تشير حركة التوسع الروسي في شمال حلب، إلى أن موسكو اتخذ قرارَ توسيع وجودها العسكري في منطقة عفرين التي تسيطر عليها وحدات الحماية الكردية في ريف حلب الشمالي هدفه الرئيسي ترسيم منطقة «درع الفرات» التي تسيطر عليها تركيا في الشمال السوري، والحدّ من تمدد القوات التي تدعمها باتجاه ريف عفرين، وذلك بعد 15 يوماً من دخول قوات أميركية مدينة منبج في ريف حلب الشرقي، بهدف التصدي لمحاولات قوات «درع الفرات» التقدم باتجاه المدينة.
وتحدث مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» عن «سعي أميركي - روسي لتحجيم دور تركيا من خلال نشر قواتهما إن كان في منبج أو في عفرين»، لافتاً إلى أن «ما يحصل تقاسم نفوذ بين الدولتين وليس صراعاً بينهما».
وأشار إلى أن «منطقة شرق الفرات باتت عملياً منطقة عمليات أميركية، أما المنطقة الواقعة غرب الفرات، فمنطقة عمليات روسية». وأوضح عبد الرحمن أنّه بات هناك في عفرين «مركز تدريب خاصاً بموسكو تقيم فيه القوات الروسية، أشبه بقاعدة حميميم، نقل إليه في الساعات الماضية قوات استطلاع وقوات مراقبة كما قوات تدريب».
من جهتها، قالت مصادر كردية قيادية في الشمال السوري، إن التنسيق مع موسكو ينحصر حاليا في عفرين والباب، لافتة إلى أن مهمة الروس في المنطقتين المذكورتين تنحصر في «إقامة مركز استطلاع ومصالحة، أي بمثابة قاعدة هدفها تثبيت الانتهاكات كمّاً والأهم وقف التمدد التركي». وأضافت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «الدخول الروسي إلى عفرين رسالة واضحة للأتراك الذين كانوا يهددونا بدخول ريف عفرين ومطار منغ وتل رفعت».
وبهذا، يكون قد تم ترسيم منطقة «درع الفرات» على أن تمتد من جرابلس إلى أعزاز شمالاً وفي عمق 30 كلم نحو الباب والحدود الإدارية لمنبج. علماً بأن أنقرة كانت تحاول دخول منبج والمشاركة في عملية «تحرير الرقة»، إلا أن الاتفاق الروسي - الأميركي على ما يبدو حال دون ذلك.
بدوره، قال سيبان حمو قائد وحدات حماية الشعب الكردية لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوجود الروسي في منطقة جنديرس (كفر جنة) بعفرين، جاء بعد اتفاق بين وحداتنا والقوات الروسية العاملة في سوريا، في إطار التعاون ضد الإرهاب وتقديم القوات الروسية المساعدة لتدريب قواتنا على أساليب الحرب الحديثة ولبناء نقطة اتصال مباشرة مع القوات الروسية»، واصفاً الخطوة بـ«الإيجابية، التي تندرج في إطار علاقاتنا وتحالفاتنا ضد الإرهاب في سوريا».
وإذ نفى حمو توجه موسكو لإقامة قاعدة عسكرية في عفرين، موضحاً أنه سيكون هناك مركز تنسيق وتدريب، أكد أن التعاون مع الروس «لن يؤثر على الإطلاق على علاقتنا مع واشنطن».
من جهته، أشار نواف خليل، رئيس المركز الكردي للدراسات إلى أن التنسيق بين واشنطن والقوات الكردية لم يشمل يوماً عفرين، لافتاً إلى أن الدخول الروسي على الخط تم منذ نحو العام وتم تفعيله أخيراً. وقال خليل لـ«الشرق الأوسط»: «التعاون بيننا سينحصر حالياً في التدريب على أساليب الحرب الحديثة وإقامة نقطة اتصال مشتركة فيما بيننا». وفيما تصرّ موسكو على حصر مهمتها في عفرين بفتح فرع للمركز الروسي المعني بمصالحة الأطراف المتنازعة لمنع وقوع خروقات لنظام الهدنة، نافية إقامة قاعدة عسكرية في تلك المنطقة، أظهر أكثر من مقطع فيديو حصلت عليه «الشرق الأوسط» وصول مدرعات وشاحنات ضخمة رفعت العلم الروسي إلى إحدى النقاط العسكرية حيث تبادلت قوات روسية السلام مع قوات كردية. وبثَّتْ وكالة «نوفوستي» الروسية لقطات لوصول رتل عسكري إلى خط التماس بين القوات الكردية وقوات «درع الفرات» في منطقة عفرين بريف حلب الشمالي الغربي، لافتة إلى أنّه ضم ناقلات جنود وسيارات «تيغر» (النمر) المصفَّحَة.
ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان في وقت سابق عن مصادر وصفها بـ«الموثوقة»، أن العشرات من الجنود الروس دخلوا إلى عفرين برفقة آليات وعربات وتمركزوا في ريف المدينة، لافتاً إلى أن نحو 100 عنصر من القوات الخاصة الروسية دخلت برفقة عربات ومدرعات باتفاق بين القوات الروسية والقوات الكردية. وأوضح المرصد أن هذه القوات ستتمركز في معسكر بمنطقة كفر جنة بريف عفرين، على أن تحضر لإنشاء قاعدة عسكرية روسية ستقوم بمهمتين رئيسيتين؛ الأولى، منع الاحتكاك بين القوات الكردية والقوات التركية في حدود «مقاطعة عفرين» ومناطق سيطرة القوات الكردية، بالإضافة إلى كونها ستعمد إلى تدريب القوات الكردية.
ويسعى الأكراد الذين أعلنوا إقامة إدارة ذاتية مؤقتة في شمال البلاد إلى ربط مقاطعاتهم الثلاث؛ الجزيرة (الحسكة)، وعفرين (ريف حلب الغربي)، وكوباني (ريف حلب الشمالي)، من أجل إنشاء حكم ذاتي عليها على غرار كردستان العراق. ولم يتلقَّ أكراد سوريا حتى الساعة أيَّ وعود من أي طرف إقليمي أو دولي بالموافقة على إقامة فيدرالية كردية في شمال البلاد.
واشنطن وموسكو ترسمان حدود منطقة «درع الفرات» وتتصديان للتمدد التركي
الأولى تدعم الأكراد المقاتلين شرق نهر الفرات والثانية غربه
واشنطن وموسكو ترسمان حدود منطقة «درع الفرات» وتتصديان للتمدد التركي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة