السودانيون يسكتون جوع النهار باللوبيا العدسية و«الباكمبا»

أطعمة شوارع مبتكرة وشهية ورخيصة

بائعة  أطعمة سودانية  شعبية
بائعة أطعمة سودانية شعبية
TT

السودانيون يسكتون جوع النهار باللوبيا العدسية و«الباكمبا»

بائعة  أطعمة سودانية  شعبية
بائعة أطعمة سودانية شعبية

زينب سيدة سودانية تعمل في مهنة بيع الأطعمة الشعبية وسط الخرطوم، دفعتها قسوة الحياة للخروج بحثاً عن عمل يسد رمقها وشقيقاتها البنات وتعليمهن. قدمت من أصقاع كردفان بعد أن توفي والدها وترك لها أشقاء وشقيقات صغاراً وأماً كبيرة في السن.
لم تتلق زينب تعليماً نظامياً، لكنها تعلمت من الحياة، فعملت بائعة أشربة وأطعمة شعبية تحت ظل شجرة في شارع البلدي، أحد أشهر شوارع وسط الخرطوم، تقدم لزبائنها الشاي والقهوة، وتعاملهم بطيبة لافتة، لكن ارتفاع أسعار السكر والشاي ومضايقات رجال البلدية، دفعاها للبحث عن مصدر دخل إضافي.
تلفتت زينب - ويطلق عليها زبائنها لقب «زوبة» تحبباً – يميناً وشمالاً وأشغلت ذهنها عصفاً، فاكتشفت أن معظم زبائنها، وهم صحافيون ومثقفون وخريجون بلا عمل، يجتمعون في المكان الذي يوجد به عدد من مقار الصحف، اكتشفت أنهم في الغالب يقضون ساعات النهار جوعى، والسبب أن دخولهم – إن كانت لهم دخول – لا تطيق ثمن وجبة في المطاعم أو الكافيتريات القريبة، والتي يتجاوز سعر أقل وجبة فيها 20 جنيهاً – أكثر من دولار قليلاً – فهداها تفكيرها لتقديم «البليلة» وجبة رخيصة مشبعة وغنية، ولا يتجاوز سعرها 5 جنيهات.
تسلق زينب «اللوبيا العدسية» في قدر كبير، وتقدمها لزبائنها بعدة طرق، الطريقة الغالبة بإضافة شرائح البصل وتتبل بالثوم والليمون، ويضاف لها الزيت والملح والفلفل الحار. أما الطريقة الثانية فيضاف لها السكر الأبيض وزيت السمسم، وعادة ما يتم تناولها «تحلية». أما الزبائن الذين أرهقهم الجوع فيستخدمونها إداماً مع الخبز، بعد أن تضاف لها «المحدقات» اللازمة وزيت السمسم، وعادة تؤكل على الطريقة السودانية «الفتة» ويقطع الخبز وتضاف إليه اللوبيا وجبة مشبعة وغنية.
يقول الصحافي محمد الخاتم، وقد كان قبل أن يعمل في وكالة أنباء مرموقة، زبوناً دائماً لزوبة، إن لزوبة عليه «ديناً كبيراً»، فقد كان يعتمد عليها وزملاؤه في إسكات جوعهم وهم بانتظار الرواتب أو وصول التحويلات المصرفية من وكالته، والتي غالباً ما تتأخر أو تأتي بطرق ملتوية بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد. ويضيف: «زوبة لا تسألنا عن الثمن، ندفع لها ما تيسر، وفي الوقت الذي نستطيع، ولولا وجبتها لربما أصابتنا الأنيميا وسوء التغذية».
ولا تعد اللوبيا وجبة سائدة، بل تقدم في بعض المناسبات ليس باعتبارها وجبة وحيدة بل إضافية، ويكثر استهلاكها بشكل مخصوص في شهر رمضان المعظم، لكنها وبفعل الظروف الاقتصادية تحولت لوجبة شعبية يتم تناولها من شريحة واسعة من محدودي و«مهدودي» الدخل.
تقول زوبة إنها تكسب من عملها ما يسد رمقها ويعين عائلتها على الكفاف، لكنها تفرح حين ترى السعادة تطفح من عيون الجوعى الذين يتحلقون حولها، تقول: «الناس للناس، لا يهمني الثمن بقدر ما يهمني أن يجد زبائني ما يسد رمقهم ويشبعون».
ووجبة اللوبيا العدسية غنية بالبروتينات والألياف، وحين يضاف إليها البصل وزيت السمسم تصبح وجبة كاملة، مشبعة، لذا لا تستطيع زوبة تلبية جميع الطلبات على وجبتها، ومع ذلك فهي زهيدة الثمن وتجعل من يتناولها يحس بالشبع طوال اليوم.
ويقدم الخيال الشعبي السوداني حلولاً لحظية لمعضلات تواجه الأفراد والمجتمعات، فبمواجهة ارتفاع أسعار الأطعمة في المدن، إذ يبلغ سعر أقل وجبة 20 جنيهاً – أكثر من دولار - فإن بائعات أطعمة الشوارع ابتكرن وجبات «جديدة» لم تكن معهودة في المائدة السودانية، وليست وجبة العدسية التي تقدمها زينب وحدها هي سيدة الوجبات المغذية رخيصة الثمن، فوجبة «الباكمبا»، وهي وجبة «حلوة» ومشبعة تقدم للناس بسعر زهيد، ويزداد الإقبال عليها بين جميع عمال وموظفي أطراف المدينة ووسطها أيضاً.
ولا يعرف من أين جاء اسمها، فاللهجة الشعبية تخلو من المفردة «باكمبا»، لكن أحد لاعبي كرة القدم المشهورين بقوة البنية الجسدية كان يحمل اللقب ذاته، ربما ما تحويه من سعرات حرارية هو السبب في أخذها اسم اللاعب الشهير. تصنع الباكمبا من مزيج القمح والكاستر والسكر وحبوب الذرة، وبعد طهوها تضاف لها مواد أخرى مثل الحلاوة الطحينية والسمن، وقد تجمل ببعض حبات الزبيب.
زبائن الباكمبا يحصلون على الطبق المشبع والغني بالكربوهيدرات بسعر زهيد لا يتجاوز 10 جنيهات – نصف دولار تقريباً – وهي مقارنة بطبق الوجبة الشعبية «الفول» التي يبلغ سعرها زهاء الدولار رخيصة جداً.
يقول بهرام عبد المنعم، إنه يتناول وجبة الباكمبا زهيدة السعر، فتعطيه سعرات حرارية وتزوده بحاجته من الطاقة طوال اليوم، ويدفع مقابل ذلك 10 جنيهات، بالمقارنة مع أرخص الوجبات الشعبية، ويضيف: «هي وجبة شهية وغنية ومشبعة، وبتناول كوب من الشاي بعدها لن تحتاج لشيء».
صانعة الباكمبا واسمها سيدة، 50 عاماً، تقطن أطراف الخرطوم، لكنها تحمل أوانيها ووجبتها إلى منتصف سوق الخرطوم «الأفرنجية»، وتقدم خدمتها لزبائنها الذين يتحلقون حولها على الكراسي الشعبية المعروفة بـ«البنبر»، ويأكلون وجبتهم بشهية، تقول: «إن لها زبائن دائمين كسبتهم من عملها في المكان ذاته لنحو 10 سنوات».
زينب وسيدة، ضمن سيدات دفعتهن الظروف للخروج للعمل، فابتكرن طعاماً سريعاً وخفيفاً ورخيصاً، فلاقى قبولاً بين شرائح العمال والموظفين في وسط المدينة، ومثلهما نسوة أخريات يقدمن الخدمة ذاتها في أماكن أخرى. الفقر وارتفاع الأسعار وتآكل الدخول شجع «أطعمة الشوارع»، بعد أن كان الأكل في المحلات والمطاعم العامة شأن الغرباء. لكن زبائنهن يبدون سعداء، فقد أكلوا وشبعوا ولم يدفعوا فوق طاقتهم.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.