تبدو قيادات فصائل المعارضة السورية مطمئنة إلى حد بعيد لكونها نجحت، كما تقول، في إيصال الرسائل المناسبة التي بمعظمها سياسية بمواكبة مفاوضات جنيف. وتعبر الفصائل عن ذلك الاطمئنان على الرغم من استعادة قوات النظام السوري خلال الساعات الماضية معظم المواقع التي خسرها في الأطراف الشرقية للعاصمة دمشق، نتيجة الهجمات التي شنتها فصائل المعارضة قبل نحو أسبوع. وأيضا على الرغم من الحملة الجوية غير المسبوقة التي تُشن على ريف محافظة حماة للتصدي للهجوم المعارض المستمر منذ يوم الثلاثاء الذي يهدف للوصول إلى مدينة حماة ومطارها العسكري.
أحد قياديي المعارضة قال لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه، إن «الرسالة من فتح المعركة في دمشق تختلف عن تلك التي تم توجيهها من ريف حماة، لكن الهدف المشترك لهما، التصدي لسلسلة المصالحات التي ترسخ سياسة التهجير ووقف المسار الخاطئ الذي فرضته محادثات آستانة». ولفت المصدر أنّه «حتى ولو عادت الأمور عسكريا في دمشق، مثلا إلى نقطة الصفر، فإن الرسالة السياسية وصلت وبشكل مدوٍّ إلى المجتمع الدولي، ومفادها بأن المعارضة لا تزال تمتلك نوعا من توازن القوى، وهي قادرة على إشعال العاصمة متى أرادت ذلك وبإمكانياتها الذاتية».
من ناحية أخرى، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن فصائل المعارضة المقاتلة عند أطراف دمشق والمؤلفة من «هيئة تحرير الشام» و«فيلق الرحمن» و«حركة أحرار الشام»، انسحبت من كل النقاط المتبقية لها في المنطقة الصناعية بين حيي جوبر والقابون الواقعين في الأطراف الشرقية للعاصمة، وذلك «نتيجة القصف الجنوني والمكثف من قبل قوات النظام والمسلحين الموالين لها والغارات المكثفة من قبل الطائرات الحربية على أحياء دمشق». وكانت الفصائل المعارضة قد شنت الأحد الماضي هجوما عنيفا ومباغتا في المنطقة، ما أدّى إلى وصول الاشتباكات إلى كراجات العباسيين والمناطق الواقعة بين حي جوبر ومنطقة العباسيين وكراجاتها. وتمكنت مجموعات المعارضة من تحقيق تقدم واسع في كتل ومبان ومعامل ومصانع في المنطقة الصناعية الواقعة بشمال جوبر في القسم الفاصل بينها وبين منطقة القابون الصناعية، قبل أن تعاود قوات النظام التقدم فيها بهجمات معاكسة، مستعينة بغطاء من الضربات الجوية والصاروخية والمدفعية العنيفة والمكثفة، وبذلك استعادت السيطرة على كامل ما خسرته من مناطق.
وللعلم، أدّت معركة دمشق الأخيرة التي استغرقت نحو أسبوع كامل إلى مقتل مائتي مقاتل، بينهم 82 عنصرا على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية، مقابل مقتل 115 من عناصر المعارضة، بحسب «المرصد».
وحول «معركة دمشق»، قال الباحث المتخصص بشؤون الجماعات المتشددة، عبد الرحمن الحاج، إن الهدف الأساسي منها كان «دفاعيا»، ويندرج في إطار السعي لتحصين المنطقة المحاصرة ووصل القابون بالغوطة، «كما كان بجزء أساسي منه لتوجيه رسالة إلى المجتمعين في جنيف بأن النظام ضعيف، وأن المعارضة كانت قادرة على إشعال العاصمة بإمكانياتها الذاتية، وهو ما يواكب التغييرات الطارئة على الإدارة الأميركية التي تتمسك بتقليص النفوذ الإيراني في سوريا». وقال الحاج لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه: «في المقابل كانت معركة ريف حماة هجومية بشكل رئيسي، وتهدف إلى وصل مناطق المعارضة بحمص، وإفشال محاولات النظام السيطرة على سوريا المفيدة التي تشكل حمص العقدة الأساسية فيها». وأكّد الحاج أنه «لا وجود لأي مؤشرات بحصول المعارضة على دعم خارجي في الأيام الماضية»، لافتا إلى أن المعارك التي خاضتها إن كان في دمشق أو ريف حماة لا تحتاج «إلى إمداد عسكري، علما بأنها تمتلك ما يكفي من السلاح لفتح معارك أكبر وأطول».
هذا، وبعكس ما حصل في دمشق، لم يتمكن النظام في ريف محافظة حماة خلال الساعات الماضية، رغم الحملة الجوية التي أكّد ناشطون أنّها «غير مسبوقة»، إلا من استعادة قريتين أو ثلاث من أصل عشرات القرى التي سيطرت عليها المعارضة مع انطلاق معركة «وقل اعملوا» منذ خمسة أيام، بهدف الوصول إلى مدينة حماة ومطارها العسكري. وقال مكتب أخبار سوريا، إن قوات النظام شنت هجوما في عدة محاور بريف حماة، محاولة استعادة قرى خسرتها خلال الأيام الماضية، ما أدى إلى اندلاع مواجهات مع فصائل المعارضة تركزت في محيط قرى معرزاف والشير بالريف الغربي وكوكب بالريف الشمالي الشرقي. في وقت واصلت فيه هذه الفصائل، لليوم الثاني على التوالي، التقدم للسيطرة على بلدة قمحانة، المعقل الأبرز للميليشيات المساندة للنظام بالريف الشمالي، إذ دمرت ثلاث دبابات نظامية عبر استهدافها بصواريخ مضادة للدروع.
6:40 دقيقة
المعارضة السورية توجه رسائل دفاعية من دمشق وهجومية من ريف حماة
https://aawsat.com/home/article/886811/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D8%B6%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D8%AC%D9%87-%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%AF%D9%81%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%AF%D9%85%D8%B4%D9%82-%D9%88%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%B1%D9%8A%D9%81-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%A9
المعارضة السورية توجه رسائل دفاعية من دمشق وهجومية من ريف حماة
النظام استعاد ما خسره في العاصمة... والفصائل تتمسك بمكتسباتها وسط البلاد
- بيروت: بولا أسطيح
- بيروت: بولا أسطيح
المعارضة السورية توجه رسائل دفاعية من دمشق وهجومية من ريف حماة
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة