مسؤول جزائري يكشف عن تزوير انتخابات 1997 بأوامر مباشرة من المستشار الأمني للرئيس زروال

قال إن السلطات تدخلت لمصلحة «التجمع الوطني الديمقراطي»

مسؤول جزائري يكشف عن تزوير انتخابات 1997 بأوامر مباشرة من المستشار الأمني للرئيس زروال
TT

مسؤول جزائري يكشف عن تزوير انتخابات 1997 بأوامر مباشرة من المستشار الأمني للرئيس زروال

مسؤول جزائري يكشف عن تزوير انتخابات 1997 بأوامر مباشرة من المستشار الأمني للرئيس زروال

كشف مسؤول جزائري مارس مسؤوليات كبيرة في تسعينات القرن الماضي عن «تزوير شامل»، تعرضت له انتخابات البرلمان عام 1997. أفضى إلى منح الأغلبية لحزب نشأ قبل ثلاثة أشهر من الاستحقاق يسمى «التجمع الوطني الديمقراطي»، واتهم الجنرال محمد بتشين، مستشار الشؤون الأمنية للرئيس اليمين زروال آنذاك، بأنه هو من أمر بالتزوير وكان أحد أبرز مؤسسي «التجمع».
وفجر بشير فريك، والي وهران (غرب العاصمة) سابقا، قنبلة في مقابلة نشرتها أمس صحيفة إلكترونية محلية ناطقة بالفرنسية، عندما قال: «إن تزويرا كبيرا شاب انتخابات 1997 البرلمانية والبلدية أيضا، وقد كنت أحد المشاركين في تلك المهزلة».
وشرح فريك الظروف السياسية التي تم فيها التزوير بقوله إن «جهاز المخابرات العسكرية نفذ انقلابا داخل جبهة التحرير الوطني (الحزب الذي فجر ثورة الاستقلال)، وأطاح بأمينه العام عبد الحميد مهري (بسبب تقاربه مع الإسلاميين)، وقد فقد النظام القائم الثقة في الفريق الذي كان يقود جبهة التحرير، ولهذا السبب قرر بأمر من الجنرال بتشين تأسيس التجمع الوطني الديمقراطي في 22 فبراير (شباط) من نفس العام، أي قبل أشهر قليلة من الانتخابات».
يشار إلى أن فريك دخل السجن، وقضى بداخله سبع سنوات، بناء على تهم بالفساد تعود إلى فترة ولايته وهران. وذكر فريك في المقابلة الصحافية أن وزير الداخلية في تلك الفترة (رئيس الوزراء الحالي عبد المالك سلال)، اجتمع بالولاة الـ48 للحديث عن إنشاء حزب جديد، يكون بديلا لـ«جبهة التحرير» كدعامة لنظام الحكم. وقال إن أوامر صارمة أصدرها وزير الداخلية للولاة، مفادها أن «التجمع الوطني» ينبغي أن يخرج منتصرا من الانتخابات المزدوجة التي نظمت عام 1997 مهما كلف الثمن، ولو باستبدال أوراق التصويت لفائدة أحزاب أخرى، بأوراق تصويت لمصلحة الحزب الناشئ الذي يرأسه حاليا أحمد أويحيى، وزير الدولة مدير الديوان برئاسة الجمهورية. وقال فريك ببرود «لقد اشتغلنا ضمن الخط الذي رسمته السلطات، بذريعة أن المصلحة العليا للدولة كانت تقتضي ذلك».
وسئل فريك عن الأسلوب المتبع في تزوير الانتخاب بالولايات، فقال إن «كل وال يشتغل مع مساعدين، وبخاصة رؤساء الدوائر (كيان إداري أعلى من البلدية)، استعان به في خطة التزوير. وكانت المحطة الأولى في التزوير، اختيار الأعضاء المشرفين على مكاتب التصويت. وهؤلاء يختارون من ضمن موظفي الإدارة العمومية التي تتبع لوزارة الداخلية، وأي واحد منهم يشتم فيه رائحة الانتماء للإسلاميين يتم إبعاده. أما المرحلة الثانية فتتمثل في أن كل رئيس مركز تصويت مطالب بالعمل على فوز مرشحي حزب معين، ولما كان التجمع الوطني هو الحزب المفضل لدى السلطة، فقد كان لزاما على هؤلاء ترتيب شؤون الانتخابات بالطريقة التي تحقق له الفوز. وعلى هذا الأساس تم وضع أوراق التصويت الخاصة بالتجمع داخل صناديق الاقتراع، وتم إلغاء أوراق التصويت الخاصة ببقية الأحزاب الأخرى، التي بدت متقدمة. فأنا مثلا فرضت علي الداخلية أن أضع في ولاية وهران خمسة مرشحين على رأس لائحة التجمع الانتخابية، وهم من فازوا في النهاية، وفي مقدمتهم السيد عبد القادر بن صالح»، وهو يشغل حاليا منصب رئيس «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية)، وبحكم الدستور فإنه هو الرجل الثاني في الدولة.
وسئل أويحيى مؤخرا عن تهمة التزوير التي تلاحق حزبه، رغم مرور 20 سنة عن تلك الانتخابات، فأجاب موضحا أنه «لما جاء التجمع إلى الوجود كان حاملا لآمال البعض، ولكنه كان مصدر قلق للبعض الآخر. وبالنسبة لانتخابات 1997 لم تثر حولها ضجة، ولكن لما جاءت الانتخابات المحلية في نفس العام تحالفوا كلهم ضدنا، ولا أنسى أبدا مسيرة شارع عميروش (مظاهرات برلمانيين ضد التزوير بالعاصمة)، التي نظموها وأيديهم مشدودة إلى بعضهم، بينما قبلها بوقت قصير كانوا يرفضون الحوار فيما بينهم».
وعن مصير لجنة التحقيق البرلمانية بخصوص التزوير، التي تم إطلاقها مباشرة بعد الانتخابات، قال أويحيى الذي كان رئيسا للحكومة في ذلك الوقت «إنني أتساءل أين هو تقرير هذه اللجنة؟ أتحداهم أن ينشروا هذا التقرير. وبحكم المسؤوليات التي كنت أتولاها آنذاك، أي كرئيس للحكومة، اطلعت على محتوى التقرير. إنه صفر... إنه فارغ».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.