واشنطن تواصل ضغطها على مجلس حقوق الإنسان دعماً لإسرائيل

الخارجية الأميركية قاطعت جلسة أممية لـ«تحيزها» ضد تل أبيب

واشنطن تواصل ضغطها على مجلس حقوق الإنسان دعماً لإسرائيل
TT

واشنطن تواصل ضغطها على مجلس حقوق الإنسان دعماً لإسرائيل

واشنطن تواصل ضغطها على مجلس حقوق الإنسان دعماً لإسرائيل

انتقد المقرر الخاص للأمم المتحدة حول الأراضي الفلسطينية المحتلة، مايكل لينك، بشدة أمس سياسات إسرائيل بـ«إذلال» الفلسطينيين، ما عمق الجدل حول ما يقال إنه «انحياز ضد إسرائيل» في الأمم المتحدة.
وفي تقريره، اتهم الكندي لينك إسرائيل بـ«إذلال إنسانية» الفلسطينيين، وتكثيف حملة القمع ضد ناشطي حقوق الإنسان. وقدم لينك تقريره لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال جلسة المجلس الذي مقره في جنيف، بشأن إسرائيل التي تعرف بـ«البند السابع» على أجندة المجلس.
وإسرائيل هي البلد الوحيد في العالم المستهدف ببند خاص بها في أجندة المجلس. وقالت إسرائيل وأنصارها خاصة الولايات المتحدة، مراراً إن وجود هذا البند على الأجندة هو دليل على الثغرة في مصداقية المجلس الذي اعتبرت أنه لن يكون فعالا عندما يستهدف إسرائيل بهذا الشكل المفرط.
وزادت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب من مستوى هذه المخاوف، بعد أن هدد وزير خارجيته ريكس تيلرسون علنا بالانسحاب من المجلس بسبب «بند منحاز ضد إسرائيل على أجندته». وانتقدت الخارجية الأميركية المجلس مرة أخرى، أمس، بسبب عقده جلسة لبحث مسألة إسرائيل، وتوعدت في بيان بـ«التصويت ضد أي قرار يطرح تحت هذا البند».
كما قاطعت واشنطن جلسة أمس التي شهدت إدانة متكررة بسبب معاملة إسرائيل للفلسطينيين، فيما أدان الاتحاد الأوروبي استمرار فقدان الأرواح من الجانبين، وأعرب عن القلق من أن مهمة لينك والنقاش حول إسرائيل منحاز.
بهذا الصدد، قال المتحدث الرسمي للخارجية الأميركية مارك تونر في بيان صحافي نشره أمس إن «الولايات المتحدة تعارض وجود البند السابع ضمن جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (حالة حقوق الإنسان في فلسطين والأراضي العربية المحتلة)، وما تمت مناقشته يعتبر تحيزا آخر من هذه الهيئة التي تعتبر متحيزة ضد إسرائيل منذ فترة طويلة». وتابع أن «استمرار وجود هذا البند ضمن جدول أعمال المجلس (يعتبر) من أكبر الأخطاء التي تهدد مصداقيته». وأضاف تونر: «وتعبيرا عن قناعتنا الراسخة، فلا بد من معالجة هذا التحيز من أجل تحقيق الغرض الشرعي للمجلس، ولذلك قررت الولايات المتحدة عدم حضور جلسة البند السابع كونه يخدم مصالح بلد واحد في مسألة غير متوازنة. كما أن الولايات المتحدة ستصوت ضد كل قرار يتعلق بهذا البند خلال الفترة المقبلة ونشجع الدول الأخرى بالقيام بذات الأمر».
ويأتي تقرير لينك بعد استقالة ريما خلف، المسؤولة في الأمم المتحدة، بسبب تقرير آخر اتهمت فيه إسرائيل بأنها «دولة فصل عنصري (أبارتهايد)». وقالت الأردنية ريما خلف، الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا)، إنها قاومت طلبا من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بسحب التقرير. وطالبت إدارة ترمب بسحب التقرير ورحبت باستقالة خلف.
من ناحية أخرى، وفي إطار التزاماته بموجب البنك الخاص بإسرائيل على الأجندة، قدم مكتب غوتيريش آخر استنتاجاته إلى المجلس أمس. وقال المكتب إن «الانتهاكات المزمنة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي من قبل جميع الأطراف، مستمرة»، وأدان توسيع إسرائيل للمستوطنات وغير ذلك من المخالفات.
ويواجه غوتيريش مخاطر في حال تحدى إدارة ترمب بشأن إسرائيل، إذ إن واشنطن تمول نحو ربع أنشطة المنظمة الدولية، في حين أظهر اقتراح ترمب للميزانية خفضا كبيرا في ذلك التمويل. ودعا مكتب غوتيريش واشنطن الأسبوع الماضي لإعادة التفكير في «الخفض المفاجئ للنفقات».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.