إسرائيل تقرر ضم «المثلث البحري» المختلف عليها مع لبنان

نشرت مناقصة للتنقيب عن الموارد... ولبنان يعتبر المنطقة مياهه الاقتصادية

إسرائيل تقرر ضم «المثلث البحري» المختلف عليها مع لبنان
TT

إسرائيل تقرر ضم «المثلث البحري» المختلف عليها مع لبنان

إسرائيل تقرر ضم «المثلث البحري» المختلف عليها مع لبنان

بعد فشل المفاوضات الحالية بين تل أبيب وبيروت، عبر واشنطن، قررت حكومة إسرائيل مباشرة إجراءات أحادية الجانب تضم بموجبها «المناطق الاقتصادية البحرية» المختلف عليها بينها وبين لبنان.
والحديث يدور عن منطقة «مثلث بحري» تبلغ مساحته نحو 800 كيلومتر مربع في أعماق البحر المتوسط، يقع على الحدود المتاخمة بين المياه الاقتصادية اللبنانية والإسرائيلية. وحسب الدراسات الإسرائيلية والأميركية، توجد في عمق الأرض في المنطقة المذكورة آبار نفط وغاز بكميات تجارية هائلة. وقد باشرت إسرائيل العمل قبل عدة سنوات على تعميق دراستها والانتقال إلى مرحلة تجريب التنقيب، وذلك لأنها نجحت في حفر آبار بالقرب منها. ويتوقع أن تبدأ هذه الآبار عملية الإنتاج خلال سنة أو سنتين.
بيد أن لبنان يعتبر كل هذه المنطقة مياهاً اقتصادية لبنانية. وهدد في حينه بالتوجه إلى القضاء الدولي بتهمة سرقة موارده الطبيعية، فيما ردت إسرائيل بالادعاء بأنها منطقتها. وطرحت عدة قوى سياسية لبنانية الموضوع على الأجندة الإعلامية والسياسية. وحسب القانون الدولي، فإن تقسيم المناطق البحرية بين بلدين مجاورين لحوض البحر نفسه، يتم بالاتفاق بينهما ويقوم على أساس نقطة «الوسط».
وقد خشيت إسرائيل في حينه من قيام «حزب الله» وحلفائه في لبنان بـ«استغلال الموضوع لتأجيج الحروب»، فلجأت إلى الإدارة الأميركية لتتوسط بين الطرفين. وبالفعل، بدأت جهود الوساطة تعمل. وقرر الوسيط الأميركي أن المناطق التي بدأت تعمل فيها إسرائيل وحفرت الآبار «لفيتان» و«تمار» وغيرهما، تابعة فعلاً لإسرائيل وليس للبنان. ولكنها لم تحسم في أمر المنطقة الأخرى (منطقة المثلث المذكور)، وتركته بلا متابعة، خصوصاً بعدما غرق العرب فيما سمي بـ«الربيع العربي» ودخلت حكومة بنيامين نتنياهو بصراعها مع إدارة الرئيس باراك أوباما، وبدا حتى أن الحكومة اللبنانية لم تعد تهتم بالقضية، فلم يعد الموضوع ذا أولوية. ولكن الحكومة اللبنانية الجديدة عادت لإثارة الموضوع مجدداً، عندما قررت التعامل في الموضوع باعتبار المنطقة لبنانية. فنشرت مناقصة للتنقيب عن الموارد البحرية فيها، مثلما كانت إسرائيل قد حفرت الآبار في منطقة أخرى كان لبنان يعتبرها ملكه.
إزاء هذا التطور، قرر وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، بموافقة نتنياهو، بدء إجراءات لضم المنطقة إلى المياه الاقتصادية الإسرائيلية. فباشر في العمل على طرح مشروع قانون تحديد الحدود البحرية لإسرائيل في اللجنة الوزارية الحكومية وفي الكنيست (البرلمان الإسرائيلي). وكما يتضح من مسودة القانون، فإنه يتحدث عن فرض السيادة والقوانين الإسرائيلية على المثلث البحري المذكور، لكي يستطيع إعلان مناقصة للتنقيب عن الموارد الطبيعية في أعماق بحرها. وقد اجتمع وزير شؤون البيئة، زئيف الكين (الذي يتحمل حالياً مسؤولية رئاسة الحكومة في غياب نتنياهو)، مع الوزير شتاينتس، ووضعا بينهما تفاهمات بشأن توزيع صلاحيات الإشراف على هذه المنطقة، والتي ستسلم لوزارة الطاقة. وعندما تقر الحكومة في جلسة قريبة هذه التفاهمات، ستطلق إسرائيل مناقصة دولية للتنقيب عن النفط والغاز في هذه المنطقة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».