مقتل مدوّن مصري سقط من الطابق التاسع في بناية تحت الإنشاء

نشطاء طالبوا بالتحقيق.. ومصادر أمنية أكدت ألا وجود لشبهة جنائية

مقتل مدوّن مصري سقط من الطابق التاسع في بناية تحت الإنشاء
TT

مقتل مدوّن مصري سقط من الطابق التاسع في بناية تحت الإنشاء

مقتل مدوّن مصري سقط من الطابق التاسع في بناية تحت الإنشاء

تحول حادث مقتل المدون والمنتج السينمائي المصري، باسم صبري، الذي سقط من الطابق التاسع لشقته التي ما زالت تحت الإنشاء بالقاهرة الليلة قبل الماضية، إلى سجال وجدل سياسي وشعبي وبين النشطاء الذين يعدونه من أصوات ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، طالبوا بالتحقيق في الواقعة، في وقت أكدت فيه مصادر أمنية عدم وجود شبهة جنائية وراء الحادث.
وبينما قالت المصادر الأمنية، إن «أسرة المدون لم تطلب تشريح جثمان المدون ولم تشتبه في وفاته جنائيا»، طالب نشطاء بضرورة التحقيق في الواقعة، زاعمين أن وراءها شبهة تعمد في إسقاطه من الشرفة، وهو ما نفاه مقربون من أسرة القتيل.
من جانبها، تكثف أجهزة الأمن جهودها لكشف ملابسات سقوط المدون البالغ من العمر 31 عاما، من شقته الجديدة الكائنة في عقار تحت الإنشاء بمنطقة المهندسين الواقعة غرب القاهرة، مما أسفر عن مصرعه في الحال. وذكرت التحريات الأولية أن «جهود الفحص والتحريات الأولية لم تؤكد وجود شبهة جنائية وراء الحادث».
وقال مقربون من أسرة المدون لـ«الشرق الأوسط»، إنه «سقط نتيجة إصابته بغيبوبة مرض السكري تسببت في سقوطه من شرفة شقته التي تقع في الطابق التاسع».
وأمر المستشار شريف توفيق، رئيس نيابة الدقي، باستدعاء سائق المدون الذي تركه أسفل البناية ولم يصعد معه. كما أمرت النيابة باستدعاء أسرته لسماع أقوالها، والاستعلام منهم عما إذا كان يعاني من مرض السكري أو غيره، وإن كانت تنتابه حالات إغماء وعدم توازن، لبيان ما إذا كان هناك شبهة جنائية من عدمه.
وكان المدون صبري، وفقا للتحقيقات المبدئية توجه بصحبة سائقه إلى عقار تحت الإنشاء يمتلك به شقة، وصعد بمفرده لإلقاء نظرة عليه؛ إلا أن سائقه الذي كان ينتظره فوجئ بسقوطه، فأبلغ الشرطة، وأسفرت معاينة الشقة عن عدم العثور على أي دلائل أو متعلقات خاصة به، وأنها خالية من أي أثاث.
والمدون القتيل هو نجل الكاتب والمنتج السينمائي المعروف، فاروق صبري، وشقيق المنتج السينمائي وليد صبري.
في السياق نفسه، استمعت مباحث الجيزة أمس، إلى أقوال شقيق المدون والذي لم يشتبه في الوفاة جنائيا، ولم يتهم أحدا بالتورط في الواقعة، فيما تستكمل أجهزة الأمن تحرياتها وسماع أسرة المتوفى، بعدما رجحت التحريات الأولية اختلال توازنه أثناء وقوفه في الشرفة وسقوطه منها.
وقالت مصادر أمنية، إن «أسرة المدون باسم صبري، الذي لقي مصرعه، مساء الثلاثاء، لم تطلب تشريح الجثة، ولم تشتبه في وفاته جنائيا». وأضافت المصادر الأمنية، أن «فريقا من النيابة العامة يناظر جثة المتوفى.. وننتظر قرارها بالتشريح من عدمه».
لكن نشطاء طالبوا بضرورة التحقيق في الواقعة، وقال أحد النشطاء على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «أكيد الوفاة غير طبيعية.. كيف يسقط من شرفة منزل مكتملة البناء ولها سور واضح.. ولماذا لم يختل توازنه ليسقط داخل الشقة وليس من الشرفة»، فيما قالت ناشطة أخري، «هناك سبب غير معلوم للوفاة، لا بد من التحقيق».
ونعى كتاب وسياسيون وفنانون المدون والمنتج السينمائي، وقال الدكتور محمد البرادعي، نائب الرئيس المصري السابق: «باسم صبري.. أسأل كل شباب الثورة الدعاء بالرحمة والمغفرة لرفيق درب وإنسان نبيل فقدناه ونحن في أمس الحاجة إليه».
وقال نادر بكار مساعد رئيس حزب النور السلفي لشؤون الإعلام: «صبري.. أسأل الله أن يغفر لك ويرحمك ويسكنك فسيح جناته.. والله ما عرفته إلا دمث الخلق محبا لوطنه». وقالت حملة المرشح الرئاسي حمدين صباحي إن «صبري فقد حياته القصيرة لكنه خلد اسمه في سجل المناضلين من أجل مستقبل أفضل»، بينما عبر الناشط الحقوقي جمال عيد، عن حزنه على موت صبري قائلا: «هذا الإنسان الذي فقدناه، الرحمة والصبر لكل محبيه».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.