السلطات القضائية الليبية تطلب رسميا رفع الحصانة عن رئيس البرلمان المؤقت

لندن تحث الثني على سرعة إرسال عسكريين لتدريبهم

صورة ضوئية من مذكرة النائب العام الليبي لرفع الحصانة عن رئيس البرلمان
صورة ضوئية من مذكرة النائب العام الليبي لرفع الحصانة عن رئيس البرلمان
TT

السلطات القضائية الليبية تطلب رسميا رفع الحصانة عن رئيس البرلمان المؤقت

صورة ضوئية من مذكرة النائب العام الليبي لرفع الحصانة عن رئيس البرلمان
صورة ضوئية من مذكرة النائب العام الليبي لرفع الحصانة عن رئيس البرلمان

في تطور يراه مراقبون يعمق الأزمة السياسية في ليبيا، طلبت السلطات القضائية رسميا أمس رفع الحصانة عن نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت)، تمهيدا للتحقيق معه في ملابسات تسريب فيديو مصور وهو يخضع لاستجواب وصف بأنه مهين من أحد قادة الكتائب المسلحة في طرابلس، بشأن ملابسات وجوده مع فتاتين ليلا بمقر إقامته بضاحية فشلوم قبل نحو شهرين.
وطلب النائب العام الليبي عبد القادر رضوان في مذكرة رسمية وجهها لوزير العدل صلاح المرغني رفع الحصانة عن أبو سهمين، وقال في نص رسالته التي جرى تسريبها: «نحيل إليكم المذكرة المعدة بالمكتب وما تضمنه من قيد ووصف للجريمة الجنائية المسندة إلى رئيس المؤتمر الوطني، وذلك للاختصاص والإحالة إلى المؤتمر الوطني لرفع الحصانة».
ولم يصدر على الفور أي تعليق رسمي من أبو سهمين الموجود خارج البلاد أو مكتبه، فيما قالت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط»، إنه «ملزم بالخضوع لتحقيقات النيابة العامة، وإلا عد ذلك بمثابة تهرب قد يستوجب إصدار مذكرة رسمية لضبطه وإحضاره».
ورغم أن الموقع الرسمي للمؤتمر الوطني على شبكة الإنترنت كان أعلن في 14 أبريل (نيسان) الماضي، أن «أبو سهمين غادر البلاد في إجازة طبية لمدة أسبوع لإجراء فحوصات طبية»، فإنه لم يعد إلى ليبيا بعد انتهاء الأسبوع، من دون تفسير رسمي.
وقال مسؤول رفيع المستوى في المؤتمر الوطني الذي يعد أعلى سلطة دستورية وتشريعية في البلاد لـ«الشرق الأوسط»، إن «أبو سهمين قرر في أول الأمر التوجه للعلاج في سويسرا، لكن المطاف انتهى به في تركيا من دون إعلان».
وكشف النقاب عن أن أبو سهمين أبلغ بعض أعضاء المؤتمر قبل سفره أنه في حاجة للراحة بناء على نصيحة طبيبه المعالج الذي أوصى بضرورة حصوله على إجازة مرضية نظرا لتعرضه لارتفاع مستمر في ضغط الدم وتوتر أعصابه.
ومنذ سفره إلى تركيا، غاب أبو سهمين عن المشاركة في أي أنشطة رسمية ولم يظهر علانية ولو لمرة واحدة، كما استمر غيابه عن إدارة جلسات المؤتمر بعدما فوض صلاحيته لنائبه الأول عز الدين العوامي.
وأخضعت النيابة العامة في ليبيا الفتاتين للتحقيق أخيرا، حيث قال مسؤول ليبي إن أقوالهما تدين أبو سهمين، فيما نفى مصدر مقرب من أبو سهمين استقالته من منصبه، قائلا لـ«الشرق الأوسط» في تصريحات مقتضبة، إنه «سيعود قريبا لممارسة مهام منصبه»، نافيا وجود أي فراغ في السلطة بسبب سفر أبو سهمين لإجراء فحوص طبية. في هذا السياق، قالت بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا في بيان لها إن «الاتحاد ينفي المزاعم التي أفادت بأنه يعارض إقالة رئيس المؤتمر الوطني من منصبه»، مؤكدة في المقابل أن «الاتحاد الأوروبي يعلن احترامه لأي عملية تتماشى مع الإجراءات الديمقراطية والمتطلبـات القانونية في ليبيا».
ويعد أبو سهمين نظريا هو الرئيس الفعلي لليبيا حيث يحظى بصلاحيات شبه رئاسية، كما أنه يتولى منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة.. علما بأنه جرى انتخابه العام الماضي خلفا لسلفه المستقيل محمد المقريف بسبب قانون العزل السياسي الذي يمنع كل من عمل مع نظام العقيد الراحل معمر القذافي تولي أي مناصب رسمية أو حكومية.
إلى ذلك، حث ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني، عبد الله الثني رئيس الحكومة المؤقتة في ليبيا على سرعة إنهاء الأمور المالية والإدارية المتعلقة بسفر نحو 360 عسكريا ليبيا إلى بريطانيا الشهر الجاري، في إطار برنامج القوة متعددة الأغراض التي تسعى السلطات الليبية إلى إنشائها لاستعادة الأمن والاستقرار.
وقال كاميرون في رسالة وجهها إلى الثني ونشر نصها أمس الموقع الإلكتروني الرسمي للحكومة الليبية على شبكة الإنترنت: «أردت أن أكتب إليك في هذا الوقت الحرج لأؤكد لكم على مواصلة المملكة المتحدة لدعمها لليبيا، ولكي أشكركم على كل الأعمال التي قمت بها لدعم العملية الانتقالية سواء كوزير دفاع أو كرئيس وزراء مؤقت».
واستقبل الثني في طرابلس جوناثان باول، مبعوث رئيس الوزراء البريطاني، الذي أكد، وفقا لبيان رسمي لمكتب الثني، على أهمية توطيد العلاقة بين البلدين حيث تحتل ليبيا مكانة خاصة لدى حكومته وشعبه، مؤكدا أن التحول الكبير الذي حدث في ليبيا نحو الديمقراطية له إيقاع خاص عند الشعب البريطاني.
من جانبه، قال الثني إن ليبيا تربطها علاقات جيدة بالحكومة البريطانية، مؤكدا عمق العلاقة بين البلدين والرغبة في التعاون المشترك.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.