لبنان يستجيب لضغوط دولية لرفع مستوى الحماية الأمنية على المعابر

وسط عودة التوتر والبلبلة الأمنية إلى عرسال

عون يترأس اجتماعاً أمنياً بحضور الحريري (دالاتي ونهرا)
عون يترأس اجتماعاً أمنياً بحضور الحريري (دالاتي ونهرا)
TT

لبنان يستجيب لضغوط دولية لرفع مستوى الحماية الأمنية على المعابر

عون يترأس اجتماعاً أمنياً بحضور الحريري (دالاتي ونهرا)
عون يترأس اجتماعاً أمنياً بحضور الحريري (دالاتي ونهرا)

عقدت الأجهزة الأمنية اللبنانية والوزارات المعنية يوم أمس (الجمعة) اجتماعاً أمنياً ترأسه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لمتابعة الطلبات الدولية لجهة رفع مستوى الحماية الأمنية على المعابر، وبشكل خاص في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت. وبرز خلال الاجتماع طلب عون إعادة النظر بالإجراءات المتخذة على المعابر البرية؛ ما استدعى تشكيل لجنة وزارية لمتابعة الموضوع الذي تزامن طرحه مع عودة التوتر الأمني إلى بلدة عرسال الحدودية الواقعة بشمال شرقي البلاد، وما أشيع عن مخطط جرى إحباطه لـ«جبهة النصرة» يقضي باحتلال البلدة.
رئيس الجمهورية حث على «أهمية التنسيق بين الأجهزة الأمنية كافة وفقا للأنظمة والقوانين المرعية»، ونوه بـ«الجهود التي تقوم بها الأسلاك الأمنية في حفظ الأمن والاستقرار في البلاد، ولا سيما، على المعابر الحدودية البرية والبحرية والجوية عموماً، وعبر مطار رفيق الحريري الدولي خصوصاً». كذلك، فإنه حث على «ضرورة اعتماد إجراءات أمنية ولوجيستية تجمع بين المحافظة على الأمن والسلامة العامة، وتوفير التسهيلات اللازمة للقادمين إلى لبنان وللمغادرين منه، وذلك مع اقتراب عطلة الأعياد والموسم السياحي في الربيع والصيف المقبلين»، مشددا على «تطبيق القوانين على الجميع من دون أي استثناء أو تمييز».
أما وزير الداخلية نهاد المشنوق، فأوضح بعد الاجتماع أنه تم التطرق إلى 3 قضايا أساسية، هي: الخدمات في المطار وطريقة إدارته، والجهوزية الأمنية وسط ضغوط دولية كبيرة في مسألة أمن المسافرين والطائرات، خصوصاً من قبل الاتحاد الأوروبي في الفترة الأخيرة، ومسألة المعابر الحدودية كافة. ولفت إلى أن معظم سفراء دول الاتحاد الأوروبي، بقيادة السفير البريطاني، يتولون متابعة طبيعة الإجراءات الأمنية المتخذة في المطار. وأردف المشنوق «لقد عرفتم بالقرار البريطاني حول منع (الآي باد) في ست دول، من بينها لبنان. هذه بداية، وهناك مطالبات بمزيد من التفتيش والتدقيق والعمل على تحقيق الأمن على مستوى عال، وهذا يتطلب تدريبات وأجهزة كثيرة، ومجلس الوزراء اتخذ قرارا في جلسته الأخيرة، كان منتظرا منذ نحو سنتين، يقضي بتأمين الحاجات الأمنية كافة في مطار رفيق الحريري الدولي».
وأشار وزير الداخلية إلى أن عون «أوصى بأن يعاد النظر في مسألة المعابر البرية، من دون تحديد التفاصيل؛ لأن الاجتماع لم يكن تفصيليا»، وأضاف: «هذه مهمتنا، فقد تم تشكيل لجنة برئاسة دولة الرئيس (سعد) الحريري وعضوية وزيري الدفاع والداخلية للبحث بكافة هذه المواضيع».
هذا، وتزامن الاجتماع الأمني الرفيع الذي عقد في القصر الجمهوري مع عودة التوتر إلى بلدة عرسال التي تستضيف أكثر من 120 ألف لاجئ سوري جراء انفجار عبوة ناسفة في شاحنة كان يستقلها عناصر ذكر أنها من تنظيم داعش؛ ما أدى إلى مقتل 3 منهم. وتضاربت المعلومات حول ما إذا كان قد تم زرع العبوة لتنفجر فيهم، أم أنهم كانوا ينقلونها لتفجيرها في مكان آخر.
وساد الهدوء الحذر البلدة التي يتواجد عند أطرافها، وفق المعلومات الأمنية، تجمعات لعناصر «جبهة النصرة» ولـ«داعش». وقال باسل الحجيري، رئيس بلدية عرسال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع بشكل عام غير مطمئن، باعتبار أنه سواء كان الانفجار يندرج بإطار التصفيات الداخلية بين السوريين، أو أنه كان يتم نقل العبوة لزرعها في أحد الأماكن لاستهداف الجيش أو أشخاص من عرسال، وفي كلتا الحالتين هناك من يسعى إلى تعكير الأجواء في البلدة». وأوضح الحجيري، أن الجيش اللبناني يجمع حالياً المعلومات، فيما تتولى قوى الأمن الداخلي تحديد طبيعة العبوة وزنتها. وتابع: «أما ما تردد في الأيام الماضية عن صد محاولة للنصرة لاحتلال البلدة، فلا معلومات لدينا بخصوصه، كما أننا نستبعده لأنه سيكون أشبه بعملية انتحارية لعناصر هذه المجموعة». واستطرد «هم يدركون تماما ألا بيئة حاضنة لهم في عرسال، كما أن هناك تحصينات كبيرة للجيش في المنطقة يستحيل اختراقها».
في هذا الصدد، لم تتوصل القيادات اللبنانية المعنية حتى الساعة لصياغة حل للأزمة الأمنية التي ترزح تحتها عرسال. وكان انعدام وجود مراكز الجيش وتغيب عناصره بشكل دائم في البلدة بُعيد العمليات الأمنية التي تعرضوا لها إن كان في صيف العام 2014 - حين اختطفت أعداد منهم، أم في الفترة التي تلتها حين كانت تتعرض دورياتهم لعبوات ناسفة أدت لمقتل وجرح العشرات - فاقم من عمليات الاغتيال من دون التمكن من ملاحقة وتوقيف المسؤولين عنها لتواريهم في عشرات المخيمات المنتشرة في البلدة ومحيطها.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.