انتهت مفاوضات شراء «أمازون» لـ«سوق.كوم» لقاء 650 مليون دولار، وذلك بعد توقفها لعدة أشهر. وتبرز أهمية هذا الاستحواذ بسيطرة «سوق.كوم» على قطاع التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط، بحيث تستولي على 78 في المائة من المبيعات الإلكترونية في المنطقة.
قيمة سوقية
تقدر قيمة «سوق.كوم» بمليار دولار، بعد آخر تمويل حصلت عليه بقيمة 275 مليون دولار أميركي، وهي تُقدّم نحو 8.4 مليون منتج، بصحبة خبرة طويلة في التعامل مع قطاع التجارة الإلكترونية، وإيصال الطلبات في المنطقة العربية. وتفتح هذه الصفقة المجال لـ«أمازون» للدخول بقوة إلى المنطقة العربية، وتجاوز العراقيل التي تعرفها «سوق.كوم».
وتجدر الإشارة إلى أن حجم التجارة الإلكترونية في المنطقة العربية وصل إلى 20 مليار دولار خلال عام 2016، الأمر الذي يشكل فرصة نمو كبيرة مع ازدياد عدد مستخدمي الهواتف الذكية للتسوق في المنطقة العربية. وكانت «أمازون» قد وظفت نحو 100 ألف شخص خلال العام الماضي، الأمر الذي يعكس الفكر التجاري التقدمي لها، الذي قد نشهده في المنطقة العربية بعد إتمام صفقة الاستحواذ، خصوصاً في ظل تنامي الدفع عبر الهواتف الجوالة، عوضاً عن البطاقات الائتمانية. هذا، وسيصبح بإمكان التجار المحليين، أو الأفراد المسجلين، بيع منتجاتهم حول العالم، عوضاً عن المنطقة العربية فقط، وذلك بالاستفادة من شبكة «أمازون» العالمية.
وتأسس موقع «سوق.كوم» في عام 2005، كمزاد إلكتروني، قبل أن يتحول إلى متجر إلكتروني، ويغطي السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين وعُمان ومصر، ويقدم منتجات متنوعة، مثل الأجهزة الإلكترونية (بعضها حصري، مثل سلسلة هواتف «وان بلاس» OnePlus)، والأدوات المنزلية والعطور، ومستلزمات السيارات، والصحة والجمال، وألعاب الأطفال، والكتب والآلات الموسيقية، إلى جانب الخضراوات والفاكهة، وغيرها من المنتجات الأخرى.
وتأتي هذه الصفقة بعد أن كانت مجموعة ماجد الفطيم تنافس «أمازون» على شراء «سوق.كوم»، وفي ظل الإعلان عن منصة التجارة الإلكترونية «نون» التي حصلت على استثمارات بقيمة مليار دولار، بعد أن كشفت العام الماضي عن ذلك، وعن تحضيرها لإطلاق 20 مليون منتج، ولكنها اختفت، ولم تنجح بالانطلاق في بداية العام الحالي، كما كان متوقعاً. ويقف وراء هذه المنصة رجل الأعمال الإماراتي محمد العبّار وصندوق الاستثمارات العامة السعودي.
التسوق الإلكتروني
تطورت المتاجر الإلكترونية وعادات التسوق بشكل كبير منذ نهايات القرن الماضي، بحيث كان تحليل تصفح المستخدم للمتجر وبضائعه يعتمد على تقنيات بسيطة، مثل ملفات نصية يخزنها المتصفح على الكومبيوترات الشخصية (اسمها «كوكيز» Cookies)، تسجل المواقع التي زارها وترتيب التصفح. ولكن دخول الأجهزة المحمولة إلى عالم المستخدمين غيّر نزعات وسبل التصفح، بسبب تطوير تطبيقات متخصصة، واستخدام عدة أجهزة لإتمام عملية التسوق، وجعل هذه الملفات عديمة الفائدة. إلا أن عالم التقنية، دائم التغير والتوائم مع المتغيرات السريعة، طوّر بسرعة طرقاً مبتكرة لمعاينة عادات تسوق المستخدمين عبر الأجهزة المختلفة، من دون خرق خصوصياتهم على الإطلاق. وتستطيع تقنيات التحليل الحديثة التعرف على المواقع التي زارها المستخدم، لمقارنة الأسعار وماهية المنتجات التي تصفحها، وتلك التي أضافها إلى سلة المشتريات ولم يدفع قيمتها، قبل أن يخرج من المتجر.
وتقوم نظم التجارة الإلكترونية الحديثة بتحليل عادات التسوق والشراء إلكترونياً، وذلك بهدف عرض المنتجات التي تناسب ذوق كل مستخدم، خصوصاً المنتج الذي لديه أعلى فرصة للشراء. وتزيد عمليات الشراء الإلكترونية عبر الأجهزة المحمولة في السعودية، أو من خلال الهواتف الذكية عن 79 في المائة، وهي نسبة أعلى بكثير من أي سوق في أوروبا والولايات المتحدة، وتعتبر قريبة جداً من نسب الأسواق الناضجة في التسوق الإلكتروني، مثل اليابان. وتبلغ نسبة الشراء من المتاجر الإلكترونية عبر الهواتف الجوالة عالميا 35 في المائة مقارنة بالكومبيوترات الشخصية، بينما بلغت نسبة السعودية 38.8 في المائة في الربع الثالث من عام 2015، مرتفعة من 33 في المائة في الربع الثاني من العام نفسه، ويتوقع أن تتجاوز النسبة 50 في المائة خلال العام الحالي.
وتعتبر نسبة تحويل المستخدمين من متصفحين إلى مشترين أعلى بـ4 أضعاف على الأجهزة الجوالة مقارنة بالكومبيوتر الشخصي، وذلك بسبب سهولة حمل الجهاز مع المستخدم أينما كان، وإتمام عملية الشراء، ووجود تطبيقات للمتاجر الإلكترونية تسهل عملية التصفح والاختيار والدفع مقارنة بتجربة استخدام المتصفح. ويعتبر «سوق.كوم» من أوائل المتاجر الإلكترونية في المنطقة العربية التي أطلقت تطبيقاً للتسوق الإلكتروني عبر الأجهزة الجوالة.
وتتفوق «سوق.كوم» بسبب وجودها قبل المتاجر العالمية، واهتمامها بالأسواق المحلية، وإيجاد حلول لمشكلات الشراء والإيصال (مثل إيجاد نظام الدفع لدى التسليم، وعدم وجود عناوين دقيقة لمقر إقامة المستخدمين في كثير من المدن العربية). وهناك نزعة جديدة في المنطقة العربية متعلقة بالمتاجر الرقمية، وهي تزايد إتمام عمليات الشراء من الهواتف الذكية، ذلك أن أحجام شاشاتها أصبحت كبيرة ومريحة لمعاينة البضائع من المتاجر الرقمية، مع ارتفاع سرعاتها ونضوج متصفحاتها.