«أحرار الشام» تتهم التحالف بقصف مسجد في حلب... وواشنطن تنفي

موسكو تطالب بـ«توضيحات» أميركية بشأن مقتل عشرات المدنيين

متطوعون في الدفاع المدني السوري يبحثون عن ناجين بين ركام المسجد في حلب (أ.ف.ب)
متطوعون في الدفاع المدني السوري يبحثون عن ناجين بين ركام المسجد في حلب (أ.ف.ب)
TT

«أحرار الشام» تتهم التحالف بقصف مسجد في حلب... وواشنطن تنفي

متطوعون في الدفاع المدني السوري يبحثون عن ناجين بين ركام المسجد في حلب (أ.ف.ب)
متطوعون في الدفاع المدني السوري يبحثون عن ناجين بين ركام المسجد في حلب (أ.ف.ب)

اتهمت حركة «أحرار الشام» يوم أمس الجمعة طائرات التحالف الدولي بارتكاب «مجزرة» نتيجة استهداف مسجد يغص بالمصلين في قرية الجينة في ريف محافظة حلب، ما أدّى لمقتل 47 شخصا على الأقل، وهو ما نفته واشنطن، لافتة إلى أنّها استهدفت في المنطقة «مبنى كان يضم تجمعا لتنظيم القاعدة يقع على نحو 15 مترا من مسجد لا يزال قائماً»، وأوضح الكولونيل جون توماس الناطق باسم القيادة المركزية الأميركية أنه سيتم إجراء «تحقيق في الادعاءات بأنّ تلك الضربة قد تكون أدت إلى سقوط ضحايا مدنيين».
وسارعت موسكو لتحميل الولايات المتحدة الأميركية مسؤولية قتل مدنيين في سوريا، وقال اللواء إيغور كوناشينكوف، الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، إن موسكو تنتظر من البنتاغون مزيدا من التوضيحات بشأن مقتل عشرات المدنيين بغارة على قريبة الجينة السورية. واعتبر كوناشينكوف أن «نشر صورة تظهر أجزاء صاروخ أميركي من طراز AGM - 114 Hellfire في مكان القصف على القرية الواقعة في ريف حلب الغربي، لا يترك للتحالف الدولي بقيادة واشنطن مجالا للتكتم على الموضوع، ولا يتيح للدبلوماسيين الغربيين توجيه أصابع الاتهام إلى روسيا هذه المرة».
وكانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت ليل الخميس عن مقتل عدد من عناصر تنظيم القاعدة في ضربة جوية أميركية على موقع اجتماع للتنظيم بإدلب شمال سوريا، إلا أنها لم تتحدث عن وقوع خسائر بصفوف المدنيين في الغارة، لافتة في بيان إلى أن «إدلب كانت ملاذا آمنا مهما للقاعدة في الأعوام الأخيرة».
وقال الناشط السوري البارز هادي العبد الله الذي توجه ليل الخميس إلى موقع القصف في ريف حلب إن حصيلة القتلى لا تزال غير نهائية نتيجة وجود أشخاص حتى الساعة تحت الأنقاض، لافتا إلى مقتل نحو 57 شخصا وجرح العشرات. وقال العبد الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «أنا أستبعد أن يكون طيران التحالف هو الذي قصف المسجد باعتبار أن آثار الدمار الكبير لا توحي بأنّه قصف طائرات أميركية». وأضاف: «للأسف نحن لم نعد نميز بين الطائرات التي تقصفنا لتعددها!»، وأشار العبد الله أن المنطقة المستهدفة ليست خاضعة لـ«جبهة النصرة» فقط إنما هي مختلطة وتضم عناصر من الجيش الحر و«أحرار الشام» أيضا.
وكانت «شبكة شام» أفادت بأن الطيران الحربي الروسي استهدف بالصواريخ مسجدا في بلدة الجينة كان يحتشد به أكثر من ثلاثمائة شخص لأداء صلاة العشاء، ما أسفر عن سقوط العشرات من القتلى والجرحى ودمار كبير في المسجد.
أما المرصد السوري لحقوق الإنسان ففضل الحديث عن «طائرات لم تعرف هويتها استهدفت مسجدا في وقت إقامة صلاة العشاء في قرية الجينة في ريف حلب الغربي، ما أسفر عن مقتل 42 شخصا، غالبيتهم مدنيون»، مشيرا إلى إصابة «أكثر من مائة آخرين بجروح».
ونبّهت حركة «أحرار الشام» في بيان من أن «استمرار التحالف الدولي بشن غارات قاتلة على إدلب وما حولها وتعاميه عن جرائم الميليشيات الإيرانية الإرهابية لم يسهم سوى في تثبيت النظام المجرم وارتفاع مستوى العنف».
وأظهر شريط فيديو لقناة «حلب اليوم» المحلية المعارضة على موقع يوتيوب حجم الدمار الذي طاول المسجد إذ بدا المبنى مدمرا بشكل شبه كامل. وانكب المتطوعون في «الخوذ البيضاء» (الدفاع المدني الناشط في مناطق المعارضة) على رفع الأنقاض مستعينين بالمصابيح الكهربائية نتيجة الظلام الدامس من حولهم. وعلت صيحات «الله أكبر»، حين تمكن اثنان منهم من إخراج أحد المصابين قبل أن يسارع آخرون إلى نقله إلى سيارة إسعاف.
وقال أبو محمد، أحد سكان القرية لوكالة الصحافة الفرنسية «رأيت 15 جثة مرمية وأشلاء بين أنقاض المسجد، وهناك جثث لم نستطع التعرف عليها.. سمعنا أصوات انفجارات ضخمة حين تم استهداف المسجد وذلك مباشرة بعد صلاة العشاء وهو التوقيت التي تعقد فيه حلقات دراسة دينية للرجال». وأفاد مراسل الوكالة في المكان بأنه بعد الانتهاء من عملية الإغاثة سُمعت أصوات أنين من تحت الأنقاض، فسارع أشخاص موجودون قرب المسجد وبينهم إعلاميون للاتصال مجددا بالدفاع المدني، فعاد متطوعوه أدراجهم بحثا عن الناجين.
وكثفت واشنطن في الأشهر القليلة الماضية من حملتها الجوية على محافظة إدلب مستهدفة عناصر في تنظيم «القاعدة». وقبل نحو أسبوعين أكد التنظيم مقتل أحد قادته البارزين في محافظة إدلب السورية إثر غارة جوية للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. وقال بيان مشترك بحينها صادر عن تنظيمي القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والقاعدة في جزيرة العرب إن أبو الخير المصري لقي حتفه «إثر غارة صليبية غادرة من طائرة مسيرة، لتشهد أرض الشام على جرم جديد من جرائم أميركا والحلف الصليبي في حق الإسلام وأهله». وفي شهر فبراير (شباط) الماضي أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن القوات الأميركية نفذت ضربتين جويتين قرب إدلب في سوريا أسفرتا عن مقتل 11 مسلحا من تنظيم القاعدة، بينهم عضو تربطه صلات بزعيم «القاعدة» الراحل أسامة بن لادن وزعماء كبار آخرون من التنظيم.
كما أعلنت واشنطن في يناير (كانون الثاني) الماضي مقتل أكثر من مائة من عناصر «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقا)، وذلك إثر غارات شنتها طائرات أميركية في إطار التحالف الدولي على معسكر بريف حلب شمالي سوريا. وفي الشهر نفسه أفيد أيضا عن مقتل قيادي بتنظيم القاعدة يدعى محمد حبيب بن سعدون التونسي، وعضو آخر بالتنظيم هو عبد الجليل المسلمي في غارتين جويتين قرب إدلب.



بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.