القوات العراقية تعد لاستخدام أساليب جديدة في معركة الموصل

مطالبات بتغيير قواعد الاشتباك مع ازدياد أعداد القتلى المدنيين

عناصر في الشرطة الاتحادية العراقية يداهمون منزلاً في غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)
عناصر في الشرطة الاتحادية العراقية يداهمون منزلاً في غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

القوات العراقية تعد لاستخدام أساليب جديدة في معركة الموصل

عناصر في الشرطة الاتحادية العراقية يداهمون منزلاً في غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)
عناصر في الشرطة الاتحادية العراقية يداهمون منزلاً في غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)

أعلن مسؤولون عسكريون أمس أن القوات العراقية تتأهب لهجوم جديد على تنظيم داعش بالاستعانة بأساليب جديدة بعد أن تباطأ في الآونة الأخيرة التقدم في الحملة لطرد المتشددين من آخر معقل كبير لهم في البلاد وارتفعت حصيلة القتلى بين المدنيين.
وقال متحدث عسكري إن وحدات مكافحة الإرهاب الخاصة حققت بعض التقدم ضد المتشددين في مناطق في غرب الموصل أمس على الرغم من توقف العمليات التي تقوم بها الوحدات الأخرى.
وتمكنت العملية المدعومة من الولايات المتحدة لطرد «داعش» من الموصل، التي دخلت الآن شهرها السادس، من استعادة معظم أجزاء المدينة. وتسيطر القوات العراقية على الجزء الشرقي من المدينة بالكامل ونحو نصف الجانب الغربي. لكن، حسب وكالة «رويترز»، تعثر التقدم في الأسبوعين الأخيرين مع وصول القتال إلى الحي القديم الذي تنتشر به الأزقة الضيقة، وأبدى المتشددون مقاومة شرسة واستخدموا السيارات الملغومة والقناصة وقذائف الهاون ضد القوات والسكان.
وقال العميد يحيي رسول، المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية للتلفزيون الرسمي، إنهم سيفاجئون «داعش» في الأيام القليلة المقبلة باستخدام خطط جديدة تتم مناقشتها الآن في قيادة العمليات المشتركة، لكنه لم يدل بتفاصيل عن تلك الأساليب الجديدة. وقال رسول إن القوات الخاصة لمكافحة الإرهاب تقدمت في معارك صعبة من مبنى لمبنى للسيطرة على مناطق خارج المدينة القديمة بما يشمل حي اليابسات. وأضاف أن مقاتلي «داعش» يضعون سيارات ملغومة ويجبرون السكان على نقل الأثاث إلى الشوارع لاستخدامه في إبطاء تقدم القوات العراقية.
وفي المدينة القديمة التي تقدمت فيها قوات الرد السريع، وهي وحدة تابعة لوزارة الداخلية، وقوات الشرطة الاتحادية لم ترد أنباء عن تحقيق تقدم جديد. وقال المقدم عبد الأمير المحمداوي، المتحدث باسم قوات الرد السريع عبر الهاتف، إنه لم تكن هناك عمليات أمس.‭‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬وأضاف أن الهجمات ستستأنف قريبا بالاستعانة بأساليب جديدة تناسب القتال في الحي القديم لكنه لم يخض في تفاصيل.
وأفاد ضابط في الشرطة الاتحادية بأن الأساليب الجديدة ستشمل نشر وحدات إضافية من القناصة لمواجهة قناصة «داعش». وطلب الضابط عدم نشر اسمه لحساسية الأمر.
وتمركز مقاتلو «داعش» في منازل مملوكة لسكان الموصل لإطلاق النار على القوات العراقية، وهو ما أدي في كثير من الأحيان إلى غارات جوية أو هجمات بالمدفعية أسفرت عن مقتل مدنيين. ونفذ المتشددون أيضا هجمات مضادة منعت أحيانا القوات العراقية من التقدم عند المشارف الجنوبية للحي القديم. ويقول مسؤولون عسكريون إن السحب والأمطار في الأسابيع الأخيرة حالت دون توفير دعم جوي فعال. ومن بين الأهداف القادمة للقوات العراقية داخل الحي القديم جامع النوري الذي ستمثل السيطرة عليه نصرا رمزيا كبيرا. وكان زعيم تنظيم داعش، أبو بكر البغدادي، قد أعلن من هذا الجامع عام 2014 عن إقامة «خلافة» في مناطق كبيرة من العراق وسوريا.
ومع استمرار المعركة يواجه مزيد من المدنيين خطر فقد الحياة أو النزوح عن الديار. وذكر مسؤولون محليون وسكان أول من أمس أن العشرات دفنوا تحت المباني المنهارة بعد ضربة جوية استهدفت «داعش» وسببت انفجارا هائلا الأسبوع الماضي.
إلى ذلك، طالب نائب الرئيس العراقي، أسامة النجفي، أمس، بالتوقف الفوري عن قصف أحياء الجانب الغربي للموصل، داعيا إلى إعادة النظر بقواعد الاشتباك العسكري مع مسلحي تنظيم داعش بعد سقوط عشرات القتلى من المدنيين. وقال النجيفي، الذي يتحدر من الموصل، في بيان، إنه «سبق أن أكدنا ضرورة تعزيز الثقة والعلاقة بين قواتنا المسلحة المشاركة بتحرير نينوى والمواطن الموصلي، والحفاظ على هذه العلاقة واجب وطني وأخلاقي ينبغي ألا يخرق من قبل بعض فصائل المقاتلين الذين يستخدمون أسلحة غير مناسبة في استهداف تنظيم داعش».
ونقلت شبكة «رووداو» الإعلامية عن النجيفي قوله إن «الأسلحة ذات التأثير الممتد كالمدافع والصواريخ تسبب أضرارا يعاني منها مواطنونا في الموصل أكثر من مجرمي (داعش) فضلا عن تدميرها للبنى التحتية التي هي ملك للشعب»، مؤكدا أن «الأمور قد تفاقمت فاستهداف مناطق مدنية دون التثبت من وضعها ألحق خسائر كبيرة في صفوف المدنيين الأبرياء». ولفت إلى أن «القصف الجوي والاستخدام المفرط للمدفعية والصواريخ أوقع مئات الضحايا في صفوف المدنيين الذين يشكلون الهدف الأعلى للتحرير». وشدد على ضرورة «توجيه الأوامر الفورية بالتوقف والحذر من قصف المناطق الآهلة بالسكان وتوجيه مفارز إنقاذ متخصصة ومفارز طبية عاجلة لإنقاذ الأهالي من تحت الأنقاض ومعالجة الجرحى، لا سيما أن موجة الأمطار والبرد مستمرة على هذه المناطق».
وأضاف النجيفي أن «جثث المواطنين ما زالت تحت أنقاض بيوتهم تعطي صورة صادمة لإخفاق أجهزة الدولة في مد يد العون لإنقاذ الأبرياء وانتشال الجثث التي دمرت الطائرات والمدفعية والصواريخ بيوتهم على رؤوسهم».
ولفت إلى أن «شدة القتال ضد (داعش) الإرهابي لا يعفي المسؤولين والقادة من المسؤولية الأخلاقية والإنسانية لتزايد عدد الضحايا من المدنيين الأبرياء الذين أجبروا على البقاء في مناطقهم من قبل التنظيم الإرهابي».
وطالب النجيفي الحكومة العراقية والتحالف الدولي بإعادة النظر في قواعد الاشتباك والعودة إلى الأسلوب الناجح الذي اتبع في تحرير ساحل المدينة الشرقي، مؤكدا أن «التغيير الحاصل في قواعد الاشتباك أمر خطير جدا، وبخاصة في ظل وجود أكثر من 400 ألف مواطن».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.