الدستورية.
وتعهد يلدريم بإنهاء الإرهاب في تركيا وعدم السماح له باستغلال الشباب قائلا إن بلاده ستقضي على قنديل (في إشارة إلى معسكرات حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل شمال العراق).
وتابع أن حكومته ستلاحق من سماهم بالإرهابيين المأجورين المرتبطين بأجهزة استخبارات أجنبية، أينما ذهبوا، وستقضي عليهم في جحورهم، على حد تعبيره. ولفت إلى أن «الإرهاب» أضر بالكثير من رجال الأعمال واستثماراتهم في فان وغيرها من مناطق شرق وجنوب شرقي تركيا وأجبر الكثير من المواطنين على مغادرتها.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الخميس وعد خلال افتتاحه عددا من المشروعات في محافظة ماردين بجنوب شرقي البلاد الخميس الماضي بطرد من سماهم بـ«الإرهابيين» (في إشارة إلى عناصر العمال الكردستاني) بجهود أفراد الشرطة والجنود وحراس القرى.
وأكد أن تركيا دولة لثمانين مليون مواطن وباستطاعتها القضاء على «هؤلاء الذين عضوا اليد التي امتدت لحل المشاكل عبر المفاوضات دون إراقة قطرة دم» في إشارة إلى فشل مفاوضات السلام الداخلي مع العمال الكردستاني. وأشار إلى أن «سلطة الدولة أظهرت قوتها في دحر التنظيمات الإرهابية التي بدأت بالهجمات» منتقدا حزب الشعوب الديمقراطي الذي اتهمه بدعم حزب العمال الكردستاني.
واستؤنفت الاشتباكات بين القوات التركية وحزب العمال الكردستاني في يوليو (تموز) 2015 بعد توقف دام نحو ثلاثة أعوام ونصف وأسفر القتال المتجدد بين الطرفين عن مقتل نحو 800 رجل أمن تركي و314 مدنيا وإصابة ستة آلاف عسكري ومدني بينما تمكن الجيش التركي من قتل نحو عشرة آلاف عنصر من الحزب في تركيا وفي شمال العراق.
وانتقدت مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة تركيا في مارس (آذار) الماضي انتهاكات حقوق الإنسان وقعت خلال فترة الاشتباكات وحظر التجوال في قرى وبلدات في جنوب شرقي تركيا ما أدى إلى نزوح ما بين 300 و500 ألف مواطن من المنطقة ذات الغالبية الكردية، وردت تركيا بأن تقرير المفوضية افتقد إلى الموضوعية والمهنية واستند إلى ادعاءات أطراف ذات أهداف معينة.
في السياق نفسه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده ستواصل مكافحة حزب العمال الكردستاني في قضاء سنجار بمحافظة نينوى شمالي العراق.
وأضاف خلال جولة في مدينة إزمير غرب تركيا أمس أن مسلحي العمال الكردستاني بدأوا يتمركزون في قضاء سنجار، ونحن سنواصل حربنا ضدهم ونقوم بما يلزم كما نفعل بالنسبة لمنطقة جبال قنديل في شمال العراق.
وتنتشر عناصر من العمال الكردستاني في سنجار منذ عام 2014. بدعوى محاربة تنظيم داعش الإرهابي في القضاء الذي تسيطر عليه قوات البيشمركة التابعة لكردستان العراق منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، بمشاركة مسلحين من الأقلية الإيزيدية ودعم من طيران التحالف الدولي للحرب على «داعش».
وقال جاويش أوغلو إنه تطرق في مباحثاته الخميس الماضي في أنقرة مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون إلى قضية تواجد العمال الكردستاني في سنجار وإن تيلرسون أكد له أن واشنطن تمتلك خططاً لإخراجهم من هناك بالتعاون مع تركيا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».