الاتحاد الأوروبي ينتقد تدهور الحريات وحقوق الإنسان في الجزائر

تقريره أشار إلى سجن صحافيين أحدهم توفي وغلق فضائيتين

الاتحاد الأوروبي ينتقد تدهور الحريات وحقوق الإنسان في الجزائر
TT

الاتحاد الأوروبي ينتقد تدهور الحريات وحقوق الإنسان في الجزائر

الاتحاد الأوروبي ينتقد تدهور الحريات وحقوق الإنسان في الجزائر

قالت مصادر سياسية جزائرية، إن الاتحاد الأوروبي وجّه ملاحظات قاسية للجزائر في مجال حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية، بمناسبة اجتماع مع وفد حكومي جزائري رفيع جرى ببروكسل، أول من أمس، وتناول تقييم 12 سنة من الشراكة الاقتصادية والسياسية، بين دول الاتحاد والجزائر.
وأوضحت نفس المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الاتحاد الأوروبي انتقد غلق السلطات فضائيتين خاصتين، إحداهما في 2014 وتسمى «الأطلس» والثانية في العام التالي وتسمى «الوطن». وتم اتهام الأولى بـ«التحامل» على السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس وكبير مستشاريه. أما الثانية فقد استضافت زعيم جماعة متطرفة سابق، هاجم الرئيس بوتفليقة بشدة فتمت معاقبة القناة، من دون أن يتعرض المتطرف لأي متابعة.
وتناولت الانتقادات أيضا، حسب المصادر، سجن صحافيين بسبب مواقفهم من السلطات، وبخاصة سياسات الرئيس. ومن أبرز هؤلاء محمد تامالت، الذي توفي نهاية العام الماضي وهو سجين، متأثرا بإضراب عن الطعام شنه احتجاجا على اتهامه بـ«الإساءة إلى رئيس الجمهورية»، بواسطة قصيدة شعرية نشرها بالإنترنت. ودان القضاء تامالت بعامين سجنا نافذا.
أما الصحافي والناشط الحقوقي حسن بوراس، فتم وضعه في الحبس الاحتياطي العام الحالي، وبرأه القضاء أثناء المحاكمة.
وجاءت الانتقادات في إطار تقرير أعده الاتحاد الأوروبي، وشمل أيضا الأوضاع الأمنية في البلاد ونشاط المتطرفين ببعض مناطقها. وأشار إلى أن «التهديد الإرهابي لا يزال قائما رغم حديث المسؤولين عن استئصال شأفة المتطرفين».
وتعيب الجزائر على بلدان أوروبا أنها كانت تتعامل مع الجماعات المتشددة على أنها «معارضة مسلحة»، عندما اندلع الإرهاب مطلع تسعينات القرن الماضي. ويقول الجزائريون إنهم واجهوا الإرهاب من دون مساعدة شركائهم الغربيين، وبخاصة فرنسا، وإنهم كانوا أول من حذر من «البعد العابر للحدود للإرهاب».
وصرح وزير الخارجية الجزائري رمضان العمامرة، الذي ترأس الوفد، للصحافة ببروكسل، بأن بلاده خسرت 7 مليارات دولار منذ بدء تنفيذ اتفاق الشراكة مع أوروبا عام 2005. ويعود السبب إلى تفكيك التعريفة الجمركية، بالنسبة للبضائع الأوروبية من دون أن يكون بإمكان الجزائر تصدير أي منتج إلى أوروبا، بسبب ضعف القدرات الإنتاجية للبلد.
وتبلغ الصادرات الأوروبية للجزائر، كل سنة، 22 مليار دولار على الأقل. وما عدا النفط والغاز لا تصدر الجزائر أي شيء إلى الخارج، لذلك عندما انهارت أسعار المحروقات واجهت أزمة خانقة اضطرتها إلى إلغاء كل مشروعات التنمية.
وقال العمامرة معبرا عن خيبته من نتائج تطبيق اتفاق الشراكة: «إننا نعتزم القيام بكل ما يجب، من أجل استفادة أفضل من اتفاق الشراكة والتركيز مع الأوروبيين وبثبات على المستقبل. مستقبل يكون أفضل للطرفين». وأشار إلى أن «التقييم المشترك لاتفاق الشراكة، سمح بقراءة أفضل لأحكام الاتفاق حتى يخدم أكثر مشروعات التنمية بالجزائر». وأضاف: «لاحظنا تباينا هيكليا في الكيفية التي طبق بها الاتفاق وقد كان لمصلحة أوروبا، وحان الوقت للتفكير في مصلحة الجزائر التي تحترم تعهداتها المنصوص عليها في الاتفاق».
وصرح المفوض الأوروبي للسياسة الأوروبية للجوار، يوهانس هان، بأن الجزائر «شريك رئيسي» للاتحاد الأوروبي. وأوضح أن الاتحاد الأوروبي، يرغب في إطلاق مشروعات بالجزائر من شأنها استحداث مناصب شغل جديدة. وقال: «هدفنا مساعدة الجزائر على تذليل الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها حاليا، وإقامة علاقات أكثر متانة بينها وبين المؤسسات الأوروبية».
وتم التوقيع بمناسبة الاجتماع، على عقود تتضمن مشروعات لفائدة الجزائر بقيمة 40 مليون يورو، ستخصص لتنويع الاقتصاد وتحسين مناخ الأعمال، وتطوير الطاقات المتجددة وتحديث النظام المصرفي.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.