الملف السوري بين أروقة جنيف وموسكو وأنقرة

نزوح 40 ألف نازح من حماة

وفد المعارضة السورية في جنيف (إ.ب.أ)
وفد المعارضة السورية في جنيف (إ.ب.أ)
TT

الملف السوري بين أروقة جنيف وموسكو وأنقرة

وفد المعارضة السورية في جنيف (إ.ب.أ)
وفد المعارضة السورية في جنيف (إ.ب.أ)

أكدت تصريحات للمعارضة السورية أن مفاوضات جنيف لا تزال متعثرة، وذلك بالتزامن مع حركة زيارات دولية سيكون خلالها الملف السوري حاضراً، وأبرزها زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى موسكو، ووزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى أنقرة.
وكشف كبير المفاوضين في وفد الهيئة العليا للمفاوضات محمد صبرا لوكالة «الصحافة الفرنسية»، أن العملية السياسية لتسوية النزاع السوري في جنيف لا تزال متوقفة لأسباب أساسية، متهماً النظام بـ«عدم الانخراط الجدي» في المفاوضات. وأعرب عن اعتقاده بأنه لا يمكن إنضاج أي حل سياسي للنزاع السوري الذي دخل عامه السابع من دون انسحاب روسيا من القتال في سوريا وبغياب دور أميركي فاعل.
وأوضح صبرا أن التقدم الذي تمت الإشارة إليه أمس (الاثنين) يتعلق بمضمون المباحثات التي تطرقت بالعمق إلى «الإجراءات الدستورية الناظمة للمرحلة الانتقالية والإعلان الدستوري المؤقت وصلاحية إصداره من هيئة الحكم الانتقالي». وأضاف: «التقدم هو في المحادثات وليس في العملية السياسية. وهناك فارق جوهري بين الأمرين».
وانطلقت جولة خامسة من المحادثات بين النظام والمعارضة في جنيف الخميس الماضي، على أن تبحث بشكل متوازٍ 4 عناوين رئيسية؛ هي الحكم والانتخابات والدستور ومكافحة الإرهاب. ويصر وفد المعارضة الرئيسي على بحث الانتقال السياسي بوصفه مظلة شاملة للعناوين الأخرى، في وقت يشكل فيه بند مكافحة الإرهاب الأولوية المطلقة بالنسبة إلى النظام.
وجدد صبرا موقف المعارضة من مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد، مشيراً إلى أنه «بمجرد تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، تنتهي السلطات السيادية بكل أنواعها»، لافتاً إلى أن المعارضة تطالب «بإحالة الأسد وزمرته إلى المحاكمة العادلة بمجرد تشكيل هذه الهيئة».
وفيما يلتقي وفد من الهيئة العليا للمفاوضات في الساعات المقبلة نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف في جنيف، حمل صبرا، موسكو، مسؤولية «كل من سقط من ضحايا» منذ بدء تدخلها العسكري في 30 سبتمبر (أيلول) من عام 2015 الذي أسهم في قلب موازين القوى على جبهات عدة لصالح النظام.
وبالتزامن مع ذلك، يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم (الثلاثاء) نظيره الإيراني حسن روحاني، في زيارة هي الأولى له منذ انتخابه رئيساً لإيران في عام 2013، لإجراء محادثات مرتقبة بشأن الملف السوري الشائك، إذ يعد البلدان أبرز داعمين للنظام السوري.
وروحاني الذي وصل مساء أمس (الاثنين) إلى العاصمة الروسية سبق أن اجتمع مع رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف وأعرب أثناء محادثاتهما عن الأمل في أن تشكل زيارته «منعطفاً جديداً» في العلاقات الثنائية، إضافة إلى تعزيز السلام والاستقرار على الساحة الدولية.
وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي قال عشية هذه الزيارة إن الرئيسين الروسي والإيراني اللذين يدعمان النظام السوري سيبحثان «قضايا إقليمية، خصوصاً الأزمة السورية، والحلول الكفيلة بإنهائها سريعاً». كما سيتطرق الرئيسان إلى مكافحة «الإرهاب والتطرف».
وفي أنقرة، من المتوقع أن يحضر أيضاً الملف السوري، خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، بعد وصوله يوم الخميس المقبل، خصوصاً خلال اللقاء المرتقب مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
وستحتل الأوضاع في مدينة الرقة السورية وما حولها جانباً بارزاً من جدول الأعمال في ظل اشتداد القتال ضد تنظيم داعش خلال الأيام الماضية، إضافة إلى الخلافات بشأن بعض القضايا، ومن بين ذلك؛ الأدوار التي تلعبها بعض جماعات المعارضة، المدعومة من واشنطن، مثل قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردية.
على صعيد متصل بالاحداث، ذكرت الأمم المتحدة اليوم، أن نحو 40 ألفا معظمهم من النساء والأطفال نزحوا بسبب القتال الدائر إلى الشمال الغربي من مدينة حماة السورية.
وقالت الأمم المتحدة إن سكانا فروا إلى الجنوب والغرب من مدينة حماة وإلى بلدات أخرى قريبة ومناطق مجاورة من بينها حمص واللاذقية وطرطوس منذ بدأ مقاتلو المعارضة هجوما في المنطقة قبل أسبوع.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.