اعتبر رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري إقرار قانون الانتخابات النيابية المقبلة «أولوية»، محذراً من أن الاشتباك السياسي الذي اندلع الخميس الماضي في البرلمان، على خلفية المناقشات المرتبطة بزيادة الضرائب: «حملة منظمة على مجلس النواب، والهدف تطيير قانون الانتخاب والانتخابات». ومن جانب آخر، وقّع وزير الداخلية نهاد المشنوق مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، ورفعه إلى رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي سيرفعه إلى رئيس الجمهورية ميشال عون مع انتهاء المهلة اليوم (الأحد).
الاشتباك في البرلمان الأسبوع الماضي، خلال المناقشات الهادفة إلى زيادة الضرائب بهدف تمويل «سلسلة الرتب والرواتب»، شكّل أول اختبار جدي للعهد الجديد بعد انتخاب رئيس للجمهورية؛ وذلك لأنه حمل ملامح مواجهة بين الحكومة وهيئات المجتمع المدني الذين ازدادت وتيرة اعتراضهم على الضرائب. وهو ما دفع الكتل السياسية إلى التحول باتجاه «سياسة احتواء» للأزمة، بدأت معالمها تتشكل بانفضاض كتل سياسية عن إقرار الضرائب، وتنصّل أفرقاء آخرين منها، وإيضاحات أخرى بأن الضرائب لن تستهدف الطبقات الفقيرة.
ولقد شدد رئيس مجلس النواب في بيان له، على أن «ما يحصل في حقيقته المخفية عمدا هو حملة منظمة على مجلس النواب، والهدف تطيير قانون الانتخاب والانتخابات؛ بدليل أن العمل كان قائما على قدم وساق للوصول إلى قانون انتخابي، وفجأة تحول إلى موضوع السلسلة»، في إشارة إلى المناقشة المرتبطة بسلسلة الرتب والرواتب. وأردف أن هذا حصل «علما بأن السلسلة حق للناس والإداريين والأساتذة (...) منذ أكثر من عشر سنوات، وكان يجب الآن إدخالها في الموازنة لا الاكتفاء بتحديد قيمتها الرقمية، مع ذلك مافيات مصرفية ومؤسسات بحرية تحركت في كل اتجاه تماما كما في عام 2014؛ في سبيل عدم تمويلها، والغريب أنها تحاول أن تستخدم من يجب أن يستفيد منها».
وتابع بري «واجبات المجلس النيابي إقرار حقوق الناس، وعلى الحكومة تأمين الإيرادات من خلال الموازنة، لا أن تكون سيوفها على السلسلة وقلوبها على المافيات»، وشدد على توجهه «لإعادة الأمور إلى نصابها»، محدداً أولويات المباحثات اللبنانية. وتابع أن «العمل سيكون من الآن فصاعدا على أولوية قانون الانتخابات، وتعيين لجنة تحقيق برلمانية لكشف الفساد والمفسدين ومحاكمتهم، ولإقرار السلسلة لكل ذوي الحقوق، وإقرار الموازنة»، مكرراً أن خلفية كل ما جرى «هو سياسي ولعدم الوصول إلى قانون انتخاب».
في هذه الأثناء، سارعت القوى السياسية اللبنانية إلى احتواء الأزمة الناشئة على خلفية الاعتراضات الواسعة على الضرائب، بموازاة دعوات من المجتمع المدني صدرت لحشد متظاهرين اليوم في وسط بيروت. وبدأت الاعتصامات الرمزية منذ الجمعة؛ تمهيدا للحشد لمظاهرة اليوم، ونفذ أحدها أمس (السبت) الحزب الشيوعي الذي دعا أمينه العام، حنا غريب، اللبنانيين للنزول إلى الشارع «لتغيير الطبقة السياسية ولإسقاط النظام الضريبي الجائر على الفقراء».
في المقابل، وعلى خط الكتل السياسية، أوضح رئيس تكتل التغيير والإصلاح (التيار العوني) وزير الخارجية جبران باسيل بعد اجتماع التكتل الاستثنائي، أن «السلسلة مطلب فئات كبيرة في القطاع العام، و80 في المائة من الضرائب تطال الطبقات الميسورة فقط، والباقي يشمل الجميع». وتابع: «قبلنا بالـtva (الضريبة على القيمة المضافة) على مضض، لكن في المقابل هناك مواد استهلاكية معفاة منها، وهناك علاج للتهرب الضريبي بناء على قرارات اتخذت في مجلس الوزراء»، مشيراً إلى أنهم «تكلموا بداية عن tva بقيمة 15 في المائة، ولم نقبل إلا أن تكون 11 في المائة». وأضاف باسيل «لن نسمح بتطيير إنجازاتنا، فنحن نجحنا في فرض ضرائب على مجالات كانت محرمة سابقا، مثل الربح العقاري، ولم يتجرأ أحد سابقا على تناول موضوع الأملاك البحرية، وكذلك المصارف والشركات بموضوع الضرائب، واليوم أصبح هذا الموضوع قيد الإقرار».
من جهته، اعتبر الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، أنه يمكن تمويل سلسلة الرتب والرواتب من دون زيادة ليرة واحدة على الفقير، قائلا: «الأمر يحتاج إلى قرار جريء، وإلى تنازل عن بعض الامتيازات، وإلى بعض التقشف». واستطرد «سيتم الاتفاق على لقاء مصغر للكتل النيابية لإعادة النظر بتمويل السلسلة وسنقدم فيه طرحا لبدائل تمويلها».
وفيما بدا أنه انسحاب من فرض الضرائب، أعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن حزبه ضد أي زيادة للضرائب «كما أننا لسنا مع أن تقوم الدولة بصرف الأموال في الوقت الحاضر»، مشيراً إلى أن «وزراء القوات سينقلون اقتراحات واضحة جدا إلى مجلس الوزراء تتعلق بالإبقاء على موازنة الدولة كما كانت عليه في العام الماضي؛ إذ لسنا في وضعية تتيح لنا زيادة سنوية بالإنفاق بين ألفين و4 آلاف مليار ليرة».
وأكد جعجع «إننا متمسكون بمجموعة إصلاحات قادرة على تحسين وضع الدولة المالي، وليس عبر فرض بعض الضرائب من هنا أو من هناك؛ فالهدر في الدولة كبير جدا، والفساد أكبر وأكبر، ونحتاج إلى وقت طويل للخروج من هذا الوضع». ولفت إلى أن «وقف الهدر عبارة عن عملية طويلة تحتاج إلى مجموعة تدابير تبدأ اليوم، وتستغرق من سنة إلى ثلاث سنوات حتى تنتهي، ولكن من اليوم وإلى حين تحقيق هذا الهدف المنشود يجب تقليص حجم المصروف في الدولة لكي تتجنب فرض ضرائب جديدة».
بري يطالب بالعودة لمناقشة قانون جديد للانتخابات باعتباره من «الأولويات»
الكتل السياسية اللبنانية تحاول احتواء أزمة «الضرائب» عشية تحركات شعبية بوسط بيروت
بري يطالب بالعودة لمناقشة قانون جديد للانتخابات باعتباره من «الأولويات»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة