النظام يواصل قضم مناطق سيطرة «داعش»... والتنظيم «يشاغب» على طريق دمشق ـ حلب

معارضون يشكلون مجلساً لـ«تحرير» دير الزور... وخبراء يشككون بجدواه

مقاتلون من «أحرار الشرقية» الفصيل الذي يتطلع لمحاربة «داعش» في دير الزور أثناء تدريبات يقوم بها قرب بلدة الراعي بريف حلب أمس (رويترز)
مقاتلون من «أحرار الشرقية» الفصيل الذي يتطلع لمحاربة «داعش» في دير الزور أثناء تدريبات يقوم بها قرب بلدة الراعي بريف حلب أمس (رويترز)
TT

النظام يواصل قضم مناطق سيطرة «داعش»... والتنظيم «يشاغب» على طريق دمشق ـ حلب

مقاتلون من «أحرار الشرقية» الفصيل الذي يتطلع لمحاربة «داعش» في دير الزور أثناء تدريبات يقوم بها قرب بلدة الراعي بريف حلب أمس (رويترز)
مقاتلون من «أحرار الشرقية» الفصيل الذي يتطلع لمحاربة «داعش» في دير الزور أثناء تدريبات يقوم بها قرب بلدة الراعي بريف حلب أمس (رويترز)

اتسعت دائرة المواجهات أمس، بين قوات النظام السوري والميليشيات الموالية له، وتنظيم داعش على عدد من الجبهات، بدءا من ريف حمص وبادية تدمر وصولا إلى ريف حلب الشرقي دير الزور، وتسببت المعارك في سقوط عشرات القتلى والجرحى، لكن التقدّم الملحوظ الذي حققه النظام وحلفاؤه على هذه الجبهات، وجعله يقترب من مدينة دير حافر آخر معاقل التنظيم في ريف حلب الشرقي، ردّ عليه مقاتلو «داعش» بقطع أوتوستراد حلب - دمشق في ريف حماه، الذي يشكل شريان الإمداد الحيوي للنظام.
ميدانياً، لا تزال جبهة تدمر واحدة من الجبهات الأساسية لقوات النظام التي اشتبكت أمس مع تنظيم داعش في بادية تدمر، وسط قصف متبادل بين طرفي القتال، فيما عمدت قوات النظام إلى استهداف مواقع سيطرة التنظيم في البادية، في محاولة منها لتوسعة نطاق سيطرتها، وبالتالي تقليص نطاق سيطرة التنظيم على امتداد البادية السورية.
مواجهات تدمر، رافقها هجوم شنّه النظام أمس، على مواقع «داعش» في ريف حلب الشرقي، وحقق تقدما جديدا، من خلال سيطرته على قرى عدة. وأفاد ناشطون، بأن «هجوم النظام جاء تحت غطاء جوي، وغارات مكثّفة نفذتها الطائرات الحربية الروسية، على مواقع التنظيم، ما دفع بمقاتلي الأخير إلى الانسحاب».
من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن «مجموعات من قوات النظام وعناصر النخبة في (حزب الله) حققوا تقدما جديدا في ريف حلب الشرقي، واستعادوا السيطرة على قرية القصير ومحطة القطار القريبة منها، بإسناد من القصف الروسي المدفعي والغارات الجوية من طائرات النظام والطائرات الروسية، وباتوا قريبين من دير حافر». وقال «المرصد»، إن «قوات النظام التي يقودها العميد سهيل الحسن، مدعومة بعناصر النخبة في (حزب الله)، وبقصف من المدفعية الروسية ومن الطائرات الحربية الروسية والتابعة للنظام، تمكنت من تحقيق تقدم مهم، عبر السيطرة على قرية الأحمدية وقريتين صغيرتين، وباتت على أطراف بلدة دير حافر».
ونقل «المرصد» عن مصادر وصفها بـ«الموثوقة»، أن قوات النظام «تسعى لمحاصرة بلدة دير حافر من 3 جهات هي الشمالية والغربية والجنوبية، فيما بقي المحور الشرقي للمدينة مفتوحا باتجاه أقصى ريف حلب الشرقي والقرى المتبقية تحت سيطرة تنظيم داعش».
إلى ذلك، أدى الهجوم الذي شنه التنظيم المتطرف أمس،، إلى قطع طريق حلب - دمشق في ريف حماه الشرقي، حيث سيطر التنظيم على أجزاء من هذا الطريق. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية، عن مصدر عسكري تابع لنظام الأسد، أن «تنظيم داعش شن هجوما صباح أمس على مركز للقوات الحكومية على طريق دمشق - حلب قرب مركز إثريا في ريف حماه الشرقي، ما أدى إلى قطع الطريق وتوقف الحركة المرورية»، مؤكدا أن التنظيم «سيطر على موقع العمية، وأن الجيش السوري شن هجوما واسعا على عناصر (داعش) تحت تغطية جوية من الطيران المروحي الروسي والسوري، وما زالت المعارك مستمرة لاستعادة السيطرة على الطريق». وأمام التقدم اللافت لقوات الأسد على حساب «داعش» في أكثر من منطقة، طرأ تطور جديد، تمثّل بإعلان فصائل مقاتلة عن تشكيل «مجلس دير الزور العسكري» العامل في ريف مدينة حلب الشمالي، بهدف تحرير منطقة دير الزور من التنظيم المتطرف.
وأكد قائد المجلس العسكري لدير الزور، العقيد عقيل محمد، لوكالة «قاسيون»، أنه «لا يوجد أي دعم عسكري للمجلس». وقال: «نحن قوة عسكرية موجودة بالريف الشمالي لمدينة حلب، وقمنا بتوحيد جهودنا للعمل على تحرير مدينة دير الزور». وأضاف: «لا يوجد أي تنسيق مع (قوات سوريا الديمقراطية)، وهدفنا من التشكيل تحرير مدينة دير الزور من (داعش)، وقوات النظام المجرم».
المحلل العسكري والاستراتيجي السوري، عبد الناصر العايد، أوضح أن هذا المجلس «تشكّل من عدد من الفصائل التي قاتلت معا إلى جانب الجيش التركي في قوات (درع الفرات) من أبناء دير الزور». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا التشكيل «كان يأمل بالتقدم من جهة الباب إلى دير الزور، لكن إغلاق الطريق عليهم يحول دون توجههم إلى دير الزور».
وكانت «قوات سوريا الديمقراطية» قطعت الطريق مؤخرا بين مدينتي الرقة ودير الزور بعد سيطرتها على منطقة أبو خشب ومحيطها، قبيل إعلان واشنطن عن قُرب موعد عملية الرقة العسكرية وبمشاركة تركية.
وأوضح عبد الناصر العايد، أن «عناصر المجلس كانوا ينتمون إلى (الجبهة الشامية) وحركة (أحرار الشام) وبعض فصائل الجيش الحر، لكن ليست لهم رعاية من أي جهة». وقال: «لا أعتقد أن لهذا الفصيل من أمل بالدخول حاليا إلى مناطق دير الزور، لعدم وجود طريق، ولأن الأميركيين حسموا أمرهم بالاعتماد حاليا على الأكراد، وعلى قوى عربية لا توجد حولها شبهة التشدد أو القرب من تركيا».

واعتبر المحلل العسكري أن «هذا التشكيل قد تظهر الحاجة إليه في سياق الحرب في أي لحظة، خصوصا لجهة هوية مقاتليه كعرب سنة قبليين، يمكن الاعتماد عليهم في حفظ الأمن على الأرض في بعض المناطق».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.