شاشة الناقد: كايج ضد المافيا

نيكولاس كايج في «توكاريف»
نيكولاس كايج في «توكاريف»
TT

شاشة الناقد: كايج ضد المافيا

نيكولاس كايج في «توكاريف»
نيكولاس كايج في «توكاريف»

الفيلم: Tokarev ‪ ‬
‫إخراج: باكو كابيزاز‬
أدوار أولى: نيكولاس كايج،
بيتر ستورمار، داني غلوفر،
راتشل نيكولز.
تقييم الناقد: (*3)
هناك أكثر من فيلم حديث يدور حول قيام جهة ما بخطف فرد من أفراد عائلة. والسائد بينها أن يكون المخطوف فتاة صغيرة أو مراهقة وجميلة دوما. ليام نيسون هبّ مندفعا لإنقاذ ابنته من العصابة الألبانية التي خطفتها في باريس. هيو جاكمان انقلب إلى وحش ضار عندما تم خطف ابنته الصغيرة في «سجناء». الآن ها هو نيكولاس كايج يعتمد العنف لاستعادة ابنته. ولن ينجح. سيجدها مقتولة وسيشعل ذلك فتيل الأحداث التي ستتوالى طوال ساعة ونصف الساعة.
«توكارف» هو اسم المسدس الروسي القديم الذي استخدم للقتل. هذا كل ما لدى بول ماغواير (كايج) من معطيات لتمكينه من الكشف عن هويّة الفاعل أو الفاعلين. متزوّج (من راتشل نيكولز) وابنته (أوبري بيبلز) فتاة محبوبة وإلى حد ما طيعة، والزوجان يتركانها في البيت مع زميلي دراسة. حين يعودان يجدانها مخطوفة. ولاحقا لا يجد البوليس جثتها. التحري شانت جون (داني غلوفر) يطلب من بول أن يترك التحقيق للقانون، كذلك فعل الاقتناص من المجرم.
طبعا سيطلب منه ذلك، وطبعا لن يستجيب بول لهذا الطلب، بل سيطلب مساعدة رفيقين سابقين له، هما كاين (ماكس رايان) وداني (مايكل مكرادي)، والثلاثة سيروّعون المدينة الصغيرة بحثا عن القاتل. اكتشاف مسدس من نوع توكاريف الذي يحمل ثماني رصاصات فقط في مشطه، لكنه سلاح مفضل لدى المافيا الروسية، يوجه بول ليقف ضد العصابة. لكن المفاجأة تلو المفاجأة بانتظاره، وصولا إلى النهاية التي يكتشف فيها أن الأمور جميعا لم تكن على النحو الذي تصوره.
المخرج باكو كابيزاز القادم من الكتابة غالبا، يحاول قدر الإمكان توفير جديد ما في الفورمولا المعهودة. وتبعا للسيناريو هناك بعض الجديد. ما يكفي لكي يستجيب المرء لحكاية كان يمكن للممثل ستيفن سيغال أن يجدها ملائمة لسيرته من الأفلام التي تنص على مواجهات مع المافيات المختلفة، مع فرص كسر الأذرع وفك الرقاب. وفي الساعة الأولى من «توكاريف»، هناك ذلك الحس بأن الفيلم يجهد لكي يرتفع بمستواه عن مستوى الأفلام التي عادة ما تتوجه إلى أسطوانات DVD مباشرة. لكن جهد كابيزاز نافع أكثر مما هو مضر، ويوفر مواقف مثيرة للمتابعة، وإن كانت تبقى في حدود المتوقع منها عموما. لولا تلك المفاجآت في النصف الثاني من الفيلم (ولن أذكر ما هي) لكان الفيلم لا يختلف عن أي عمل من تلك الركيكة التي تجتر الأحداث ذاتها.
وجود كايج يمنح الفيلم دفعة مناسبة. يغطي الممثل شخصيته تماما وينفعل حسب طريقته التي تتجاوز الهش من الأداء، لكنها تبقى حبيسة المطلوب من الفيلم وحده.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.