الرقة بلا ماء ولا كهرباء منذ 5 أيام... وصيانة سد الفرات تحتاج إلى أسبوعين

مقتل المسيّر لأعمال السد ومساعده وإصابة فنيين بقصف للتحالف

الرقة بلا ماء ولا كهرباء منذ 5 أيام... وصيانة سد الفرات تحتاج إلى أسبوعين
TT

الرقة بلا ماء ولا كهرباء منذ 5 أيام... وصيانة سد الفرات تحتاج إلى أسبوعين

الرقة بلا ماء ولا كهرباء منذ 5 أيام... وصيانة سد الفرات تحتاج إلى أسبوعين

سيطرت «قوات سوريا الديمقراطية» على نصف مساحة سد الفرات الذي يبلغ طوله 4 كيلومترات، حيث تتواصل العمليات العسكرية عليه «بحذر وبطء» حفاظاً على سلامة السد الذي توقف عن العمل يوم الأحد الماضي، مما استدعى هدنة مؤقتة بين قوات سوريا الديمقراطية وتنظيم داعش تتيح للمهندسين الدخول إليه وإصلاح الأعطال.
وتعرضت الهدنة لانتكاسة على ضوء ما قالت مصادر كردية بأن «داعش» استغلها لحشد قواته في المنطقة، فيما أعلنت حملة «الرقة تذبح بصمت» أمس، مقتل المهندس أحمد الحسين المدير الحالي والمسير لأعمال سد الفرات، والمساعد الفني حسن الخلف وإصابة عدد من الفنيين بجروح، نتيجة استهدافهم بقصف للتحالف الدولي على سد الفرات يوم الاثنين عند محاولتهم دخول السد لغرض الصيانة أثناء الهدنة المعلنة من قبل قوات سوريا الديمقراطية.
وبينما أعلنت الناطقة الرسمية باسم حملة «غضب الفرات» التي تنفذها «قوات سوريا الديمقراطية» جيهان شيخ أحمد أن المهندسين الذين دخلوا إلى سد الطبقة «أكدوا أن لا خطر عليه»، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن مهندسين موجودين داخل مبنى سد الفرات في شمال مدينة الطبقة بريف الرقة الغربي، قاموا بتقييم الأضرار التي تعرض لها السد، وتحديد المدة اللازمة لإعادة العمل بالسد.
وحصل المرصد السوري على معلومات من المصادر الموثوقة، التي أكدت أن الفريق الفني والهندسي التابع لحكومة النظام، بات جاهزا للدخول إلى السد، الذي لا يزال جسمه الرئيسي وعنفاته خارج سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، حيث عاودت المصادر التأكيد للمرصد بأن التقييم خرج بنتيجة مفادها، أن إعادة التشغيل الأولي تحتاج عملا لمدة تتراوح بين 24 ساعة و48 ساعة، لتشغيل المولدات والعنفات والمحطة الكهرومائية، من أجل إعادة انسياب المياه من السد نحو مجرى النهر الآخذ باتجاه الشرق، فيما تحتاج أعمال الصيانة في السد إلى ما لا يقل عن أسبوعين، نتيجة الأضرار الموجودة في السد، وتعطل غرفة التحكم وتشغيل السد، ويتطلب هذا الأمر وقفاً للأعمال القتالية في محيط السد مع وقف للضربات الجوية والعمليات العسكرية للتحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية والقوات الخاصة الأميركية المرافقة لها في المنطقة.
وأفاد المرصد بأن انقطاع المياه عن مدينة الرقة وانقطاع الكهرباء المتزامنين، أتيا بالتوازي مع توقف العمل في سد الفرات الاستراتيجي الواقع شمال مدينة الطبقة، على نهر الفرات في الريف الغربي لمدينة الرقة، ونتيجة لهذا التوقف في السد، انقطعت المياه والكهرباء عن مدينة الرقة. وأشار إلى استياء يسود الأوساط الأهلية من هذا الانقطاع، مع توتر يسود مدينة الرقة، من استمرارية الانقطاع، مع مخاوف انتشرت في المدينة خلقتها الإشاعات التي بثت في المدينة خلال الأيام القليلة المنصرمة عن احتمالية انهيار سد الفرات وإغراقه لمساحات كبيرة من ريف الرقة ومناطق سورية أخرى.
ولا تزال تتضارب المعلومات حول سلامة السد. فقد أكدت روجدا فلات، القيادية البارزة في قوات سوريا الديمقراطية أن «(داعش) روج لذلك بهدف الحد من تقدم قواتنا وإفشال الحملة التي انتشر صداها في العالم، والحقيقة أن الأضرار التي لحقت بالسد سطحية وخفيفة. قواتنا تصرفت بكثير من الحيطة والحذر حفاظاً على سلامة السد». وأضافت أن قواتهم اقتربت من أول مبنى داخل السد «ووجدت أن (داعش) زرع العديد من الألغام هناك، وعليه فإن أي خطر يهدد السد سيكون مصدره (داعش)». وشددت على أن قواتهم «تدرك تماماً أن السد يعتبر موقعاً حساساً ومهماً لسائر سوريا، والسيطرة على السد تعني محاصرة الرقة من الجهات الأربع، كما أننا نكون قد حررنا آخر السدود التي يسيطر عليها (داعش) وأيضا يعتبر قفزة نوعية نحو الرقة».
ميدانياً، أكدت قيادية بارزة في قوات سوريا الديمقراطية، أن «قوات سوريا الديمقراطية» باتت تسيطر على نصف مسافة سد الفرات، مؤكدة أن السد «يعتبر موقعاً حساساً، لذلك توخت القوات الكثير من الحذر والحيطة، إلا أن قواتنا استمرت في التقدم، حيث وصلت قواتنا إلى منتصف مسافة السد الذي يبلغ طوله 4 كيلومترات. ويمكن القول إن نصف السد أصبح تحت سيطرة قواتنا، إلا أننا نتقدم بحذر وبطء حفاظاً على سلامة السد».
هذا، وتواصلت المعارك العنيفة بين قوات سوريا الديمقراطية و«داعش» في محيط مطار الطبقة العسكري، إثر هجوم لعناصر من التنظيم ترافق مع تفجير عربة مفخخة في المنطقة، حيث يسعى عناصر التنظيم من خلال هجماتهم المتلاحقة، إلى استعادة السيطرة على المطار.
في المقابل، قلص النظام المسافة التي تفصله عن مطار الجراح بريف حلب الشرقي إلى 3 كيلومترات، حيث واصلت قوات النظام تقدمها على حساب «داعش» بريف حلب الشرقي وسيطرت على المزيد من القرى والمواقع التي انسحب منها التنظيم.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.