أعلن مهدي جمعة، رئيس الحكومة التونسية الأسبق، عن تأسيس حزب أطلق عليه اسم «البديل التونسي»، في خطوة يسعى من خلالها إلى منافسة حزبي «النهضة» و«النداء» المسيطرين على المشهد السياسي في البلاد.
وقال جمعة، في مؤتمر صحافي عقده أمس في العاصمة التونسية، إن حزبه أصبح جاهزاً للمشاركة في الانتخابات البلدية، المزمع تنظيمها في البلاد نهاية السنة الحالية، منتقداً ما سماه «التخمة السياسية» في البلاد، بسبب وجود أكثر من 200 حزب سياسي يملك ترخيصاً قانونياً لممارسة نشاطه السياسي.
وأوضح أن الانتظارات كانت كبيرة بعد إنهاء الانتقال الديمقراطي في 2014 «لكن بعد عامين، مررنا من الأمل إلى خيبة أمل، ووضعية صعبة، وعدم وضوح للرؤية، وتفشٍ للمحسوبية والفساد. ونحن نريد أن نعيد الأمل عبر حزب البديل التونسي، ونسعى لأن نكون أقوى حزب، وقناعتي أننا سنكون لاعباً أساسياً، اعتماداً على برامج اقتصادية وسياسية بديلة تقطع مع الممارسات التي تثير قلق التونسيين. نريد أن نرسل بارقة أمل من جديد للتونسيين في مستقبل أكثر عدالة بين كل الجهات وكل الفئات».
وأوضح جمعة أن هذه الأحزاب الكثيرة بقيت في وضعية هشة لأن تركيزها كان على منصباً على الانتخابات، وتحصيل «غنائم انتخابية» لا غير، على حد تعبيره. كما انتقد الطبقة السياسية الحاكمة الحالية، بقوله «من يريد أن يحكم البلاد اليوم عليه الإنجاز والفعل، لأن الأقوال وحدها لا تكفي»، مبرزاً أن حكومة الكفاءات التي ترأسها سنة 2014 قاومت الفساد، وحاربت الفاسدين الكبار، وليس ملاحقة الباعة المتجولين البسطاء، وقال بهذا الخصوص: «نحن نحمل مشروعاً يستند إلى رؤية واضحة سنضعه على ذمة تونس».
وفي معرض حديثه عن الجانب الاقتصادي الذي يشغل بال الشارع التونسي، تعهد جمعة ببرامج اقتصادية واجتماعية تمنح «العدالة لكل التونسيين، وفرص العمل للشبان»، قائلاً إنه سيتم عرض برامجه في وقت لاحق، مشدداً على أن حزبه لن يكون حزباً آيديولوجياً، وسيسعى لاستقطاب كل الكفاءات من كل التيارات السياسية دون إقصاء، في إشارة على الأرجح للاستقطاب الثنائي الحاد بين حزب «نداء تونس» العلماني وحزب «النهضة».
وفي هذا الجانب تحديدا، يرى خبراء أن جمعة سيسعى للاستفادة من نجاحه في قيادة البلاد لانتقال سياسي كامل في 2014، وإطلاقه لحزمة من الإصلاحات الاقتصادية الدقيقة آنذاك، بهدف توسيع قاعدة حزبه، ومنافسة «النهضة» و«نداء تونس» في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
وستكون الانتخابات المحلية، المقبلة التي ستجري نهاية العام، على الأرجح أول اختبار لحزب «البديل التونسي».
وحاول جمعة، خلال أول لقاء رسمي مع وسائل الإعلام المحلية والدولية، بعد الإعلان عن حزب «البديل»، دعوة النساء إلى الانضمام إلى حزبه، بقوله «أود أن أقول للنساء: قدركن أن تأخذن بزمام الأمور، وقدر المرأة أن تحصل على الريادة، وحزب البديل مفتوح لهن لتحقيق ذلك»، علماً بأن المرأة التونسية تمثل ثقلاً انتخابياً مهماً، وقد ساهمت، وفق نتائج انتخابات 2014، بقسط كبير في تحقيق الفوز لحزب النداء الليبرالي، في مواجهة حركة النهضة (الإسلامية)، أبرز منافسيه السياسيين في تلك الانتخابات.
وقال مهدي جمعة إن من أهم شروط الانضمام إلى الحزب الجديد إعلاء المصلحة الوطنية، والابتعاد عن السياقات الآيديولوجية.
وسيبدأ حزب «البديل التونسي» في إصدار تقاريره ودراساته حول مختلف القضايا الأمنية والاقتصادية والثقافية. وفي هذا السياق، قال جمعة إن البرنامج نابع من الواقع التونسي.
ويضم الحزب الجديد مجموعة مهمة من الوجوه السياسية، وعدداً كبيراً من الشخصيات البارزة، ضمنهم وزراء سابقون تقلّدوا مناصب في فترة حكومة مهدي جمعة، مثل حكيم بن حمودة وزير المالية، ونضال الورفلي الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بتنسيق ومتابعة الشؤون الاقتصادية، ورضا صفر الوزير المعتمد لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن الأسبق، ونائلة شعبان وزيرة الدولة للمرأة والأسرة، وعمار الينباعي وزير الشؤون الاجتماعية، ونجلاء بوريال النائبة بالمجلس التأسيسي (البرلمان).
وحسب مراقبين للوضع السياسي في البلاد، فإن جمعة قد يشكل خطراً على منافسيه السياسيين، بفضل نجاحه في تأمين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي عرفتها تونس سنة 2014، واحتفاظ التونسيين بصورة إيجابية عنه، على الرغم من عدم تحقيق حكومته نتائج اقتصادية واجتماعية ملحوظة. كما عرف جمعة بنشاطه الكبير على الصعيد الدولي، سواء من خلال نادي مدريد أو في الأمم المتحدة، وله علاقات مؤثرة من الناحية الاقتصادية وجلب الاستثمارات إلى تونس.
ومنذ إعلان جمعة، خلال الأشهر الماضية، نيته العودة إلى الساحة السياسية، عرف إعلانه هجمة شرسة من قبل عدد من كبار الشخصيات السياسية، أبرزهم الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي، وحسين العباسي الرئيس السابق لنقابة العمال، إضافة إلى عدد من الأحزاب السياسية، ووسائل إعلام محلية لم تتردد في اتهامه بالسعي إلى «السطو» على نواب في البرلمان ممثلين لحزبي «مشروع تونس» الذي يتزعمه محسن مرزوق، و«حزب النداء» (شق حافظ قائد السبسي)، لتشكيل كتلة برلمانية جديدة على ارتباط بحزب «البديل».
وأشار الرئيس التونسي في حوار تلفزيوني إلى رغبة مهدي جمعة في الترشح للانتخابات الرئاسية، على الرغم من أنه ملزم بالحياد والاستقلالية، وملتزم بعدم الترشح لتلك الانتخابات.
ومن جهته، عبر حسين العباسي عن ندمه على اختيار جمعة لرئاسة حكومة الكفاءات، واتهمه بمحاولة إجهاض نتائج الحوار الوطني الذي عرفته تونس نهاية 2013.
رئيس الوزراء التونسي الأسبق يطلق حزباً لمنافسة «النهضة» و«النداء»
في خطوة قد تشكل خطراً على منافسيه السياسيين
رئيس الوزراء التونسي الأسبق يطلق حزباً لمنافسة «النهضة» و«النداء»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة