المظاهرات الشعبية تعود إلى بيروت تحت عنوان رفض زيادة الضرائب

بدعوة من المجتمع المدني والأحزاب المعارضة... والحريري: سنحارب الهدر والفساد

آلاف المتظاهرين اللبنانيين ضد قرارات الحكومة الأخيرة بزيادة الضرائب وسط بيروت أمس (أ.ب)  -  من شعارات مظاهرات الأمس في بيروت «ما رح ندفع» احتجاجاً على رفع الضرائب (أ.ب)
آلاف المتظاهرين اللبنانيين ضد قرارات الحكومة الأخيرة بزيادة الضرائب وسط بيروت أمس (أ.ب) - من شعارات مظاهرات الأمس في بيروت «ما رح ندفع» احتجاجاً على رفع الضرائب (أ.ب)
TT

المظاهرات الشعبية تعود إلى بيروت تحت عنوان رفض زيادة الضرائب

آلاف المتظاهرين اللبنانيين ضد قرارات الحكومة الأخيرة بزيادة الضرائب وسط بيروت أمس (أ.ب)  -  من شعارات مظاهرات الأمس في بيروت «ما رح ندفع» احتجاجاً على رفع الضرائب (أ.ب)
آلاف المتظاهرين اللبنانيين ضد قرارات الحكومة الأخيرة بزيادة الضرائب وسط بيروت أمس (أ.ب) - من شعارات مظاهرات الأمس في بيروت «ما رح ندفع» احتجاجاً على رفع الضرائب (أ.ب)

عادت المظاهرات إلى بيروت، أمس، في تحرك هو الأول من نوعه في العهد الجديد، منذ انتخاب الرئيس ميشال عون، وبعد أيام على إقرار مجلس النواب كثيرا من الضرائب بحجة تصحيح رواتب القطاع العام أو ما بات يعرف بـ«سلسلة الرتب والرواتب».
ولبّى آلاف اللبنانيين دعوة المجتمع المدني والأحزاب المعارضة، وعلى رأسها «حزب الكتائب»، للتظاهر، رفضا لهذه الضرائب، ومطالبين بوقف الهدر والفساد المستشري في الدولة، الذي أقرّ به رئيس الحكومة سعد الحريري واعدا بمحاربته. لكن خطوة الحريري، الذي نزل إلى ساحة رياض الصلح بشكل مفاجئ، محاولا مخاطبة المواطنين وجها لوجه، قوبلت بالرفض، فما كان له إلا أن عاد أدراجه سيرا على الأقدام، ودعا المتظاهرين عبر حسابه على «تويتر» إلى «تشكيل لجنة ترفع مطالبهم لمناقشتها بروح إيجابية».
في كلمته من موقع المظاهرة، توجه الحريري إلى المحتشدين بالقول: «هذه الحكومة مع فخامة الرئيس ستكون دائما إلى جانبكم وإلى جانب الناس ووجع الناس». وأضاف: «صحيح أن هناك هدرا في البلد وصحيح هناك فساد، ولكننا سوف نحارب هذا الفساد، وأنا أحببت أن آتي إليكم من أجل أن أقول لكم إننا سوف ننهي الفساد ونوقف الهدر، وإن شاء الله سنكمل المسيرة معكم».
ومنذ ساعات الصباح، قامت القوى الأمنية بإغلاق الشوارع المؤدية إلى مقار الحكومة والبرلمان، خلال المظاهرة التي كانت قد سبقتها تحركات على مدى 3 أيام في وسط المدينة.
ولبى عدد كبير من اللبنانيين الدعوة إلى التظاهر بصرخة واحدة، حملت عناوين اجتماعية مختلفة، إضافة إلى التأكيد على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية، بعد أن سبق ومدّد للمجلس النيابي مرتين، وفي وقت لا يزال الأفرقاء السياسيون فيه غير متفقين على قانون جديد للانتخابات التي باتت بحكم المؤجلة، «تقنيا» على الأقل.
وإضافة إلى المواطنين الذين أتوا من مختلف المناطق ومن كل الأعمال حاملين الشعارات نفسها، كان لافتا مشاركة عدد كبير من مناصري «فريق 14 آذار»، الذين طالما ملأوا الساحات في عام 2015، بعد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، إضافة إلى مناصرين سابقين لأحزاب باتت اليوم في السلطة، على رأسها «التيار الوطني الحر»، معتبرين أن هذا الحزب الذي كان يعتمد في شعاراته على محاربة الفساد ورفض الضرائب، بات اليوم، بعدما أصبح على رأس السلطة، يفرض الضرائب.
والتزم المتظاهرون بالدعوات لتوحيد الأعلام اللبنانية والشعارات المتعلقة جميعها بالقضايا الاجتماعية، على سبيل المثال: «السكن حق»، و«بدنا وطن»، و«لا لتجويع الفقراء، نعم لإقرار السلسلة»، و«نظام المحاصصة
الطائفية أساس الفساد السياسي» وغيرها.
ورغم تأكيد المنظمين على سلمية التحرك ورفض المواجهات مع القوى الأمنية، انطلاقا من أن التحرك هو حق للشعب وليس لفئة دون أخرى، فإن بعض الشباب الملثمين وصفهم المشاركون بـ«الطابور الخامس»، دخلوا على الخط محاولين افتعال المشكلات واقتحام السرايا الحكومي، ما أدى إلى مواجهات مع القوى سقط خلالها جريحان. كما عمد الشباب المنظمون إلى إقامة حاجز بشري منعا لأي احتكاك بين الطرفين، وأعلن بعد ذلك كل من «حزب الكتائب» و«الوطنيين الأحرار» و«الحزب الاشتراكي» الذي انضم في وقت لاحق للمظاهرة، الانسحاب منها، منعا لتفاقم المشكلات، كما رفعت منظمات المجتمع المدني الغطاء عن المخربين، وطالبت القوى الأمنية بمحاسبتهم.
وقالت «الوكالة الوطنية»، إن «حالة من الهرج والمرج سادت بين المتظاهرين، حيث عمد بعضهم إلى إزالة الحواجز الحديدية، وأصبحوا على تماس مع القوى الأمنية، فيما لم تعمد القوى الأمنية إلى الرد على الاستفزازات».
وفي حين كان هناك شبه غياب للمواقف السياسية، أمس، من قبل المسؤولين، طالب البطريرك بشارة الراعي بمحاربة الفساد وإعادة المال العام المهدور. وقال: «لقد شهدنا تعثر الحكومة والمجلس النيابي في إقرار الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب. ورأينا كلنا أن الفساد الطاغي والعبث بالمال العام، سرقة وهدرا وإنفاقا أو ضياعا مقننا، تسببا بهذا التعثر». وسأل: «كيف يمكن إقرار الموازنة من دون إصلاحات إدارية ومالية تضبط واردات الخزينة والجباية ومرافق الدولة، بهدف خفض العجز واحتوائه، وتعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة؟ وكيف يمكن إقرار سلسلة الرتب والرواتب، وهي واجبة، بفرض ضرائب على المواطنين المرهقين، من أجل تأمين المال لتغطية موظفي القطاع العام، بدلا من إعادة المال العام المهدور إلى خزينة الدولة، ومن دون أي مساعدة مالية للأهل كي يتمكنوا من واجب تعليم أولادهم في المدارس الخاصة، إذ تصبح زيادة الأقساط واجبة؟».
مع العلم أن اللجان النيابية اللبنانية المكلفة بدراسة مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب قررت تمويل السلسلة من خلال فرض عدد من الضرائب الجديدة، منها رفع الضريبة على القيمة المضافة من 10 في المائة إلى 11 في المائة، لكن المجلس النيابي اللبناني أقرَّ قسما منها في آخر جلسة له كانت مقررة لهذا الشأن يوم الخميس الماضي، ورفعت الجلسة قبل الانتهاء منها كاملة، بسبب خلاف في وجهات النظر بين النواب على بنود تمويل السلسلة، وعزا السبب حينها نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، إلى فقدان النصاب بعد مغادرة نواب «حزب الكتائب» الجلسة. مع العلم أنه إذا لم يتم تعديل الخطة المتفق عليها لتمويل زيادة الرواتب، فمن المتوقع أن يوافق البرلمان في الأسابيع المقبلة على زيادة عدد من الضرائب الإضافية، قبل أن ترفع إلى رئيس الجمهورية لتوقيع المرسوم، قبل نشره في الجريدة الرسمية وبدء العمل به.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».