أعلنت مفوضية بروكسل، بصفتها الجهاز التنفيذي للتكتل الأوروبي الموحد، أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكلفها 58 مليار يورو، وذلك على لسان رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر. ويأتي هذا التصريح في وقت يستعد فيه الاتحاد لتلقي الإخطار الرسمي من لندن بقرارها ترك التكتل الموحد، وتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة المنظمة لهذا التحرك.
وأوضح يونكر أنه تم حساب كل التزامات بريطانيا تجاه الاتحاد، مشيراً إلى أن المبالغ المستحقة يجب أن تُدفع، ونفى أن يكون للاتحاد أي نية لمعاقبة البريطانيين على قرارهم «ولكن من الواضح أننا سنعمل على منع دول أوروبية أخرى من سلوك الطريق نفسه».
وتعتبر المسائل المتعلقة بمستحقات بريطانيا للاتحاد، ومساهماتها في الموازنة الأوروبية حتى عام 2020، من المسائل الشائكة التي يتعين على الطرفين حلها خلال مفاوضات «الطلاق» التي ستنطلق بعد أن يتبنى الاتحاد الخطوط العريضة للتفاوض، ويزود الجهاز التنفيذي الأوروبي بتفويض واضح بهذا الشأن.
كان كبير المفاوضين الأوروبيين، ميشال بارنييه، قد أكد قبل أيام أن المفاوضات مع لندن ستكون «صعبة ومعقدة»، مضيفاً: «علينا أن نكون حازمين وعادلين»، وشدد على أن خروج بريطانيا من الاتحاد يجب ألا يخلق، بالنسبة لها، حالاً أفضل من وجودها داخله.
وفي قمة قادة أوروبا، ببروكسل، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، شدد القادة على الوقوف وبحزم مع ما ورد في بيانهم الذي صدر في 29 يونيو (حزيران) الماضي، أي بعد أيام من إعلان نتائج الاستفتاء في بريطانيا.
وقال القادة: «سوف نستمر في التمسك بالمبادئ المنصوص عليها في البيان»، وأكدوا من جديد على أن أي اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا سيتم على أساس التوازن بين الحقوق والواجبات، وأن الوصول إلى سوق واحدة يعتمد على شرط واحد، هو الحفاظ على جميع الحريات الأربع، حسب ما جاء في البيان الذي أشار إلى أن إعلان بريطانيا رسمياً الانسحاب من الاتحاد ستعقبه الخطوة الأولى، التي تتمثل في وضع المبادئ التوجيهية التي من شأنها أن تشكل إطاراً للمفاوضات، على أن يواصل مجلس الاتحاد الأوروبي مراقبة العملية التفاوضية بشكل مستمر، ويمكن أن يقوم بتحديث هذه التوجهات حسب ما يقتضيه سير التفاوض.
وقبل يومين، أعلن كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي، ميشال بارنييه، أن على المملكة المتحدة أن توافق على دفع مستحقات الاتحاد الأوروبي قبل أن تدخل في مفاوضات مع بروكسل حول الاتفاق التجاري لما بعد «بريكست».
وقال بارنييه، في خطاب ألقاه أمام لجنة المناطق ببروكسل، التي تضم ممثلين محليين وإقليميين للاتحاد الأوروبي: «سأكون واضحاً: عندما يغادر بلد الاتحاد الأوروبي لا يوجد عقاب، ولا ثمن يتوجب دفعه، إلا أنه لا بد من تسديد الحسابات، لا أكثر ولا أقل». وشدد على أن خروج المملكة المتحدة سيلقي بثقله على برامج التمويل الخاصة بالموازنة الأوروبية، مثل الصندوق الاجتماعي الأوروبي (90 مليار يورو)، والصندوق الأوروبي للتنمية الإقليمية (نحو 200 مليار يورو)، وخطة يونكر للاستثمار (نحو 315 مليار يورو).
وقال بارنييه، في أول كلمة علنية له منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي: «لن نطالب البريطانيين بدفع أي يورو لأشياء لم يعطوا موافقتهم عليها كدولة عضو»، ولم يقدم أي رقم رسمياً، إلا أن مسؤولاً أوروبياً كبيراً أعلن أن المفوضية تقدر المبلغ الذي سيتوجب على المملكة المتحدة دفعه لسداد مجمل مستحقاتها بما بين 55 و60 مليار يورو.
ويأتي خطاب بارنييه بعد الإعلان عن موعد التاسع والعشرين من مارس (آذار) لتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة، وبالتالي انطلاق المفاوضات للخروج من الاتحاد الأوروبي. وشدد بارنييه على أنه يسعى «لوضع الأمور في نصابها بالتسلسل: التوصل أولاً إلى اتفاق حول مبادئ انسحاب منظم للمملكة المتحدة، ليتم النقاش بعدها بثقة حول مستقبل علاقتنا».
وتابع بارنييه: «قد لا يكون من المبكر العمل اليوم على رسم الخطوط العريضة لهذه الشراكة الجديدة، حتى لو كان من المبكر جداً بدء التفاوض بشأنها. وفي قلب هذه الشراكة، سيكون هناك اتفاق التبادل الحر الذي سنتفاوض بشأنه في الوقت المناسب مع المملكة المتحدة»، وختم قائلاً: «إن ما نريده هو العمل على إنجاح هذا التفاوض. سنكون حازمين من دون أن نكون ساذجين».
وقال ديفيد براس، مدير معهد شومان الأوروبي في بروكسل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتوقع مفاوضات طويلة وصعبة للغاية، مضيفاً أن أهمية تلك التصريحات تأتي من كونها تُطلق قبل الإعلان عن انطلاق مفاوضات بين لندن وبروكسل، من المتوقع أن تستغرق عامين على الأقل، لوضع ترتيبات خروج بريطانيا من عضوية التكتل الموحد، وطبيعة العلاقة المستقبلية بين الجانبين، وفقاً للمادة 50 من المعاهدة الدستورية للاتحاد.
وفي الأسبوع الماضي، قال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، في مقابلة صحافية، إنه ليس قلقاً من انسحاب دول أخرى من الاتحاد الأوروبي، لأن انسحاب بريطانيا سيجعل تلك الدول ترى أن ذلك لم يكن خياراً جيداً. ورداً على سؤال من صحيفة «بيلد إم زونتاج» عما إذا كانت دول أخرى ستسير على خطى بريطانيا، قال يونكر: «لا. إن نموذج بريطانيا سيجعل كل (عضو) يدرك عدم جدوى الانسحاب»، وأضاف: «على العكس، فإن الدول الأعضاء الباقية ستكون على وفاق مع بعضها بعضاً مرة أخرى، وتجدد تعهداتها للاتحاد الأوروبي»، وأكد أن على بريطانيا أن تعتاد على معاملتها كدولة غير عضو بالاتحاد.
وتابع: «إن خيار نصف عضوية، أو المزايا الانتقائية للعضوية، غير متاح. في أوروبا، أنت تأكل مما هو موضوع فوق المائدة، أو لا تجلس إليها».
وأضاف يونكر أن دولاً أخرى ستنضم إلى الاتحاد الأوروبي مستقبلاً، لكن ليس في عهده الذي ينتهي في 2019، لأن الدول المرشحة للانضمام للاتحاد لم تف بالمتطلبات بعد.
7:57 دقيقة
المفوضية الأوروبية: «بريكست» يكلف بريطانيا 58 مليار يورو
https://aawsat.com/home/article/886066/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D9%88%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%C2%AB%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%B3%D8%AA%C2%BB-%D9%8A%D9%83%D9%84%D9%81-%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7-58-%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%B1-%D9%8A%D9%88%D8%B1%D9%88
المفوضية الأوروبية: «بريكست» يكلف بريطانيا 58 مليار يورو
مفاوضات الخروج ستكون «صعبة ومعقدة»
- بروكسل: عبد الله مصطفى
- بروكسل: عبد الله مصطفى
المفوضية الأوروبية: «بريكست» يكلف بريطانيا 58 مليار يورو
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة