الأزمة بين تركيا وأوروبا تصل إلى «قراصنة تويتر»

المفوضية الأوروبية «صُدمت» من تصريحات إردوغان

الرئيس التركي يرحب بمؤيديه قبل إلقائه خطاباً في أفيون كارا حصار أمس (رويترز)
الرئيس التركي يرحب بمؤيديه قبل إلقائه خطاباً في أفيون كارا حصار أمس (رويترز)
TT

الأزمة بين تركيا وأوروبا تصل إلى «قراصنة تويتر»

الرئيس التركي يرحب بمؤيديه قبل إلقائه خطاباً في أفيون كارا حصار أمس (رويترز)
الرئيس التركي يرحب بمؤيديه قبل إلقائه خطاباً في أفيون كارا حصار أمس (رويترز)

انتقلت الأزمة الدبلوماسية بين تركيا وأوروبا إلى الإنترنت، مع عملية اختراق واسعة قام بها قراصنة نشروا رسالة حول هجمات رجب طيب إردوغان على هولندا وألمانيا اللتين اتهمهما باعتماد ممارسات «نازية».
وتأتي عملية القرصنة هذه التي طالت عدة حسابات على «تويتر» لهيئات دولية ورسمية في أوج أزمة دبلوماسية بين تركيا ودول أوروبية، وخصوصاً هولندا وألمانيا اللتين ألغتا تجمعات انتخابية مؤيدة لإردوغان، أو رفضتا السماح لوزراء أتراك بالمشاركة فيها، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وصعّد إردوغان أمس من هجماته على هولندا، متهماً إياها بـ«قتل 8 آلاف مسلم» في مجزرة سريبرينيتسا عام 1995. وجدد اتهاماته لأوروبا باعتماد ذهنية «فاشية».
وبين الحسابات التي تعرضت للقرصنة: «منظمة العفو الدولية»، ووزارة الاقتصاد الفرنسية أو حتى هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» في أميركا الشمالية. وفي أقل من 140 حرفاً ومع صليب معقوف، نشر القراصنة رسالتهم التي تتضمن التصريحات النارية التي استخدمها المسؤولون الأتراك وفي مقدمهم إردوغان منذ بدء الأزمة، ضد ألمانيا وهولندا.
ونحو الساعة السابعة بتوقيت غرينتش، ظهرت رسالة باللغة التركية تقول: «#ألمانيا النازية #هولندا النازية. هذه صفعة عثمانية لكما. أتريدان أن تعرفا ماذا كتبت؟ تعلما التركية».
والرسالة التالية تضمّنت تسجيل فيديو فيه مقاطع من خطب للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي يخوض حملة للحصول على تأييد لتعديلات دستورية توسع صلاحياته الرئاسية في استفتاء مرتقب في 16 أبريل (نيسان) القادم.
وبين الحسابات التي تعرضت للقرصنة أيضا، تلك التابعة لرئيس الوزراء الفرنسي الأسبق آلان جوبيه وبطل كرة المضرب السابق بوريس بيكر أو حتى نادي كرة القدم الألماني بوروسيا دورتموند. وتعرض حساب البرلمان الأوروبي أيضا للقرصنة. وقال الناطق باسمه إن هذه المؤسسة استهدفت «لأنها تتابع بشكل دائم الوضع في تركيا، وتصدر تصريحات حول هذا الوضع في غالب الأحيان». وقال ناطق على «تويتر»: «نحن مدركون للمشكلة التي حصلت هذا الصباح وطالت عدة حسابات، لقد حددنا المصدر سريعا».
وأكد تطبيق «تويتر كاونتر» أنه «تم فتح تحقيق في عملية قرصنة» عدد من المواقع، حسبما أعلن رئيس مجلس إدارة الموقع. وقال أومير جينور: «فتحنا تحقيقا في هذه القضية. قبل التوصل إلى أي نتيجة اتخذنا إجراءات لاحتواء مثل عمليات القرصنة هذه».
على صعيد متصل، أعرب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر من ستراسبورغ عن «صدمته»، أمس، إزاء تصريحات إردوغان الذي اتهم فيها هولندا وألمانيا بـ«النازية»، معتبرا أنها لا تتلاءم مع طموحات أنقرة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. من جهته، قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إنه لا يمكن لأحد أن يقوم بمقارنة بين الأحداث في روتردام والحقبة النازية، في حين أن المدينة «دمرت» من قبل الألمان.
* إعادة التلويح بورقة اللاجئين للضغط على أوروبا
* يلدريم يأمر بفسخ اتفاق التوأمة بين إسطنبول وروتردام
ولم تجد دعوات متكررة لتهدئة أنقرة عن تصعيد لهجتها وانتقاداتها لدول الاتحاد الأوروبي أو التراجع عن الاتهامات بالفاشية، بينما لجأت مجددا إلى التلويح بورقة اللاجئين في وجه أوروبا ردا على منع وزرائها ومسؤوليها من عقد تجمعات لمواطنيها في دولها لدعوتهم لتأييد التعديلات الدستورية الخاصة بالانتقال إلى النظام الرئاسي في الاستفتاء المقرر في 16 أبريل (نيسان) المقبل.
وواصل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حملة هجومه على الدول الأوروبية قائلا: «ليس لدول أوروبا حق في إعطاء دروس في الديمقراطية والحرية والعدالة بعد الآن... إن روح الفاشية متفشية في شوارع القارة».
وقال إردوغان أمام حشد جماهيري في مدينة أفيون كاراحصار بوسط البلاد أمس الأربعاء في إطار حملة دعم النظام الرئاسي: «اليوم هناك انتخابات في هولندا، وسيتضح ما سيفعله من أطلقوا كلابهم على مواطنينا هناك، هؤلاء لا علاقة لهم بالحضارة والعالم المتحضر، إنهم قتلة 8 آلاف مسلم في مجزرة سربرينيتسا بالبوسنة». وأضاف أنه أبلغ رئيس الوزراء بن علي يلدريم كي يصدر تعليمات إلى رئيس بلدية إسطنبول لفسخ اتفاق التوأمة مع مدينة روتردام الهولندية.
وقد أعلن مجلس بلدية مدينة إسطنبول أمس بالفعل إلغاء بروتوكول «توأمة المدن» بين إسطنبول وروتردام. واتهم إردوغان أوروبا بأنها تستنفر كل جهودها للحث على التصويت بـ«لا» في الاستفتاء الشعبي بتركيا، مشيرا إلى أنهم «يعنونون صحفهم بعبارات (لا) باللغة التركية، و(لا) للديكتاتور إردوغان».
وتساءل: «ما علاقة الاستفتاء بي، فهناك استفتاء حول تغيير النظام، وليس له علاقة بإردوغان». وانتقد مواقف أوروبا تجاه تركيا، قائلا: «أفرغوا الاتحاد الأوروبي من أعضائه من خلال مواقفهم حيال بلادنا. فهذه هي بريطانيا، أليست متجهة نحو مغادرة الاتحاد الأوروبي؟».
من جانبه، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إن «الشعب التركي يرى ويدرك الألاعيب التي تحاك ضده، وإنه سيعطي الجواب المناسب عليها بتاريخ 16 أبريل موعد الاستفتاء الشعبي، حيث ستدفع أصوات المؤيدين بأوروبا للأنين».
جاء ذلك في كلمة له، اليوم الأربعاء، أمام حشد جماهيري واسع بولاية «أرداهان» شرق البلاد، حيث أشار إلى موجات العنصرية المتزايدة في الأيام الأخيرة بالقارة الأوروبية.
وأضاف يلدريم أن نسبة كبيرة من المواطنين الأوروبيين ليسوا ضد تركيا، على عكس المسؤولين الذين يستهدفون تركيا بهدف كسب مزيد من الأصوات في الانتخابات، لكن تركيا ستدفع القارة الأوروبية للأنين بنتيجة أصوات المؤيدين في الاستفتاء الشعبي، وأن مساعي المسؤولين الأوروبيين ستذهب هباء ولن تثني تركيا عن مواصلة المضي في طريقها نحو التقدم والتطور.
وعادت أنقرة مرة أخرى إلى التلويح بورقة اتفاق اللاجئين الموقع مع الاتحاد الأوروبي في 18 مارس (آذار) 2016. وقال عمر جليك، الوزير التركي لشؤون الاتحاد الأوروبي، إنه يعتقد أن الوقت حان لكي تعيد تركيا تقييم اتفاق اللاجئين والهجرة مع الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي اتضح فيه أن الاتحاد يتخذ موقفا عادلا بشأن تعهده إعفاء الأتراك من تأشيرات الدخول.
وبدوره قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إنه في حال لم يرفع الاتحاد الأوروبي تأشيرة الدخول عن المواطنين الأتراك، فإن بلاده ستتخذ خطوات (لم يحددها) بشأن اتفاقية اللاجئين والهجرة المبرمة بين الجانبين.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».