الأمم المتحدة تحذر من «مواجهة عسكرية واسعة النطاق» في ليبيا

السراج يناقش في روما خطة الحد من الهجرة غير القانونية... والغويل يعد لاسترداد معاقله في طرابلس

السراج (إلى اليسار) مع جنتلوني ومينيتي في روما أمس (رويترز)
السراج (إلى اليسار) مع جنتلوني ومينيتي في روما أمس (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تحذر من «مواجهة عسكرية واسعة النطاق» في ليبيا

السراج (إلى اليسار) مع جنتلوني ومينيتي في روما أمس (رويترز)
السراج (إلى اليسار) مع جنتلوني ومينيتي في روما أمس (رويترز)

حذر مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، مارتن كوبلر، من «مواجهة عسكرية واسعة النطاق»، فيما بدأ رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، المدعومة أممياً، فايز السراج، زيارة إلى روما، أمس، وشارك في اجتماع أوروبي - مغاربي، درس خطة لوقف تدفق المهاجرين.
وحذر كوبلر، في بيان له أمس، من «التصعيد الخطير في جميع أرجاء ليبيا» الذي نتج عن تدهور الأوضاع الأمنية في طرابلس، والأحداث في مصراتة وبنغازي، ودعا «جميع الأطراف إلى وضع ليبيا ووحدتها فوق مصالحهم الضيقة»، مشيراً إلى أن «العنف وخطاب الكراهية والتنكيل بالجثث في ليبيا أمور غير مقبولة على الإطلاق، ولا بد من استعادة الهدوء فوراً، وينبغي احترام الهيئات المنتخبة والمثل الديمقراطية، كما يجب حماية حرية التعبير».
وطالب المؤسسات الليبية الالتزام بـ«دفع الاتفاق السياسي الليبي إلى الأمام، والإسراع في تنفيذ الترتيبات الأمنية التي تنص على انسحاب الجماعات المسلحة من العاصمة، ونشر الجيش والشرطة»، وأضاف: «لا تسمحوا للعنف على الأرض والتطرف بأن يسيرا الأجندة».
ولفت المبعوث الأممي إلى أن «تعبئة القوات، والأعمال المعادية، والخطاب العدائي، يشكلون خطراً حقيقياً قد يؤدي إلى الانزلاق نحو مواجهة عسكرية واسعة النطاق في البلاد»، وأشار إلى «الالتزام القوي للمجتمع الدولي تجاه ليبيا، الذي تم التعبير عنه مرة أخرى في اجتماع اللجنة الرباعية الذي دعا الدول الأعضاء، السبت الماضي، إلى استخدام نفوذها مع الأطراف لإبعاد ليبيا عن حافة الهاوية، والانخراط مرة أخرى في العملية السياسية». وأكد أن «المسؤولية تقع أولاً وأخيراً على عاتق الليبيين أنفسهم، لوضع حد لهذا العنف المتصاعد»، مشيراً إلى أنه «يجب على جميع الأطراف السياسية والأمنية الفاعلة ذات النفوذ في مناطقها البدء بالعمل الآن».
وقبل مغادرته إلى روما، للمشاركة في اجتماع حول وقف الهجرة غير القانونية، علق السراج، مساء أول من أمس، على التظاهرات المطالبة بدخول الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، إلى طرابلس، قائلاً إن «حرية التعبير عن الرأي مكفولة، ونستنكر محاولة إسكاتها بالسلاح، لكن هذا لا يعنى أنها رخصة لإشعال نار الفتنة، أو أداة لاستعادة القمع بين المدن»، وأضاف أن «ثورة 17 فبراير (شباط) هي أساس ليبيا الجديدة».
وفي هجوم ضمني على حفتر، تابع السراج: «لا عودة إلى الوراء، ولن نكون تحت حكم فردي أو عسكري، ولن تكون المؤسسة العسكرية الموحدة إلا تحت سلطة مدنية».
وقال وزير الدفاع في حكومة الوفاق، المهدي البرغثي، إن «المؤسسة العسكرية لا يمكن اختزالها في شخص المدعو خليفة حفتر، والعودة إلى حكم العسكر ستكون لها عواقب وخيمة».
وأضاف، في كلمة تلفزيونية مساء أول من أمس، أن «وزارة الدفاع لا يمكن أن ترضى بأن يقود المؤسسة العسكرية أسير حرب مهزوم، قاد البلاد إلى الفوضى والمآسي، ولا يمكن أن يكون أي توافق بوجوده».
وزار السراج روما، أمس، على رأس وفد يضم وزير داخليته العارف الخوجة الذي أبلغ وكالة «آكي» الإيطالية للأنباء بأن الوفد سيطالب بتعديل بعض بنود الاتفاقية التي سبق إبرامها مع الحكومة الإيطالية «لإزالة الغموض، وتوضيح كيفية تنفيذها على أرض الواقع».
وبحث السراج ووزير خارجيته محمد سيالة مع رئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيلوني جدول أعمال المؤتمر الدولي لمكافحة الهجرة غير الشرعية الذي سيعقد في روما. كما اتفقا على منح المواطنين الليبيين تأشيرات من القنصلية الإيطالية في طرابلس بدءاً من الشهر المقبل. وقال رئيس الحكومة الإيطالية، في تغريدة له عبر موقع «تويتر»، إنه ناقش مع السراج «الاستقرار في ليبيا، وإحياء العلاقات الثنائية، والتعاون في مجال مكافحة الهجرة غير القانونية».
وشارك السراج في لقاء وزراء داخلية مجموعة الاتصال حول المتوسط في روما، أمس، لوضع خطة لوقف تدفق المهاجرين غير القانونيين من ليبيا. وشارك في الاجتماع وزراء داخلية إيطاليا وألمانيا والنمسا وسلوفينيا وسويسرا ومالطة وليبيا والجزائر.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن اللقاء ناقش إرساء أسس «إدارة تؤمن تقاسماً أكبر لموجات المهاجرين»، مع «سياسات تنموية وتدخل اجتماعي ومراقبة للحدود وإعادة» من ترفض طلباتهم، بحسب وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينيتي.
وذكرت صحيفة «كورييري ديلا سيرا» الإيطالية أن حكومة الوفاق الوطني الليبية طلبت رادارات وزوارق ومروحيات وآليات رباعية الدفع بقيمة 800 مليون يورو للسيطرة على الحدود الجنوبية والمياه الإقليمية لليبيا. ويمكن أن تتضمن الخطة إقامة مركز في ليبيا لإدارة عمليات الإغاثة في المياه الدولية التي يتولى خفر السواحل الإيطاليون من روما تنسيقها، لكن جزءاً من المعدات المطلوبة يصطدم بحظر الأمم المتحدة على شحن الأسلحة إلى ليبيا.
وبعد عام على الاتفاق الذي أبرم مع تركيا لوقف تدفق المهاجرين إلى اليونان، يبحث الاتحاد الأوروبي عن ترتيبات مماثلة مع ليبيا، لكن المساعي معقدة جداً بسبب الفوضى في البلاد. ونسّق خفر السواحل الإيطاليون، أول من أمس، عمليات إنقاذ لأكثر من 3300 شخص قبالة سواحل ليبيا، مما يفترض أن يرفع عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا إلى نحو 20 ألف شخص منذ بداية العام الحالي، في زيادة كبيرة عن الأعوام الماضية.
وفي إطار الاتفاق، وعدت إيطاليا والاتحاد الأوروبي بتمويل مخيمات للمهاجرين على أراضي ليبيا، لكنهما يحتاجان إلى أن تساعد وكالات للأمم المتحدة في إدارتها، إذ قالت تلك الوكالات نفسها إن ليبيا ليست آمنة للمهاجرين.
وتأتي هذه الزيارة فيما يستمر توتر الوضع الأمني والعسكري في طرابلس، ويواصل رئيس حكومة الإنقاذ الوطني، خليفة الغويل، تحركاته لاستعادة مقراته التي فقد السيطرة عليها الأسبوع الماضي.
وفي محاولة لتثبيت أركان حكومة الوفاق في مواجهة أي تحركات وشيكة لميليشيات الغويل، بحث نائب السراج، أحمد معيتيق، مع المستشار الأمني لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الجنرال الإيطالي باولو سيرا، الترتيبات الأمنية في العاصمة «ودعم الاستقرار في مختلف أنحاء ليبيا». وقال بيان للحكومة إن اللقاء ناقش الأوضاع الأمنية في ليبيا المتمثلة في آلية نزع الألغام في سرت، إضافة إلى المساعدات الإنسانية عبر المنظمات غير الحكومية.
في المقابل، كشف معاون آمر الأمن الرئاسي التابع لحكومة الغويل، عبد الله بادش، أن قواته تجهز لعملية عسكرية لاستعادة قصور الضيافة في العاصمة.
وقال بادش، في تصريحات لموقع «ليبيا الخبر» الإلكتروني، أمس، إنه لا يعترف باتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته حكومة السراج، واعتبر أن «البقاء في طرابلس سيكون للأقوى»، نافياً انسحاب ميليشيات الغويل من المدينة بالكامل، وقال إنها في مناطق عدة، بينها طريق المطار وصلاح الدين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.