قال وزير الثقافة اليمني، مروان دماج، إن حكم الإعدام الذي أصدره قضاء الحوثي - صالح يعبر عن رفض هذا التحالف لكل مشاريع السلام، الذي لا يمكن أن يتجاوز شرعية الرئيس هادي المنتخب من الشعب، مؤكداً في حوار مع «الشرق الأوسط» أن المشاريع الطائفية لميليشيات الحوثي – صالح، والصراعات التي يزجون باليمنيين فيها يومياً، وتصرفاتهم كافة، توحي بأنهم يحاولون أن يعيدوا إنتاج الجمهورية العربية اليمنية (العودة إلى التشطير أو الانفصال)، لأنهما، الحوثي وصالح، لا يرغبان في التنازل أو في السلام.
وتطرق الحوار مع الوزير اليمني إلى جملة من القضايا، منها تنصل صالح في الآونة الأخيرة من علاقته بالحرب، معتبراً أن صالح ما فتئ يبحث عن فرصة ليقدم نفسه، مجدداً، في الساحة، باحثاً عن مساحة في أية تسوية مقبلة. كما يتطرق الحوار إلى جملة من القضايا المتعلقة بالحكومة اليمنية، وغيرها من القضايا. وفيما يلي نص الحوار:
* الحوثيون وصالح أصدروا حكماً بالإعدام على الرئيس عبد ربه منصور هادي ومسؤولين حكوميين آخرين. كيف تنظرون لذلك؟
- موضوع حكم الإعدام الذي أصدره قضاء الحوثي - صالح يمكن النظر له من زاويتين: الأولى أنه يعبر عن رفض تحالف الحوثي - صالح لكل مشاريع السلام التي لا يمكنها أن تتجاوز شرعية الرئيس هادي المنتخب من الشعب، ومن ناحية أخرى فإن أحكام الإعدام تستخدم للعمل الدعائي، في محاولة لشد عصب جمهور تحالف الحوثي – صالح، والتصوير له أنهما ما زالا في وضع قوة وهو يرى تآكل قوتهما في كل مكان.
* هنالك نهج من قبل الانقلابيين لإغراق البلاد بمزيد من الصراعات، ومحاولة تقسميها بشكل طائفي إلى قسمين، في خطوة قد ينظر لها البعض على أنها تأتي في سياق حفاظهم على حكم الشمال ومناطق سيطرتهم. هل تتوقعون أن يحدث ذلك مستقبلاً؟
- نظراً لتغير ميزان القوى، وتآكل قوة تحالف الحوثي - صالح العسكرية، وفقدان الثقة بهما من قبل أوساط واسعة من مؤيديهم، فإن تحالف الحوثي - صالح، ولإدراكه لذلك، غيّر من هدفه، من الاستيلاء على كل اليمن إلى العودة إلى حدود الجمهورية العربية اليمنية (الحدود الشطرية قبل قيام الوحدة اليمنية في 22 مايو (أيار) 1990) في مستوى أول، وإلى التراجع والتخندق في حدود المنطقة القبلية الشمالية التي حاولوا تعبئتها من البداية، باعتبارها مستهدفة بزعمهم، وتقديم نفسيهما ممثلين لمصالح أبنائها، بالترويج أن مشروع إلغاء الطابع التسلطي للدولة على الفيدرالية يستهدفهم، ويستهدف حصارهم؛ ونرى مؤشرات ذلك تزداد في خطاب وممارسة صالح والحوثي، كما نرى في خطاب صالح الذي ذكر المحافظات الشمالية دون الجنوبية، والطابع الطائفي بيّن منذ البداية في تركيبة وخطاب الحوثي، وباعتقادي أن أي حل أو تسوية خارج المرجعيات المعلنة، سواء التي في القرار الدولي أو الوثائق بشكل خاص (وثائق الحوار الوطني)، سيحقق لطرف التحالف الانقلابي بعض مما يريد.
* تنصل صالح في خطابة الأخير من كونه شريكاً في الانقلاب، وقال إن الصراع القائم هو بين الحوثيين وحكومة هادي. لم هذا الهروب برأيكم؟
- تنصل صالح يعكس ميله الدائم للمناورات التي يظن أن من شأنها أن تطغي على الوقائع الواضحة، وصالح المدرك لتآكل إمكانياته ونفوذه وفرصه يحاول أن يحجز لنفسه مكاناً في أي تسوية منتظرة، ولتبرئة نفسه - كما هو دأبه الدائم - من كل مسؤولية.
* فشلت 4 جولات من المفاوضات بين اليمنيين. هل تعتبرون ذلك مؤشراً على انعدام فرص السلام في البلاد؟
- بالنسبة للمفاوضات، المسألة تتعلق بشروط التسوية والسلام الممكنة، التي ما زالت غير متوفرة، فتحالف صالح - الحوثي لا يقبل بتساوي عموم المواطنين، وتمتعهم بالحقوق نفسها، وهو يرى في كل شكل غير سلطوي للدولة، وكل شكل نظام لا يؤمن لهما الهيمنة، نظاماً مرفوضاً، ويستخدم في رفض ذلك كل الوسائل، وإلا لماذا كان الانقلاب؟ ولما كانت الحرب؟ فأغلب المسائل كان قد تم الاتفاق عليها في مؤتمر الحوار الوطني، كما شملتها المبادرة الخليجية، بما فيها حصانة مفتوحة وغير عادلة لصالح عن كل ماضيه، وكذا قبول زعيم الحوثيين بتمثيل صعدة، بينما هو لا يمثل إلا تياراً سياسياً واجتماعياً فيها. ورغم كل تلك التنازلات، ذهبا للحرب؛ حرب لم تكن لها ضرورة، وكان من الممكن تجنبها في الحالة اليمنية؛ وتلك أكبر جرائم هذا التحالف الرجعي.
* ألقت الحرب التي دخلت عامها الثالث بثقلها على اليمنيين، في ظل وضع إنساني أكثر صعوبة. ما دور الشرعية في معالجة هذا الوضع؟
- الوضع الإنساني صعب، وهو يزداد صعوبة للأغلبية الساحقة من المواطنين الذين كانوا يعانون أصلاً من الفقر والتهميش والبطالة حتى قبل الحرب، وكانت تلك من أسباب انتفاضتهم وثورتهم الأساسية (ثورة 11 فبراير/ شباط 2011)، في حين تستفيد في المقابل شرائح من الانقلابيين من سوق سوداء واقتصاد حرب في تراكم ثرواتها، ولم تسلم حتى المعونات المقدمة للمواطنين من قبل المنظمات الدولية من عبث الميليشيات واستغلالها والاتجار بها.
هذا الوضع يحتاج من الحكومة، وكل مؤسسات الشرعية، تعبئة الموارد الممكنة، رغم كل الصعوبات والمعوقات، وتحسين إداراتها لتسهم في تخفيف المعاناة عن الناس، كما أن على المقاومة، المشاركة في إدارة المناطق المحررة، تقديم نموذج رشيد للإدارة، بمشاركة عموم المواطنين في المناطق، فالمواطنون هم أصحاب الشأن في الأول والأخير، والأكثر معرفة بحاجاتهم، وهم يملكون كل القدرات اللازمة، ولا شك طبعاً أن الحكومة بحاجة لكل الدعم من الأشقاء في التحالف العربي وكل الدول الصديقة التي قدمت الكثير، وهو ما لن ينساه الشعب اليمني، وهو محل تقدير، كما أن على المنظمات الدولية المعنية، سواء التابعة للأمم المتحدة أو غيرها، أن تطور أساليبها في إشراك الناس المعنيين بتلقي المساعدات، لتحسين وترشيد عملها، كما أن عليها أن تكون أكثر صراحة وشفافية في تحميل معرقلي وصول المعونات والمساعدات.
* أدت الحرب في البلاد إلى نزوح 3 ملايين شخص. هل عالجت الحكومة أوضاعهم؟ وكيف تنظر الحكومة لهذا الرقم الكبير؟
- 3 ملايين نازح عدد كبير، وفي ظروف الحرب وانهيار أغلب مؤسسات الدولة، والاستيلاء على مقدراتها من قبل حلف الانقلاب، فإن معالجة أوضاعهم ليست بالمهمة السهلة، وكثير من النقد الموجه للحكومة في هذا الجانب مفهوم وطبيعي، رغم كل المعوقات والصعوبات. جزء كبير من استيعاب هؤلاء النازحين تم بوسائل شعبية واجتماعية في الأرياف اليمنية، من قبل شعب فقير يعاني من صعوبات في حياته، إلا أنه شعب كريم مبادر متضامن، يملك تقاليد كبيرة في التعاون، والحكومة بدورها قامت وتقوم بمجهود كبير في التعامل مع هذه الأزمة الكبيرة، لكن يبقى نقد أدائها محقاً عموماً، ولا بد من تحسين وتطوير الأداء مهما كانت المعوقات.
* هل تمكنت الحكومة اليمنية من تجاوز كثير من المعوقات جراء الانقلاب والإيفاء بالتزاماتها؟
- رغم الصعوبات الموضوعية التي تعيق وتؤثر على أداء الحكومة في مختلف المسائل، وحرمانها من كثير من الأدوات والإمكانيات، وتواصل استهدافها الأمني والسياسي والدعائي، ورغم التحسن في مستويات كثيرة خدمية وسياسية وعامة، وبذلها جهوداً كبيرة متنامية، فإن أغلب شكاوى المواطنين أيضاً صحيحة وموضوعية؛ هذا واقعنا، وعلينا مواجهته، وتجاوز كل صعوبة وقصور. هناك أيضاً الشكوى من بطء في بعض المسائل والقرارات، وسببها يعود إلى غياب كثير من القواعد المؤسسية وقواعد البيانات والكادر، لكن الأمور تتحسن في هذه المسائل كل يوم، والإدارة اليمنية تحتوي على طاقات كبيرة ومؤهلة وتتمتع بالمسؤولية.
* هل يمكنكم أن تحدثونا عن وضع المؤسسات الثقافية في ظل الحرب؟
- بالنسبة للمؤسسات الثقافية، فهي كانت تشكو من الإهمال والقصور، وحرمانها من الإمكانيات، حتى قبل الحرب، ومن سنوات طويلة، للأسف الشديد، وذلك يعكس الوعي القاصر السائد الذي يراها كمالية واحتفالية ومناسباتية للبهرجة ليس إلا، لكن زادت الأمور صعوبة وسوءاً بفعل الحرب التي شنها تحالف ميليشيات الحوثي - صالح على البلد والشعب، وتعرضت كثير من المؤسسات والمنشآت للدمار التام، كما أن جزءاً من التراث المعماري والتاريخي تعرض للدمار الكلي أو الجزئي، وبعضه للنهب.
نحن من جانبنا في وزارة الثقافة، ورغم كل الظروف والصعوبات والأولويات، ندرك قيمة الثقافة ودورها في استعادة اليمنيين لبلدهم وحياتهم، وقدرتها على ترميم كثير من الخراب الذي أحدثه الاستبداد، وتوطين ثقافة السلام والتعايش، والاحتفاء بالتنوع والتعدد والاعتراف المتبادل، ورغم شحة الإمكانيات، فإننا نسعى إلى إحياء وتنشيط وإعادة بناء المؤسسات الثقافية الأساسية، ومد يد العون للمثقفين والفنانين والمبدعين الذين يعانون مثل بقية شعبهم، ورهاننا الأساسي على شعبنا ومثقفينا وكل موظفي ومنتسبي الوزارة والثقافة، ونتوقع أن نلقى كل الدعم من كل المؤسسات والجهات، وطبعاً فوجودنا في عدن، التي كانت دائماً رئة الثقافة الحديثة ونفسها النقي، والتي كانت دائماً نافذة على ثراء وتنوع الثقافة بمختلف روافدها، سيحفزنا ويساعدنا على ذلك، رفقة كل المثقفين والفنانين والمبدعين.
وزير الثقافة اليمني: صالح يريد حجز مكان له في أي تسوية
قال لـ«الشرق الأوسط» إن النظام السابق حوّل المؤسسات الثقافية للمناسبات... والميليشيات دمرتها
وزير الثقافة اليمني: صالح يريد حجز مكان له في أي تسوية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة